الحل في صحافة الحلول

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

نعيش أوقاتاً لا يمكن أن تمر دون خبر جلل يعصف باستقرار المجتمعات وأحياناً الدول، ما بدأ يضيق دائرة الأمل على ملايين البشر ممن يرتبط استقرارهم باستقرار الحياة العامة ومختلف قطاعاتها مثل الاقتصادية والصحية والبيئية. وفي حين تتسابق وسائل الإعلام والمنصات الإخبارية المختلفة لنقل كل ما هو مثير بشكل سلبي أو إيجابي، تمتد آثار هذه الممارسات لتطال الأمن النفسي والصحي للمتلقين. فهل يمكن أن تمثل صحافة الحلول حلاً لهذه التحديات الجديدة؟
تشير ورقة علمية منشورة عبر موقع «بي إم سي» الى أن التأطير السلبي للأخبار له تأثير مماثل في مشاعر القراء، كما أن المشاعر السلبية تزداد بعد الأخبار المتعلقة بالأزمات، حيث إنها غالباً ما ترتبط المشاعر المختلفة بتفضيلات القراء وقراراتهم خصوصاً في الشؤون السياسية والاقتصادية والقضايا ذات الأهمية، مما يساهم بتشكيل الآراء والتوجهات في قضايا مثل البيئة والصحة العامة، فهل هناك تحديد مسبق للمسار العاطفي للقارئ؟ بما أن المشاعر يتم تشفيرها من قبل الصحفيين وصناع المحتوى في المواد الإخبارية والقصص، ويتم فك تشفيرها من خلال المتلقي، إذن هناك تأثير يتم اكتشافه من خلال ردود الفعل اللاحقة التي باتت تظهر بشكل فوري عبر الصفحات الشخصية للمتلقين، خصوصاً إذا كان المحتوى ذا قطب عاطفي عال. فأين يأتي دور صحافة الحلول في هذه الزاوية؟.
ظهر مفهوم صحافة الحلول في ثمانينات القرن الماضي، وبات واضح الملامح من خلال ممارسات صحفية لمؤسسات بارزة مثل صحف «نيويورك» و«ذا غارديان» و« بي بي سي» من خلال استحداث مشاريع داخل المؤسسات يطلق من خلالها الصحفيون سلسلة قصص موجهة نحو قضايا مختلفة مثل التعليم، المرأة، التغير المناخي، المساواة وغيرها.
تعتمد هذه الصحافة على نهج الاستجابة للمشاكل الاجتماعية من خلال فحص الزوايا المختلفة المتعلقة بقضية ما، بحيث يتحول دور الصحافة من المراقبة إلى التأثير والتغيير، في استكمال لدور الصحافة الاستقصائية، ومع استمرار اكتساب هذه الصحافة الحلول الشعبية وقبولاً أكبر، فهي يمكن أن تساهم في تشكيل مشهد إعلامي أكثر إيجابية، بل وتساهم في زيادة المشاركة العامة وتحفيز المتلقين على اتخاذ إجراءات جماعية بناءة وتخدم مجتمعاتهم، وتعزيز الأساليب التعاونية بين القطاعات المختلفة وصانعي السياسات والخبراء، ومكافحة ظاهرة «الإرهاق الإعلامي» التي تؤدي إلى نزع الحساسية واللامبالاة عند الجماهير، من خلال تقديم قصص ملهمة وأكثر انفتاحاً على المستقبل.
بقي أن نؤكد أن صحافة الحلول لا تتعلق بتجاهل المشكلات، بل تتعلق بتقديم نهج أكثر شمولية للتقارير والقصص الإخبارية، من خلال التركيز على التحديات والحلول على حد سواء، وهذا النوع هو ما يحتاج اليه الصحفيون حتى يتحولوا إلى مهنيين شموليين، كما يحتاج اليه القراء كذلك ويعزز مواقفهم الاستباقية تجاه قضايا مجتمعاتهم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xxcre4j

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"