عادي

التقوى.. فلاح في الدنيا والآخرة

22:26 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

مهمة الإنسان في الأرض هي طاعة الله، سبحانه وتعالى، والتزام أوامره؛ إذ إنه خليفة الله في الأرض، والمُستَخلَف يسير وفق ما أمر المُستخلِف، سواء وافق ذلك هواه أم لا، والانقياد لأمر الله والتزام شرعه والابتعاد عمّا نهى عنه، يُسمى بالتقوى، فما التعريف الاصطلاحي للتقوى؟

كَثُر تعريف العلماء للتقوى، وقيل فيها الكلام الكثير، ودعونا نقف مع المعنى اللغوي أولاً ثم المعنى الاصطلاحي، التقوى لغة أُخذت من مادة (وقى) وهي حفظ الشيء وصيانته من أن يصيبه أذى، أي حينما يخاف الإنسان شيئاً ما ولكي يحفظ نفسه يضع بينه وبين ذاك الشيء وقاية وحاجزاً، فيمنع وصول ما يخاف إليه، وهذا المعنى قريب من المعنى الاصطلاحي.

يقول الله، سبحانه وتعالى، في كتابه الكريم ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) آل عمران: 131؛ فالمتقي يخاف عقاب الله، ويخشى النار؛ لذا يسارع في الطاعات، وفي اجتناب الموبقات، لتكون له وقاية من العذاب الأليم، ومن المعاني الاصطلاحية للتقوى، ألا يفقدك الله حيث أمرك، وألا يجدك حيث نهاك، وهذا المعنى شامل؛ إذ إن الله أمر عبده بأن يلتزم تعاليم دينه؛ أي يكون بين المصلين والصائمين، مؤدياً سائر العبادات، ونهاه في الوقت ذاته باجتناب المعاصي، فالتقوى في حق العبد هنا ألا ينظر الله للمصلين فلا يجد عبده بينهم، ثم ينظر لأصحاب المعاصي فيجده أحدهم، فإنه بذلك قد خالف أمر ربه.

التقوى تورث في القلب الطمأنينة، ولكي يصل العبد إليها، لا بد من مجاهدة النفس فهي تشابه مرتبة الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فالمتقي خشيته من الله وحده، والمتقي ظاهره كباطنه؛ بل إنه في باطنه أشد خشية وخوفاً من الله، والسؤال الآن إذا وصل العبد إلى مرتبة التقوى فما الثواب الذي أعده الله له؟

للإجابة عن هذا السؤال، لا بد في البداية من التأكيد أننا كلنا عبيد لله، وحينما نصل إلى مرتبة التقوى، فإننا نصل إلى ما أمرنا الله به، فلا فضل ولا منّة لنا، لكن الجواد الكريم مع ذلك يكرمنا، ويتفضل علينا بجميل الأجر منه، سبحانه، ومما ورد في القرآن من ثواب المتقين، أن التقوى سبب للتفاضل بين العباد، فالفضل والأجر عند الله ليس بالنسب ولا بالجاه والمال وإنما بالتقوى ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ الحجرات:13، كما أن المتقي له البشارة في الدنيا والآخرة ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ يونس:62–64، وقد أعد الله الرزق للمتقي من حيث لا يحتسب ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ الطلاق:2–3، وكتب له التيسير في أمره ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ الطلاق:4، وكفّر عنه سيئاته ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ٥﴾ الطلاق:5. اللهم اجعلنا من المتقين الأبرار الذين يفوزون برضوانك في الدنيا والآخرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4nrw7vxz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"