مهاجرو المناخ

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

العالم على موعد مع نوع جديد من المهاجرين، غير أولئك الذين ساقتهم أحلامهم إلى أن يحطوا رحالهم في دول، مَنُّوا أنفسهم أن يحظوا فيها بحياة أفضل من تلك التي عايشوها في بلاد ذاقوا من مرارة العيش فيها الكثير.. مهاجرون لا يبحثون عن فرص عمل، أو جنسية جديدة، أو حياة هَانِئَة، همهم الوحيد أن ينجوا بحياتهم من طقس أطبق عليهم بدرجات حرارته المرتفعة، التي أصبح التعايش معها شيئاً يفوق مقدرتهم، ومقدرات بلادهم.

مهاجرو المناخ، هذا المصطلح القديم المتجدد، طفا مؤخراً على السطح مع تسجيل العالم درجات حرارة لم يسبق أن شهدها، ما يؤكد خطورة المرحلة التي وصلت إليها ظاهرة الاحتباس الحراري، التي أشعلت النيران في عدد كبير من الغابات في إفريقيا وأوروبا وأمريكا، ووصلت بدرجات الحرارة إلى ما فوق الخمسين في دول، لم يسبق لشعوبها أن عاشت أجواء مماثلة في صيف حارق يعتبر شهره الماضي الأكثر سخونة، خلال العقود العشرين الماضية. 

بحسب ذاكرتنا القصيرة، يعتبر الأيرلنديون من أوائل مهاجري المناخ، حيث تسبب تلف محصول البطاطا في أيرلندا في عام 1845 في هجرة ملايين الأيرلنديين إلى الولايات المتحدة، بسبب المجاعة القاتلة، وما نعيشه اليوم من احتباس حراري، ينذر بحدوث موجات هجرة مشابهة، وهو ما أكده تقرير سابق للبنك الدولي، اعتبر فيه تغيّر المناخ أحد عوامل الهجرة التي تزداد قوة يوماً بعد يوم، ما قد يجبر 216 مليون شخص في ست من مناطق العالم على الارتحال داخل حدود بلدانهم بحلول عام 2050.

التقرير الذي أشار إلى إمكانية ظهور بؤر ساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ بحلول عام 2030، خلص إلى أنَّ التحرك سريعاً لاتخاذ إجراءات فورية ومُنسَّقة لدعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع، قد يحد من نطاق الهجرة، بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى 80%.

التغيّر المناخي الذي بدأ بالتكشير عن أنيابه، مدشّناً نوعاً جديداً من هجرات جماعية تفوق في أعدادها أعداد مهاجري الحروب والنزاعات، يستدعي تحركاً عالمياً، لتحديد البؤر الساخنة للهجرة والمناطق التي من المتوقع أن يرحل عنها الناس، بسبب تزايد شحّ المياه، وتناقص إنتاجية المحاصيل، وارتفاع منسوب مياه البحر، ووضع حلول تسهم في تحسين نوعية الحياة فيها، وهو ما يستدعي تضافر جهود الجميع، على اعتبار أن مسألة التغير المناخي والاحتباس الحراري، تحتاج إلى حراك عالمي موحد لتحقيق ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر باريس، للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بحدود درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة الحديثة، والسعي جاهداً إلى الحد من ارتفاعها إلى 1.5 درجة مئوية، ومساعدة الدول المتأثرة بالتغير المناخي على زيادة قدرتها التكيفية، وتعزيز التمويل لتنفيذ إجراءات مكافحة التغير المناخي. 

«كوب 28» الذي تستضيفه الإمارات في شهر نوفمبر المقبل، سيكون عليه وضع حلول لأبرز المشكلات المناخية العالمية، وهو ما ستعمل عليه الإمارات التي تؤكد أن الدورة ال 28 من مؤتمر الأطراف، ستشكل لحظة مفصلية في العمل المناخي العالمي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/493wdnhn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"