وصفة العداء للسامية

04:32 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

في كل مرة ترى فيها الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» نفسها أمام اتهامات بارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو انتهاكات مختلفة للقانون الدولي، تخرج هذه الطغمة من أدراجها، ما يمكن تسميته بوصفة العداء للسامية، التي تعتقد أنها مخرجها الوحيد؛ للهروب من الاتهامات الموجهة إليها.
فبعد قرار رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، مؤخراً، والقاضي بإجراء تحقيق كامل حول ارتكاب «إسرائيل» جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية، جن جنون قادة الاحتلال، الذين ستطالهم المحاسبة القانونية، فيما لو تم تفعيل هذا القرار بشكل جدي.
وشن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، هجوماً جديداً على المحكمة الجنائية، زاعماً أن قرارها بالتحقيق مع «إسرائيل» يشكل «معاداة للسامية».
وأضاف: «تعتقد المحكمة الجنائية الدولية أن اليهود ليس لهم الحق في الاستقرار في وطننا اليهودي التاريخي أو في الدفاع عن أنفسنا ضد أعداء يسعون لإبادتنا». معتبراً أن تاريخ قرار المحكمة الجنائية الدولية «يوماً أسود».
بالنسبة لما سماه الحق والعدالة، يتم خلاله تحويل المحكمة الجنائية الدولية إلى سلاح سياسي في إطار الكفاح ضد «إسرائيل». على حد تعبير نتنياهو الذي وحسب صحيفة «هآرتس» يعد مع كل من ليبرمان وجانتس، ورئيس الأركان الحالي أفيف كوخافي، من الأسماء التي يمكن أن تكون مطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية، فيما أعلنت الإذاعة «الإسرائيلية» أن المسؤولين «الإسرائيليين» من عسكريين وسياسيين باتوا الآن أمام احتمالية الاعتقال إذا سافروا إلى 100 دولة في العالم.
وترافقت تصريحات نتنياهو ضد المحكمة الجنائية الدولية مع حملة إعلامية، حاولت خلالها وسائل الإعلام «الإسرائيلية» تشويه صورة المدعية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، وكيل الاتهامات الكاذبة والمضللة لها، لا سيما وأن بنسودا أكدت أن كافة المعايير لفتح التحقيق الجنائي قد توافرت، ما يعني أنها جاهزة لفتح تحقيق دولي.
وبغض النظر عن الجدل الذي أثاره قرار رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، ورفض «إسرائيل» التي تتمتع بتغطية أمريكية كاملة لجرائمها، فإن ما يلفت الانتباه هنا هو أن تهمة العداء للسامية، تبدو بنظر القادة «الإسرائيليين» الوسيلة الأسهل؛ للهجوم على المحكمة الجنائية الدولية، طالما أن الماكينة الإعلامية الصهيونية في الغرب، استطاعت أن تسوق فكرة العداء للسامية، على أنها تشمل أي انتقاد ل«إسرائيل» مهما كان نوعه، في إطار عملية غسل الأدمغة التي برعت فيها الدعاية الصهيونية، المتحالفة مع القوى الاستعمارية الغربية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هو هل ستتمكن المحكمة الجنائية الدولية من فتح تحقيق في ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية في ظل الدعم القوي الذي تتلقاه «إسرائيل» من الغرب والولايات المتحدة خاصة؟
فرفض التحقيق لم يقتصر على «إسرائيل» التي اعتبر رئيس وزرائها أن المحكمة غير مختصة بالعمل في الأراضي الفلسطينية؛ بل إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أعلن أن الولايات المتحدة «تعارض بحزم» أي تحرك للمحكمة الجنائية الدولية ضد «إسرائيل» زاعماً أن الفلسطينيين غير مؤهلين كدولة ذات سيادة، ولهذا هم ليسوا بمؤهلين للحصول على عضوية كاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية؛ وهو موقف يصب في مصلحة «إسرائيل» ويضرب عرض الحائط بالقانون الدولي كله، خاصة وأن فلسطين منضمة رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية. كما أن موقف بومبيو يتطابق تماماً مع موقف نتنياهو، الزاعم بأن المحكمة غير مختصة بالعمل في الأراضي الفلسطينية؛ بحجة أن المحكمة الجنائية الدولية لها سلطة فقط لنظر الالتماسات التي تقدمها دول ذات سيادة. ولا وجود لدولة فلسطينية، على حد زعمه.
وهكذا نرى من جديد كيف تصطف الولايات المتحدة مع «إسرائيل» مرة أخرى؛ لتثبت أنها شريكة؛ بل مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي فإن على المجتمع الدولي أن يكون واضحاً في التعامل مع ما يجري من انتهاكات صريحة للقانون الدولي، وجرائم يومية بحق الشعب الفلسطيني.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"