عادي

«الفرنك الإفريقي».. قصة عُملة فرنسية استعمرت القارة السمراء

22:56 مساء
قراءة دقيقتين

أصبحت النيجر آخر دولة في غرب إفريقيا يستولي فيها الجيش على السلطة، بعد بوركينا فاسو، غينيا، مالي وتشاد، وجميعها مستعمرات فرنسية سابقة. ما يثير التساؤل عما إذا كانت فرنسا، بإرثها الاستعماري، تتحمل مسؤولية هذا الأمر، نظراً لتنامي الرغبة لدى هذه الدول الإفريقية في فك الارتباط بالمستعمر السابق، وفتح المجال مع جهات أخرى.

ورغم هذه المحاولات الإفريقية في سياق الابتعاد عن النفوذ الفرنسي، إلا أن عملية فك الارتباط الاقتصادي مع باريس ليست بهذه السهولة، خاصة في ظل التبعية المالية والاقتصادية التي فرضت عليها بسبب «الفرنك الإفريقي»، الذي يطبع في البنك المركزي الفرنسي ويرتبط باليورو.

كيف بدأت القصة؟

تعود قصة «الفرنك الإفريقي» إلى مرحلة التحرر من الاستعمار الفرنسي في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، فبعد أن نالت 14 دولة استقلالها (مجموعة الدول الفرنسية) في 1960، أرغمت باريس هذه الدول على استخدام عملة موحدة وهي «الفرنك CFA» اختصاراً ل Communauté Financière Africaine أو المجتمع المالي الإفريقي.

ومن خلال الفرنك الإفريقي نجحت فرنسا في الحفاظ على دورها في الهيمنة الاقتصادية على اقتصادات هذه الدول، والسيطرة على 14 دولة بالقارة السمراء (منهم 12 مستعمرة سابقة لها) منذ ذلك الحين.

أقدم الاتحادات النقدية

تعتبر منطقة الفرنك الإفريقي من أقدم الاتحادات النقدية في العالم، إذ يناهز عمرها سبعة عقود، إلا أنها الأضعف، بالنظر إلى المؤشرات التنموية والاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول التي تعاني عدم الاستقرار السياسي والصراعات المسلحة وتنامي الجماعات التكفيرية والانفصالية، فضلاً عن نزوح الآلاف من سكانها إلى الهجرة السرية نحو أوروبا بحثاً عن موارد الرزق والعيش الكريم، على رغم ثرواتها الطبيعية الكبيرة.

وتضم المنطقة مجموعتين نقديتين، وهما «الفرنك الوسط إفريقي» ويستخدم في كل من الكاميرون والكونغو وغينيا الاستوائية والغابون وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد، أما «الفرنك الغرب إفريقي» فيستخدم في بنين وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغينيا بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو.

سياسة نقدية مستقلة!

بحسب بيانات لوزارة الخارجية الفرنسية، فإن فرنسا لا تفرض استخدام هذه العملة، وأنه يجوز لكل بلد أن يخرج من منطقة الفرنك، سواء على نحو مؤقت كما فعلت مالي، أو نهائياً مثل غينيا وموريتانيا، ومدغشقر. كما يجوز الانضمام لها كما فعلت غينيا - بيساو التي تعتبر البلد غير الفرنكوفوني الوحيد بمنطقة الفرنك.

لكن على الجانب الآخر، الفرنك الإفريقي مرتبط بقوة باليورو الأوروبي بواسطة اتفاق يحدد سعر صرف ثابت لهما مقابل اليورو، هذا يعني أن السياسة النقدية للفرنك CFA تُحدد من قِبل البنك المركزي الأوروبي، الأمر الذي يحول دون انتهاج سياسة نقدية مستقلة. وتدفع تلك الدول المتعاملة بالفرنك الإفريقي ما يصل إلى 65% من احتياطاتها النقدية للخزينة الفرنسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2dee4fsx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"