أوكرانيا بين بالي ودلهي

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن
ليست واشنطن وحدها من تشعر بالرضا من نتائج قمة العشرين في دلهي. موسكو أيضاً تبدو راضية، حتى لو ظهر في الأمر مفارقة، لكن للطرفين أسبابهما في الرضا. غياب رئيسي الصين وروسيا عن حضور القمة مكسب معنوي لواشنطن بالتأكيد، لكن موسكو وجدت في ما نصّ عليه البيان الختامي حول الحرب في أوكرانيا مكسباً معنوياً لها أيضاً.

جاءت الصيغة المخففة للجزء المتصل بهذه الحرب في البيان المذكور مخالفة لتوقعات قيلت قبيل القمة، بلغت حدّ احتمال ألا يصدر عنها بيان ختامي بسبب الخلافات حول الموضوع، فجاء هذا البيان أقلّ حدة بكثير من بيان قمة العشرين السابقة في جزيرة بالي الإندونيسية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الذي دان «بأشد العبارات العدوان الروسي على أوكرانيا». ومع استمرار الحرب واتساع نطاقها واشتداد حدّتها وبلوغها منعطفات خطيرة، كانت أوكرانيا، ومعها الغرب، تتوقع لهجة إدانة أشد هذا العام، أو على الأقل الإبقاء على روح النص السابق، وهذا ما لم يحدث، فالإعلان الذي توافقت عليه الدول بالإجماع تجنب إدانة روسيا بسبب الحرب، مكتفياً بإبراز المعاناة الإنسانية التي تسبب بها الصراع، ودعوة جميع الدول إلى الامتناع عن استخدام القوة للاستيلاء على الأراضي.

يقول محللون: «من الصعب على أوكرانيا أن ترى غياب أي إشارة إلى «العدوان» الروسي، ولا ترى ذلك إلا باعتباره دلالة على أن داعميها الغربيين يفقدون حجتهم مع (الجنوب العالمي) حول كيفية توصيف الحرب»، لذا أعربت كييف عن خيبة أملها مما نص عليه الإعلان حول تلك الحرب، وقال المتحدث باسم وزارة خارجيتها: «إن قمة العشرين ليس لديها شيء تفخر به»، بينما شكر «أولئك الذين حاولوا إدخال صياغة قوية في النص»، قاصداً بذلك استبدال العبارة المحايدة «الحرب في أوكرانيا» بالعبارة الأكثر وضوحاً «الحرب ضد أوكرانيا»، فيما غاب اسم روسيا كطرف في الحرب، ويفترض أنها المعنية بالإدانة، من وجهة نظر كييف.

من جانبه وصف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قمة مجموعة العشرين في دلهي بأنها كانت ناجحة وأن مجموعة العشرين تعيش الآن إصلاحاً داخلياً، موجهاً شكره للرئيس الهندي على جهوده في إنجاح القمة، وكذلك إلى «أعضاء مجموعة العشرين من الجنوب العالمي الذين عملوا بوضوح وإصرار، مع الدور القيادي للهند، على أخذ مصالحهم بعين الاعتبار في الاتفاقيات التي بحثتها مجموعة العشرين، ونجحت في تضمينها بإعلان القمة»، فيما وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، البيان بأنه «منعطف مهم» نحو «تصويت بالثقة بأن مجموعة العشرين يمكنها أن تجتمع لمعالجة مجموعة من القضايا الملحة».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yd493n5x

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"