شهود على المعاناة

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

العالم كله تساوى، يخال لك وأنت تشاهد النشرات الإخبارية والجوية أنك أمام «بازل» أراد به أحدهم شقلبة الكرة الأرضية ببحارها وغاباتها ومحيطاتها ومناخها، فتداخلت الأمور وارتبكت الطبيعة واحتار المناخ أي الدروب يسلك، وخرجت الأمور عن السيطرة.. ولم يعد للصيف ملامح معروفة ولا كان الربيع ربيعاً ولا الشتاء مألوفاً ولن يكون لنا مع الخريف نفس المواعيد المعهودة سابقاً، كل الفصول واحدة وجسم الأرض مريض.
زلازل وحرائق وفيضانات وسيول وأعاصير.. والبشر يهربون من دولة إلى أخرى ليس لأنها هذه أكثر أماناً من تلك، بل لأنها ما زالت مستكينة ويمكن أن يسكنوها ولو إلى حين، فأمام الزلازل فلا يمكن التكهن بما هو آت، حتى أهم الأرصاد لا تستطيع منع كارثة أو الحؤول دون وقوعها في أي بقعة من الأرض ولا حماية البشر من تبعاتها التي تؤدي إلى سقوط ضحايا ومصابين بالمئات والآلاف وتشرُّد شعوب وخسائر مادية لا تحصى.
لم ننس الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير الماضي، بل ما زلنا نرتعش لمجرد استعادة المشهد المرعب وأعداد الضحايا. وتوالت زلازل متفرقة حول العالم حتى وقع زلزال المغرب قبل أيام مخلفاً كارثة أودت بحياة ما يقرب من ٣٠٠٠ شخص وإصابة أكثر منهم، تلاه إعصار «دانيال» في ليبيا، حيث أكثر من خمسة آلاف شخص لقوا حتفهم وأكثر من عشرة آلاف في عداد المفقودين وانهيار سدين أدى إلى زيادة تدفق المياه إلى المناطق المنكوبة.. أمطار غزيرة أدت إلى فيضانات وانهيارات وكوارث في اليابان، كذلك عرف جنوب البرازيل كارثة مشابهة وأعلنت الدولة حالة الطوارئ، وفيضانات في باكستان، وحرائق تسبب بها هذا الصيف ارتفاع الحرارة الشديد في البحر الأبيض المتوسط ​​من اليونان إلى إسبانيا.. كذلك وقع ضحايا إثر اندلاع الحرائق في الفلبين.
تغيرات غير مسبوقة، وما يحصل من موجات حارة عنيفة تضرب مناطق مختلفة حول العالم، «سوف تصبح أمراً مألوفاً خلال السنوات العشر المقبلة، بل إن القادم سيكون أسوأ» وفق علماء الأرصاد، فإلى أين سيصل العالم؟ وكيف ستكون الأحوال الاقتصادية مستقبلاً، إذا كانت الكوارث الطبيعية في العالم قد تسببت بخسائر بقيمة نحو ١٢٠ مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري فقط؟! لسنا خبراء ولا علماء أرصاد وأحوال جوية ومناخية، لكننا شهود على معاناة الأرض وما فعله الإنسان بها وبغلافها الجوي، ونكاد نجزم بأن ما يحصل من تقلبات وكوارث واضطرابات متتالية لم يعرفها العالم من قبل، ويبدو أنه سيعتاد عليها ولا بد أن يستعد لما هو أصعب غداً وبعده.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xyhf4eh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"