بليغ حمدي

وجّه الأديب السعودي هاشم الجحدلي على صفحته في «فيسبوك»، سؤالاً لأصدقائه، عن أحبّ ألحان بليغ حمدي إلى نفوسهم، بمناسبة مرور عيد ميلاد الملحن الكبير، في الثاني عشر من شهر سبتمبر الجاري، ورغم قلة من أجابوا مباشرة عن السؤال، إلا أن اسم أغنية «العيون السود» التي غنتها وردة الجزائرية تكرر. وكتب أحدهم يقول ما فحواه: «ما يسكن ذاكرتي مشهد بليغ وهو يمسك بالعود ووردة بجانبه، وهما يؤديان الأغنية»، وهو مشهد شهير بدا كأنه «بروفة» للأغنية، بعد أن لحن بليغ كلماتها لتغنيها وردة، وهناك من أورد أغنية «سيرة الحب» للسيدة أم كلثوم كلحن مفضل وضعه بليغ، التي يقال إن الشاعر صلاح جاهين وصفها ب «الابنة المراهقة لأغنية أنت عمري».
في تقرير لصحيفة «المصري اليوم» قبل عام، أورد أسماء لعدد كبير من الأغاني الشهيرة التي لحّنها بليغ حمدي، وغناها عمالقة الأغنية المصرية والعربية يومها، مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وجرى التوقف بالذات عند جمله اللحنية ومقدّمات الأغاني التي طالما كانت عنصراً أساسياً في نجاح أغان مثل «حب إيه»، «حكم علينا الهوى»، «الحب كله»، «ألف ليلة وليلة»، وبدأ بليغ في التلحين لكوكب الشرق، ولم يكن قد بلغ الثلاثين من عمره، ومعروفة عند الجميع صرامة أم كلثوم في اختيار من يلحن لها، وهي التي اعتادت التعاون مع ملحنين كبار، ولكن النبوغ الموسيقي المبكر لبليغ أقنعها بأن تغني له.
لا تقل شهرة ونجاحاً ألحان بليغ لعبد الحليم حافظ مثل «خايف مرة أحب» و«أعز الناس» و«سوّاح» و«على حسب وداد قلبي»، وغيرها من أغان وصلت إلى 30 أغنية، وكان أول لحن قدّمه للعندليب الأسمر هو أغنية «تخونوه»، فيما كان أول ألحانه لأم كلثوم أغنية «حب إيه» عام 1960، بعد أن زكاه لها الموسيقار محمد فوزي، وحققت الأغنية نجاحاً كبيراً.
ليس الفن وحده ما جمع بين بليغ ووردة الجزائرية، وإنما الحب أيضاً، فقد تعلق بليغ بوردة، هي التي وصفته ب «الإنسان والفنان الرائع والزوج الفاشل»، وبالفعل كانت «العيون السود»، من أبرز ما غنته وردة من ألحانه، إضافة إلى «خليك هنا»، «حنين»، «لو سألوك» و«اسمعوني».
ينقل أيمن الحكيم قولاً لبليغ، نراه بليغاً، جاء فيه: «أتيتُ الدنيا لألحن، تلك كانت رسالتي، تاركاً الحكم على قيمة ما لحنته للتاريخ». 
وحين سئل عن حياته قال إنه لخّصها في الأغنية التي تقول: «لا القلب يوم ارتاح ولا بطّل سفر. قلبي كده. سفر. سفر. الدنيا سفر وفراق وسفر.. والقلب يا ناس مشتاق للسفر». إنه السفر في الروح الذي صنع لنا البهجة.
[email protected]