الذكاء الاصطناعي.. أبيض أم أسود؟

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

حديث الناس اليوم وخوفهم من المستقبل الآتي، هو هذا الذكاء الاصطناعي الذي جعله البعض يبدو في عيوننا كالبعبع القادر على ابتلاع كل شيء وتغيير نظام حياتنا وتدمير مستقبل أبنائنا والتشويش على أفكارهم والحد من ذكائهم وقدراتهم، بينما يقدمه لنا البعض الآخر باعتباره المنقذ القادر على حل كل المعضلات وأن يكون النموذج المثالي البديل للإنسان في مكان عمله وحتى في حل المسائل العلمية وإجراء العمليات والتمريض واستقبال العملاء وكتابة المقالات وإجراء الأبحاث وتدوين الملاحظات.. 
قادر الذكاء الاصطناعي على فعل كل شيء، لكنه سيبقى دائماً وأبداً اصطناعياً، عاجزاً عن التصرف من تلقاء نفسه لأنه يحتاج إلى تلقي المعلومة من الإنسان نفسه، ويمشي ويتصرف ويتحدث وفق مجموعة بيانات زرعها الإنسان فيه، ووفق مخزون سيبقى محدوداً لأنه غير قابل ولا قادر على تطوير نفسه بنفسه أو إضافة أي شيء لم يتلق أمراً بحفظه وتخزينه؛ فلم يخاف منه الإنسان؟ ولماذا ينتشر الحديث عنه وكأنه المتحكم بعالم المستقبل؟ 
ليس الخوف من الآلة بحد ذاتها، سواء صنعوها على شكل بني آدم وألبسوها أجمل الأزياء وصرنا بالكاد نميزها عن الإنسان المخلوق من لحم ودم، وبفضل الذكاء الاصطناعي منحوها صوتاً ونبرة وابتسامة وحركات بدنية تخدع من يراها، إنما الخوف ممن يتحكم في صناعتها ومن الشر الكامن في نفوس الناس الباحثين عن الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي وكيفية استغلاله لصناعة الشر وتدمير ما يمكن تدميره من الحياة الطبيعية والاستقرار والقضاء على مفهوم بناء مستقبل أكثر أماناً واستقراراً. 
لكل شيء في الحياة وجهان، ولك أن تختار مع أي وجه تريد التعامل وأي الوجهين يخدمك في تعمير الأرض وازدهارها؛ أبيض أم أسود؟ أين تصب طاقتك وقدراتك؟ أي كفة تريدها أن ترجح في حياتك وبيتك ووطنك وعالمك؟ الذكاء الاصطناعي.. أبيض أم أسود؟ هو ابتكار، ثمرة تطورات علمية جاءت بعد سنوات طويلة من اختراع الإنسان للآلة والحاسوب والتكنولوجيا بمختلف أنواعها.. فكيف له أن يصير هاجساً وكابوساً يؤرق المفكرين والباحثين عن مستقبل الإنسان والحياة العلمية والاجتماعية؟ 
الخوف دائماً من الإنسان لا من الآلة، والخوف من ذكاء الإنسان القادر على خلق وسائل متعددة يكون هدفه منها خيراً ثم يأتي من يسيء استخدامها واستغلالها، من أصغر الابتكارات إلى أعظمها، وحده الإنسان قادر على التحكم بمنافعها وبسلبياتها، من سكين ابتكره الإنسان ليقطع الطعام ويأكله ثم استغله ليقتل به أخاه الإنسان، إلى كل ابتكار علمي وتطوير تقني وفني يمكن أن يهدد حياة البشر على هذه الأرض.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24h7fvwm

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"