لا يوجد إعلام جديد

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

مع أننا نعيش عصر التقنيات الحديثة، وثورة الاتصالات، وتنامي شبكة الإنترنت واتساعها، وظهور أدوات للتفاعل ونقل الخبر، لم تكن معروفة سابقاً، ومع أننا نتلقى يومياً سيلاً من الأنباء والمعلومات، إلا أن ما يسمى بالإعلام التقليدي، وأدواته المعروفة، ما زالت ماثلة ولها قوة في الحضور، وسطوة وتميز تشد القراء، لأنها تستند على جوانب وركائز، ما زالت تلك التطبيقات والأدوات الحديثة ضعيفة فيها. من هذه الركائز، على سبيل المثال لا الحصر، المصداقية، وهي نقطة جوهرية ولها حضور قوي. يمكن أن نقرأ على أي من تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي أنباء محملة بالصور، لكنها حسابات غير معروفة، هنا نضطر للعودة نحو وسائل الإعلام المعهودة الموثقة. يسمي البعض تلك التطبيقات، ومواقع التواصل الاجتماعي، وسائل الإعلام الحديث، وأجد أن هذه التسمية غير دقيقة، لأننا سنلاحظ أن وسائل الإعلام المعهودة والمعروفة، لها حساباتها وتفاعلها وحضورها على تلك المواقع والتطبيقات، وتعمل على تعزيز المصداقية أمام سيل جارف من التزوير، وتعمد سرد الأحداث بعيداً عن جوهرها، أو بعيداً عن أرض الواقع.
سمحت شبكة الإنترنت بأن يكون كل واحد منا ناقلاً للحدث، لأننا نصور، ونكتب تعليقاً مختصراً، ثم نبثه على أي من مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك أناس آخرون سيقومون بنفس الآلية التي قمنا بها، وفي لحظة، سنجد عشرات أو مئات من الحسابات تتكلم عن حادث وقع، وهناك تفاعل، حيث سيقوم أحدهم بالتحدث عن الوفيات، وسيضع رقماً وفق مرئياته وتخمينه، دون الاعتماد على جهة باشرت التحقيق في الحادث، ومن هنا يبدأ سيل من التهويل، حتى يخرج ذلك الحادث الصغير المتواضع عن سياقه ليصبح كارثة بكل ما تعني الكلمة.
مع أن تلك المواقع والتطبيقات سمحت بأن نتفاعل وننقل المعلومات بسرعة وسهولة، إلا أنه لم ترافقها حدود للمسؤولية، وبالتالي، تفتقر كل تلك الحسابات، وآليات عملها، لميثاق المسؤولية، فضلاً عن المهنية الصحفية والإعلامية، وقبل هذا وبعده، تفتقد الثقة.
توجد بطبيعة الحال حسابات موثقة، ومعروف من يديرها، وهي تتبع إما جهات إعلامية، أو شخصيات إعلامية، فضلاً عن وجود حسابات معروف عنها النزاهة والدقة، لكنني أشير للسواد الأعظم من تلك الحسابات، لمن تخصص في التشكيك والتعليق على كل خبر ومعلومة، وكتابة معلومات غير صحيحة.
 لا يوجد إعلام جديد، بقدر وجود إعلام يتطور، وسيأخذ مكانه في عمق هذه الثورة المعلوماتية، وإن احتاج لبعض الوقت.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44h4jzs2

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"