عادي

الهجرة إلى أوروبا.. أزمة بلا حل

23:03 مساء
قراءة 4 دقائق
بقايا زورق لمهاجرين غرقوا في المتوسط

كتب: أحمد البشير

تعتمد ردة الفعل ضد الهجرة غير الشرعية في أوروبا على حماية حدودها تحت فرضية «الدفاع عن القارة العجوز من دخول تجار البشر والإرهابيين»، وذلك أكثر من محاولة إنقاذ حياة الآلاف من الأرواح الذين يسعون إلى الحصول على حياة أفضل.

كانت الهجرة المحلية دائماً جزءاً من إفريقيا، سواء من الريف إلى الحضر، أو من ولاية إلى أخرى، أو من منطقة إلى أخرى. وقد شكلت هذه الهجرة مدن القارة ومناظرها الطبيعية، وغيّرت مجتمعاتها.

ويكثّف الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه جهودهم لإنشاء سياسة هجرة أوروبية فعالة ورحيمة وآمنة. ويشكل تحديد الأولويات الاستراتيجية مسؤولية رئيسية تقع على عاتق المجلس الأوروبي في هذا العمل.. وقد اجتمع المجلس الأوروبي في السنوات الأخيرة لصياغة استجابة قوية لضغوط الهجرة لكنها كانت غير مجدية.

ووفقاً لفريدريكو سودا، مدير إدارة الطوارئ في المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، «من الواضح أن النهج الحالي في البحر الأبيض المتوسط ليس قابلاً للتطبيق، ويجب على البلدان أن تجتمع وتعالج الثغرات في عمليات البحث والإنقاذ وعمليات الإجلاء السريع والإنقاذ».

ويتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات لتحسين سيطرته على الحدود الخارجية وتدفقات الهجرة منذ أن بلغت أزمة الهجرة ذروتها في عام 2015، عندما كانت في أسوأ حالاتها.

وفي أعقاب غرق سفينة تحمل نحو 800 مهاجر قبالة سواحل اليونان في شهر يونيو/حزيران الماضي، أقر إريك مامر، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، بأن إدارة الهجرة غير فعّالة وأن مؤسسات الاتحاد الأوروبي يجب أن «تتفق على نهج شامل ومتماسك». واعترف مامر بإخفاق المجتمع الأوروبي بالقول: «هل نجحنا؟ بالطبع لم ننجح. ويجب أن نعمل مع الدول الأعضاء للتأكد من أن لدينا أكثر العمليات والتدابير التشغيلية الممكنة فاعلية».

ضغط الهجرة

وفي الآونة الأخيرة، زارت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، جزيرة «لامبيدوزا» الإيطالية، التي تعد ملجأ آلاف المهاجرين غير الشرعيين منذ فترة طويلة.

وقبل الزيارة، قالت ميلوني في مقطع فيديو نُشر على منصة «إكس» إن إيطاليا بحاجة إلى مساعدة الاتحاد الأوروبي للتعامل مع حالة الطوارئ. وقالت إن ضغط الهجرة الذي تشهده إيطاليا منذ بداية العام لا يمكن تحمله.

ولسنوات عدة، تلقت إيطاليا دعماً مالياً من الاتحاد الأوروبي لمراكز الاستقبال والتسجيل. لكن أكثر من 127 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، أي ما يقرب من ضعف الرقم في الفترة ذاتها من عام 2022. كما توفي أكثر من 2500 شخص أثناء العبور بين شمال إفريقيا وأوروبا، وفقاً لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.

كما أعلنت ألمانيا هي الأخرى أنها ستشدد مراقبة حدودها مع بولندا والجمهورية التشيكية في محاولة لوقف تزايد الهجرة غير الشرعية. وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إن الشرطة الفيدرالية «ستنفذ إجراءات إضافية مرنة ومحددة على طرق تهريب البشر»على طول حدودها الشرقية.

وتسبب ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين في إشعال الجدل مجدداً في ألمانيا والضغط على حكومة المستشار أولاف شولتز. كما أثار توترات مع دول مجاورة أوروبية تواجه تدفقاً مماثلاً لطالبي لجوء.

وتعد الهجرة بالفعل عملية ديمغرافية شائعة تؤثر في جميع المناطق الجغرافية لكوكب الأرض، وفي أي فترة تاريخية، وعلى الإنسان نفسه منذ بداياته، ومع ذلك، في السنوات ال 15 الأخيرة، زاد عدد المهاجرين بشكل مطّرد وأصبح أكثر وضوحاً.

حروب وعنف وفقر

ولا تعتبر العولمة العامل الوحيد الذي يساهم في زيادة الهجرة حول العالم والترابط بين مختلف المناطق الجغرافية في العالم؛ إنها ديناميكية تتفاعل مع عدد من العوامل. وتشمل الأسباب الحرب أو العنف أو عدم المساواة أو الفقر، من بين أمور أخرى تحفز الناس على مغادرة بلدهم الأصلي والبحث عن حياة جديدة. وهناك 740 مليون مهاجر دولي في العالم و232 مليون مهاجر داخلي، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

وعن طريق وسط البحر الأبيض المتوسط وحده، عبر 6779 مهاجراً غير شرعي في عام 2023، وفقاً لدراسات وكالة «فرونتكس»، في حين عبر 1799 مهاجراً عبر الطريق الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. و587 عبر الحدود التي تفصل شبه الجزيرة الأيبيرية عن شمال إفريقيا.

نظام هجرة فاشل

وفي أماكن أخرى من أوروبا، دعت الهيئات الإنسانية الزعماء إلى اقتراح سياسات تهدف إلى تقييد الوصول إلى الحدود لتخفيف الضغوط على الدول الغنية، حيث تعاني أنظمة التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين ضغوطاً شديدة.

وانتقد مشرعون من المعارضة وناشطون في مجال حقوق الإنسان مؤخراً الحكومة البريطانية بسبب خططها «القاسية» وغير العملية لإيواء المهاجرين في قواعد عسكرية مهجورة بدلاً من الفنادق.

وجاء ذلك في الوقت الذي واجهت فيه حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اتهامات بانتهاك القانون الدولي، من خلال مشروع قانون مقترح للهجرة غير الشرعية، والذي يخطط لإرسال اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا عن طريق القوارب إما إلى رواندا، أو إلى بلدهم الأصلي.

وفي عام 2022، تم تقديم 74751 طلب لجوء في بريطانيا، وتضاعف العدد الإجمالي للأشخاص الذين ينتظرون قرار اللجوء بين عامي 2020 و2022، من نحو 70 ألفاً إلى 166 ألفاً، وفقاً لوزارة الداخلية، ويقول المنتقدون إن نظام الهجرة في بريطانيا قد تم إهماله وأنه فاشل.

وفي إيطاليا، تقدم 77195 شخصاً بطلب اللجوء العام الماضي، وفقاً لوزارة الداخلية الإيطالية. ومن بين هؤلاء، تم فحص 52625 طلباً وتم رفض 53% منهم. ويمكن لأولئك الذين تم رفضهم أن يستأنفوا القرار، لكن معظمهم يهربون ويذهبون من دون وثائق.

وفي فرنسا، من بين 137046 طلب لجوء تم تسجيلها في عام 2022، تمت الموافقة على 56179 طلباً فقط.

في حين قال المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا إنه تم تقديم 244132 طلب لجوء في عام 2022، تمت الموافقة على 72.3% من هذه الطلبات.

وفي اليونان، تم تقديم 37300 طلب لجوء، أي أكثر بنحو الثلث عن عام 2021، وفقاً لوكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي. ومن بين هؤلاء، تم فحص 30886 منهم، وتم قبول 19243 منهم ورفض 11643 طلباً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/9uxraau7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"