دبي: فاروق فياض
قال عبدالله الهاشمي، المدير التنفيذي للعمليات,المجمعات والمناطق الحرة لدى مجموعة «دي بي ورلد - موانئ دبي العالمية» في دول مجلس التعاون الخليجي: إن التغير الذي تشهده سلاسل التوريد العالمية، إلى جانب انخراط الصين المتزايد في صناعة السيارات العالمية، ساهما في إعادة النظر بسلاسل التوريد العالمية لصالح شبكات التوريد الإقليمية التي تعدّ مؤهلة بصورة أفضل لتقديم الدعم الذي يحتاج إليه العملاء في الوقت الحالي. إلى جانب عوامل أخرى؛ مثل الاضطرابات، التي شهدها العالم في ظلّ جائحة «كوفيد19» والعوامل الجيوسياسية.
أوضح الهاشمي: نتيجة لارتفاع الرسوم على البضائع والشحن، إضافة إلى تأثير التضخم العالمي، لجأ العديد من المصنعين للبحث عن مراكز تجارية مرنة تساعدهم على مواجهة تحديات الكلفة المتصاعدة والاضطرابات في سلسلة التوريد. ومن هنا؛ برزت المنطقة الحرة بجبل علي (جافزا) في دبي مركزاً تجارياً مفضّلاً لديهم. تابع الهاشمي تصريحاته ل«الخليج»: تشتهر (جافزا) بأنها أكبر مركز لتجارة السيارات في الشرق الأوسط وأكبر سوق للسيارات المستعملة؛ حيث تضم أكثر من 1.53 مليون متر مربع من المنشآت المجمعة لهذا الغرض، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي بين قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا، وبنيتها التحتية اللوجستية الفريدة، والتي ساهمت جميعاً في تسهيل تبادل ما تصل قيمته إلى 12.4 مليار دولار من المركبات ووسائل النقل والسلع الأساسية، التي تمّ تداولها خلال ذروة الجائحة، وتقارب هذه القيمة على 40% من إجمالي تجارة دبي في هذا القطاع.
خدمات لوجستية
وأضاف الهاشمي: بفضل البنية التحتية المتميزة؛ مثل محطة الدحرجة في ميناء جبل علي، تستطيع (جافزا) مناولة مليون حاوية نمطية سنوياً، وما يصل إلى 27,000 ألف حاوية نمطية على أرصفة الميناء، الذي يضم أكبر منشأة متعددة الطوابق في المنطقة. وقبل إنجاز إجراءات الاستيراد أو التصدير، يمكن للمصنعين والتجار والمستوردين أيضاً الاستفادة من مرافق الفحص قبل التسليم لإتمام خدمات أخرى، مثل تركيب ملحقات الإضاءة وتخزين المركبات والغسيل ومنع التقادم وتركيب الأنظمة الصوتية.
وأشار إلى أن «دي بي ورلد» اللوجستية، عززت من حلولها المصممة لتحسين عمليات سلسلة التوريد عبر البنية التحتية في (جافزا)، من خلال تنفيذ أنشطة الخدمات اللوجستية للطرف الرابع (4PL) وتكنولوجيا الرصد والتتبع المتقدمة. حيث ساهمت هذه التدابير في تعزيز الشفافية وتبسيط إجراءات الخدمات اللوجستية، بما في ذلك تمويل التجارة والشحن لمسافات قصيرة ومتوسطة وخدمات اللوجستيات العكسية.
وتوفر شبكة النقل متعددة الاستخدامات في (جافزا) مستوى إضافياً من سهولة الاتصال والأمان، بفضل تمكين الوصول إلى ستة مطارات دولية تقع ضمن دائرة جغرافية يصل نصف قطرها إلى ساعتي طيران، واتصال (جافزا) المباشر بمطار آل مكتوم، كما يشمل ذلك قدرة الوصول إلى خدمة السكك الحديدية والاتصال المباشر بالطرق السريعة إلى السعودية، وهو سوق يتوقع له تحقيق مبيعات تتجاوز نصف مليون وحدة بحلول عام 2025، وفقاً لما ذكرته «وزارة التجارة الأمريكية».
تحدي
وأوضح: أنه وبغض النظر عن الصعوبات التي تواجهها سلسلة التوريد أساساً، فقد أدى استمرار فرض العقوبات على روسيا إلى تناقص توافر المعادن الأرضية النادرة مثل البلاديوم، وهو عنصر رئيسي يستخدم في المحوّلات الحفّازة المستخدمة في السيارات الحديثة، ما قد يؤدي على الأرجح إلى تباطؤ الإنتاج العالمي، وتجدّد الطلب على المركبات المستعملة، وخاصة من خلال (جافزا)، التي تعدّ مركزاً مهمّاً في هذا القطاع. وبالتالي، من المتوقع أن تصل إيرادات سوق السيارات المستعملة في الإمارات إلى 112 مليار درهم ( 30.5 مليار دولار) بحلول عام 2025.
منظومة تجارية
وقال الهاشمي: أثبتت (جافزا) قدرتها على إنشاء منظومة تجارية موثوقة بالاستفادة من زيادة الحركة التجارية السنوية بنسبة 19%، والتي وصلت إلى 455 مليار درهم ( 124 مليار دولار)، مع ارتفاع مماثل بنسبة 19% في تسجيل الشركات الجديدة في عام 2021. حيث أدى ذلك إلى تعزيز الثقة لدى شركائها الحاليين بقطاع السيارات، مثل فورد، وجنرال موتورز، وهيونداي، ونيسان، وميتسوبيشي، وفولكس فاجن، وفولفو، وتمكنت هذه الشركات من الحفاظ على سير عملياتها، حتى في ظلّ الظروف الصعبة التي لا يصعب التنبؤ بها على مستوى السوق.
ونتيجة للتحوّلات التي تشهدها منطقة التجارة الحرة في إفريقيا، يتوقع «المنتدى الاقتصادي العالمي» نموّ صناعة السيارات في القارة الإفريقية بنسبة 40% لتصل إلى 42 مليار دولار، بحلول عام 2027.
وبفضل قدرة (جافزا) على تمكين الوصول إلى الموانئ القارية، بدعم من «دي بي ورلد»، فهي تتمتع بموقع استراتيجي يتيح لها زيادة مساهمة الإمارات في تجارة السيارات بإفريقيا، والتي تبلغ حالياً نسبة 21%، مدعومة باستحواذ (جافزا) مؤخراً على شركة «إمبريال لوجيستكس»، التي يقع مقرها في جنوب إفريقيا. ومع وجود أكثر من 22 مليون مركبة على الطرق، سيحظى هذا القطاع بأهمية أكبر عندما يتعلق الأمر بتلبية الطلب المتزايد على قطع الغيار والمواد.
ولفت الهاشمي إلى أن (جافزا) تتمتع بهيكلية تنظيمية تجعلها قادرة على التكيف مع المتغيرات المتسارعة في الطلب العالمي، وقد أظهرت بالفعل قدرتها على توفير المرونة وفعالية الكلفة اللازمة لمواجهة التحدّيات في سلسلة التوريد. كما ساهم التزامها المستمر في تمكين قدرات التصنيع الإقليمية من خلال تعزيز قيمتها، إلى جانب تزويد المصنّعين بالمرونة والضمانات اللازمة، لتعزيز قدراتهم على تلبية الطلب، وبهذا، وضعت أسساً راسخة لمستقبل أكثر استدامة في صناعة السيارات.
بيانات صينية
قال عبدالله الهاشمي: إن «بيانات الجمعية الصينية لمصنّعي السيارات» تشير إلى أن إنتاج شركات صناعة السيارات في الصين بلغ 27.02 مليون وحدة في عام 2022، بزيادة نسبتها 3.4% على أساس سنوي، حيث يعادل هذا الإنتاج مجموع عدد السيارات التي تنتجها أقرب الدول الأربع المنافسة للصين مجتمعة.
ومن اللافت للنظر أن إنتاج الصين من السيارات، قبل عقدين، كان يزيد قليلاً على نسبة 10% من إنتاجها الحالي، ما يؤكد قدرات التصنيع القوية لدى الصين. ومن المؤكد أنّ لهذه الأرقام المتزايدة تأثيرات كبيرة في الأسواق العالمية عموماً.
ومن أهم تأثيرات الزيادة في إنتاج السيارات، تصاعد المنافسة في هذا القطاع؛ حيث تسعى شركات تصنيع مثل «جيلي» و«سايك» إلى التوسع بنطاق حضورها العالمي، وتقديم أسعار تنافسية للغاية، بما يفرض على الشركات المصنعة الأخرى الدخول إلى ساحة المنافسة، وخاصة على صعيد الصادرات. ما يعكس التقدم التكنولوجي الهائل على صعيد صناعة المركبات، حيث يوضح تقرير صادر عن شركة «استراتيجي آند» حول مجمّعات القيمة في قطاع السيارات الصينية لعام 2030، إلى أن «آثار التوجهات السائدة حالياً، مثل الرقمنة والتنقل الكهربائي لا تقتصر على زيادة الإيرادات فحسب، بل ساهمت أيضاً في إيجاد مجموعات جديدة ومتنامية لتحقيق القيمة، مثل الخدمات المالية والاستخدام والتشغيل والتنقل وإعادة التدوير».
