إمارات ما بعد النفط: الانفتاح الاقتصادي

00:54 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. صلاح الغول *

يُعد الانفتاح الاقتصادي من أهم الركائز التي تعتمد عليها دولة الإمارات للاستعداد لمرحلة ما بعد النفط. وفي هذا الخصوص، تواصل دولة الإمارات في مرحلة الانطلاق متابعة سياسة الآباء المؤسسيين ومرحلة التمكين بالانفتاح على التجارب الاقتصادية العالمية، والاستفادة منها في تجربتها التنموية، وزيادة الاندماج في العولمة الاقتصادية.

والواقع أنّ الإمارات أكثر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انفتاحاً على الاقتصاد العالمي، واندماجاً في عملياته. فوفقاً لأحدث دليل للعولمة الاقتصادية، الذي يصدره المعهد الاقتصادي السويسري KOF بجامعة زيوريخ، تبوأت الإمارات المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمركز ال5 على مستوى العالم، متخطية اقتصادات متقدمة، مثل سويسرا وكل دول الاتحاد الأوروبي، (عدا هولندا وبلجيكا وأيرلندا)، وهونغ كونغ وبريطانيا والولايات المتحدة واليابان، وغيرها. ووفقاً لتقرير مؤشر الترابط العالمي، الصادر عن شركة DHL وجامعة نيويورك 2022، والذي يقيس مستوى ونطاق العولمة بناء على تدفقات التجارة الدولية ورأس المال والمعلومات والأفراد، جاءت دولة الإمارات في المرتبة السادسة عالمياً من بين 171 دولة يغطيها التقرير، بعد هولندا وسنغافورة وبلجيكا وسويسرا وأيرلندا. ولكن في مؤشر عمق الترابط الدولي؛ بمعنى مقدار التدفقات الخارجية من التجارة ورأس المال والمعلومات والبشر مقارنة بنظيراتها المحلية، احتلت دولة الإمارات المرتبة الثالثة عالمياً (بعد سنغافورة وبلجيكا). وفي مؤشر نطاق الترابط الدولي؛ بمعنى مدى اتساع نطاق التدفقات الخارجية، احتلت دولة الإمارات المرتبة الرابعة والثلاثين عالمياً.

وعلى مستوى إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يرصد تقرير مؤشر الترابط العالمي أنّ دولة الإمارات تُعد الدولة الأكثر عولمة في الشرق الأوسط. ويُعزى ذلك إلى كون الإمارات مركزاً تجارياً عالمياً رئيسياً، وحجم تدفقات الاستثمار الأجنبي، وارتفاع عدد السياح، ووجود عدد كبير من الوافدين (ينتمون إلى أكثر من مئتي جنسية) على أراضيها.

وإذا كانت نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي تعكس مدى اندماج الدولة في الاقتصاد العالمي، فإنّ نسبة التجارة الخارجية (غير النفطية) بلغت نحو 120% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات عام 2022. وهذا يدل على المدى الواسع لاندماج الاقتصاد الإماراتي في عمليات العولمة.

وثمة مؤشر آخر مهم على الانفتاح الاقتصادي، وهو تنظيم واستضافة الفعّاليات الدولية من معارض ومؤتمرات، والتي تُسلط الضوء على دور دولة الإمارات البارز في صناعة المعارض والمؤتمرات على المستويين، العربي والعالمي، وتثبت مصداقية وصفها ب«العاصمة العالمية للمعارض والمؤتمرات». وإضافة إلى استضافة معرض إكسبو-دبي 2020 (أكتوبر 2021-مارس 2022)، واستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) نهاية هذا العام، تستضيف دولة الإمارات فعّاليات دولية عدة ومتنوعة على مدار العام.

وترتبط هذه الفعاليات بمعظم القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الوطني، ما يسهم في خدمة الرؤية الاقتصادية للدولة، وتحقيق مزيد من المصالح الاقتصادية، ويدعم خطط النمو والتوسع الإقليمي والدولي، حيث يقدم الموقع الاستراتيجي للإمارات فرصة لخلق شراكات تجارية والتكامل معها تحقيقاً للمنفعة المتبادلة، وإكسبو دبي 2020 أقرب مثال يعكس هذا الفهم، مع وجود ما يفوق 200 دولة ومؤسسة ومنظمة دولية مشاركة في هذا الحدث العالمي. ولهذا، فإن المتابع لابد أن يقدّر ما تمثله صناعة المعارض من إضافة لقدرات القوة لدولة الإمارات، سواء تعلق الأمر بالقوة الناعمة، أو القوة الصلدة (العسكرية والاقتصادية).

ويُصنف الاقتصاد الإماراتي بأنه اقتصاد مفتوح وحُر غالباً، طبقاً ل«مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2023»، الصادر عن مؤسسة «هيريتيج»، الذي يأخذ في الاعتبار السياسات والظروف الاقتصادية في 184 دولة. ويمكن أنْ يُستخدم مؤشر الحرية الاقتصادية دليلاً على الانفتاح الاقتصادي. وفي هذا الخصوص، حلّت دولة الإمارات في المركز الأول على المستوى الإقليمي، والرابعة والعشرين على المستوى العالمي؛ محققة نتيجة إجمالية أعلى من المتوسطات العالمية والإقليمية. ويساعد النظام التجاري المفتوح عموماً، في الحفاظ على زخم النمو.

وقد أسهمت سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تتبعها الدولة في تعزيز مكانتها على الخريطة الاقتصادية والتجارية على مستوى العالم (فمثلاً، تعد الإمارات مقراً إقليمياً لأكثر من 25% من الشركات ال 500 الكبرى في العالم)، وفي تعزيز تنافسية اقتصادها.

* متخصص في العلاقات الدولية والقضايا الجيوسياسية

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7zrk3w

عن الكاتب

كاتب متخصص في العلاقات الدولية والشؤون الجيوسياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"