«كورونا».. تنبؤات وانتباهات

04:14 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله محمد السبب

هكذا هو التاريخ، دائماً وأبداً.. يعيد نفسه، يستعيد أنفاسه، يتفحص ذاكرته، يسرد ذكرياته، ويروي ما سلف من حكايات، ويُدوِّن حكاياته الجديدة.
على ضوء هذه الاستعادة التاريخية، تُحدثنا المصادر عن حكايات القرون بما تحمله من مفارقاتٍ عالمية تُطل علينا في كل مرة برموزٍ وأوبئة مختلفة طقوسها عن سابقاتها، وتكاد تكون نتائجها واحدة: (حصد أرواح البشر) بمئات الآلاف!!
ففي عام 1720، ضرب مدينة «مرسيليا» الفرنسية (الطاعون العظيم)، قَتَل في أيام 100 ألف شخص. وفي عام 1820، كان وباء (الكوليرا) قد حصد أرواح 100 ألف وأكثر من إندونيسيا وتايلاند والفلبين. وفي عام 1920، كان العالم على موعد مع (الإنفلونزا الإسبانية الشريرة) التي كان عدد ضحاياها قد تجاوز 100 مليون وسط عجز عن إيقافها. وفي العام الجاري 2020، يعيش العالم كابوس «كورونا» الذي يحمل نمطاً متطوراً ضرب أكبر مجتمعات الأرض (الصين)، وعزل مقاطعات كبيرة بحجم دول، وأخذ يزحف إلى العديد من بقاع العالم، إذ بحجمه ال «150 نانوميتر»، أخذ يُهدِّدُ كرة أرضية مساحتها أكثر من 550 مليون كم2، ومؤدياً إلى حصاد أرواح من مختلف بُقاع العالم العاجز عن مجابهة جبروته وحيله رغم ما تملكه هذه الدول من تطورات تقنية وتكنولوجية وذكية!!
هذا ال «كورونا» المرعب، هو ذاته الحدث المحوري لرواية (عيون الظلام) للروائي الأمريكي «دين كونتز» الصادرة في 10/‏5/‏1981، التي تتحدث عن فيروس قاتل مُعدّل وراثياًّ يُستخدم كسلاح بيولوجي، واسمه كما في الطبعة الأولى (Gorki-400)، ليُعاد تسميته لاحقاً بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991 إلى ووهان (Wuhan-400)، الذي هو ذاته اسم المدينة الصينية ووهان، مركز تفشي فيروس «كورونا»، ومنها انتقل إلى عدة مدن ودول أخرى.
على ضوء تلك الغرائبيات التاريخية، وعلى ضوء ما أثاره ويثيره الكابوس الوبائي الجديد «كورونا» من قلق ومخاوف جمة في بقاع العالم كافة، وعلى ضوء الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الدول لمنع انتشاره وبالتالي وقف حصاده لأرواح البشر، بما في ذلك ما قامت وتقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة مشكورة في بعض مناشط الحياة المرتبطة وثيقاً بالتجمعات السُّكّانية الكبيرة والأنشطة المجتمعية العديدة، من إجراءات احترازية لحماية سكّانها من مواطنين ومقيمين وزائرين، فإنّ سؤالاً مُلِحاًّ يدور في ذهنية المجتمع الإماراتي بكل أطيافه وفئاته: ماذا عن بعض التجمعات الكبرى التي تزخر بأنشطة وزوار على نطاقٍ واسع، فهي أيضاً تستوجب المزيد من العناية والانتباه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"