حوارية الخريطة كمشروع اقتصادي

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

قلت للقلم: هل لديك قبس أمل، فأوضاع العالم العربي لا تسرّ؟ لم يعد من العقل استخدام العقل بحثاً عن الحلول. في كل مرة تظن أنك اكتشفت مسبّبات الدّاء، تفاجأ بأن وراءها أسباباً، فلا تعرف في أيّ محطة يجب إيقاف آلة الزمن. استنبط شيئاً حتى لا توصم بأنك في الشدائد بلا جدوى.
قال لدي فكرة، والله لو بُحتُ بأيّ حرف، لاتّهمْتني بالجنون. منذ سنين كان دماغي كالأسطوانة المشروخة، يعيد ويكرر الحلم بالعالم العربي كمشروع اقتصادي. عليك أن تتخيل مؤسسةً تنمويةً مجلس إدارتها متشكل من اثنين وعشرين رجل أعمال ينوب كل واحد عن رجال الأعمال في بلده. تملك المؤسسة حق وضع الخطط الاقتصادية التنموية على مساحة 14 مليون كم2، مع مراعاة ما يناسب إمكانات كل بلد، فالأعضاء هم مجلس إدارة ولكنهم يتمتعون بحرية الفكر والرأي والتعبير التي تحظى بها البرلمانات الديمقراطية.
أمّا الخطط التفصيلية فلكونها بالغة التعقيد وفائقة التخصصات وتحتاج إلى دراسات وبحوث من أرفع المستويات، فنتركها لمجلس الإدارة الذي سيهتدي سريعاً على السجيّة إلى العصا السحرية، ألا وهي تشكيل لجان منتدبة، تتفرع منها لجان مشرفة، تليها لجان فحص وتدقيق، تحتها لجان متخصصة تعرض أعمالها على لجان تحديد الجدوى، وهكذا على غرار عنوان رواية جنكيز أيتماتوف: «ويطول اليوم أكثر من قرن».
قلت: ويحك، وما فائدة إضاعة الوقت في مثل هذا الهراء الذي سئمناه منذ أكثر من مئة عام من التعثر التنموي؟ قال كل ما هنالك هو أنني أردت أن تصحو على أن أسطوانات الأحلام المشروخة ماثلةٌ في أذهان الخاص والعام، أي القطاعين، ولكن لم ينبثق في الأدمغة السؤال الواخز: لماذا صارت الأسطوانة مشروخة؟ هل يعقل أن تنشرخ الأسطوانة من تلقاء نفسها؟ من الفاعل أو الفاعلون؟ قلت: أمّا عن الفاعل، فأنا لست ضليعاً في النحو، فالبحث على هذا النحو يحرجنا لأنه يخرجنا من ظرف الزمان والمكان إلى مسؤوليتنا عمّا يحدث لنا في صرف التصاريف. ألا ترى أن غير العرب، منذ مئتي عام يتعاملون مع الخريطة العربية كمشروع اقتصادي؟
لزوم ما يلزم: النتيجة العجبيّة: هل يعقل ألا يوجد في العرب من يصلح أسطوانة مشروخة؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdz6exmc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"