عادي
من أبرز نواخذة كلباء

سيف مطر الزعابي.. الراوي الهائم بالبحر

21:46 مساء
قراءة 3 دقائق
نورة خلفان
الشارقة: «الخليج»
لعبت بعض الشخصيات الإماراتية في زمن تأسيس دولة الاتحاد، دوراً مهماً في التعريف بالموروث الشعبي الأصيل، فهم من رووا التاريخ واستلهموا عناصر التراث، وهم أيضاً من نقلوا كل ما أحاط بالبيئات القديمة من أشياء بقيت في الذاكرة، ومن ضمن هؤلاء: النوخذة سيف مطر عبدالله الزعابي الذي تناولت سيرته الباحثة نورة خلفان راشد علي الكندي في كتاب «الهائم بزرقة مياه البحر- النوخذة سيف مطر عبدالله الزعابي» الصادر عن معهد الشارقة للتراث، حيث تناولت الكاتبة بجهد بحثي مثمر سيرته ومدى تعلقه بالبحر ورحلته الطويلة مع الموروث الذي أخلص له حتى وفاته.
صدّر للكتاب الدكتور مني بونعامة مدير إدارة المحتوى والنشر في المعهد: «لا شيء أجمل من الوفاء، ولا أنبل من الاحتفاء بمن سخّروا وقتهم، ووهبوا حياتهم خدمة لتراثنا الثقافي بعناصره وألوانه كافة، جمعاً وتوثيقاً ودراسة وتمحيصاً، لذلك يُخصص المعهد هذه السلسلة من أعلام الروّاد للاحتفاء بكوكبة من الشموس الأعلام الراحلين، من شعراء ورواة وفنانين وباحثين، الذين نبشوا الذاكرة الشعبية العربية وأخرجوا ما اختزنته من ذخائر العلوم وفرائد الفنون، وحفظوها في الصدور وبين السطور، ودوّنوها في أعمال قيمة عكفوا عليها سنوات طوالاً، وتركوا بصمات خالدة وباقية ما بقي الليل والنهار، إذ تتناول الباحثة نورة خلفان راشد الكندي في هذه الكراسة سيرة واحد من أبرز رواة مدينة كلباء، الذين ارتبطت حياتهم ببيئة البحر وعالمه الغني والملهم، متوقفة عند محطات مختلفة من حياته، ومركزة على مختلف مساراته وأطوار تجربته الرائدة، وما شهدته من أحداث وذكريات تركت بصمة خالدة وآثاراً باقية مترعة بالإحساس والجمال والذوق الرفيع».
مخزن
أضاءت الباحثة في بداية الكتاب على سيرة سيف مطر عبدالله الزعابي، كونه مخزناً شفوياً يمثل مجالاً متنوعاً مهماً، فهو كنز بشري وأمين على الموروث الشعبي. تستمد منه الذاكرة ما يدل على قيم وعادات وتقاليد أصيلة في الإمارات، فهو من أبرز نواخذة مدينة كلباء، هذه المدينة التاريخية القديمة الضاربة الجذور في عمق التاريخ بإمارة الشارقة، والتي تحمل تاريخاً أصيلاً وعميقاً مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالبحر، وما تمتلكه هذه المدينة من إرث. فهو الناقل الأمين للموروث البحري في المنطقة الشرقية، كما أنه روى حكايات البحر، ووصف ألوان السماء، وسرد متاعب مهنة الصيد وعناء السفر.
ينتمي الراوي سيف مطر عبدالله الزعابي إلى ذلك الرعيل الذي كان متمسكاً بالبحر والإبحار، لذلك سمي بعاشق الزرقة، لأنه بالفعل لم يفارق البحر ولم يذهب عنه بعيداً منذ نعومة أظافره حتى انتقل إلى جوار ربه، وعلى الرغم من تنقلاته وأسفاره، وكثرة عمله في بعض دول الخليج العربي، فإن البحر ظل كامناً في دواخله، وقد تعلم تلك المهنة من والده النوخذة مطر بن عبدالله الزعابي. وينتسب سيف الزعابي إلى قبيلة «زعاب»، وهي من القبائل الكبيرة والمعروفة في الإمارات وعمان، وولد في منطقة خور كلباء في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، كما أنه ينتمي إلى أسرة لها دورها وكيانها وحضورها في مجتمع المدينة وخارجه، حيث نشأ في بيت من بيوت الأدب والحكمة والعلم.
سجل زاخر
تذكر الباحثة في معرض تناولها سيرته، أنه كان يستيقظ متجهاً إلى البحر قبل طلوع النهار مستمعاً لخرير الماء، يذهب هو وأصدقاؤه إلى البحر لصيد الأسماك الصغيرة، مثل: البرية، العومة، والصيمة، والبدح، وغيرها من الأسماك، حيث كانوا يصطادونها بواسطة «اليل والقبلان» المصنوع من الغزل بمختلف أحجامه، وتبين نورة خلفان أنه بعد الانتهاء من الصيد كان الراوي يقوم بأخذ البرية والعومة وحتى شحاريف السمك ويبيعها للتجار، حيث تصطف مراكبهم في مرفأ خور كلباء، ويأخذها المشترون ويتم توزيعها وبيعها في مسقط، وبعض دول الخليج المجاورة.
أبدع سيف الزعابي أيضاً في الزراعة، ففي منتصف الستينات، في منطقة كلباء كان لوالده مزرعة، أصبحت مشتركة بينه وبين أخيه؛ حيث قاما بزراعتها.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/75x82779

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"