البعض يعتبر أن التعليم، مقرون بالحصول على الشهادة العلمية، وأنه يتوقف أو يصبح بلا جدوى بمجرد نيل الشهادة، والحقيقة أن التعلم مستمر ودائم، وسواء توجهنا له بشكل مباشر أو لا، حيث تبقى المعلومات في التدفق والوصول إلينا، ومن خلالها نتعلم ونكتسب المعارف المتنوعة، البعض يختار أن يكون سابقاً ومبادراً، ويريد لهذه العملية، أن تتم بوضوح وآليات محددة، لذا ينظمها ويتوجه نحوها بمهنية، من خلال الالتحاق بالورش، والندوات، والاستماع للمحاضرات من المختصين، وهناك من يتعامل مع كل معلومة تصله في أوانها، ويوظفها وفق حاجته، وهذه الطريقة يشوبها الكثير من الخلل، وإن ظهرت للبعض بأنها تنم عن ذكاء ومهارة.
دون شك، أن عملية التعلم المستمر، وتنامي المعرفة، واحدة من مفاتيح النجاح، خاصة في هذا العصر، الذي تتسارع فيه المعلومات، وتتزايد المهام والواجبات، لأنها تمكننا من تطوير مهارات جديدة، وتحسين ما نستند إليه من مهارات، وهذه تمنحنا المزيد من الفرص نحو النجاح والتفوق. لعل في التعلم المستمر، خاصية تتعلق بتحدي النفس، لأن النفس في العادة، تركن إلى الهدوء والراحة، والتعلم عملية ذهنية متعبة ومرهقة، لذا هي تحدٍ جسيم وبالغ الأهمية، ومن هنا نفهم التباين، واختلاف درجات التوجه، نحو هذا المجال، البعض يولي التعلم المستمر، العناية والاهتمام، وهناك من هو انتقائي، حيث يتعلم وفق الحاجة، وهناك من يعتمد على الآخرين في سد فجوات الجهل وعدم المعرفة، وغيرهم.
لكن تبقى عملية التزود بالمعرفة وتوسيع مجالاتها، مهمة على المستوى المهني والاجتماعي والثقافي، وأيضاً على المستوى النفسي، لأنها تقوي الكفاءة والقدرة على التعامل مع الصعوبات الحياتية، وهذا يقودنا نحو اتخاذ القرارات الصحيحة والدقيقة، وتجنيبنا أي تجاوزات أو فشل. هناك نقطة جوهرية أخرى تتعلق بمساعدة التعلم المستمر، على فهم التطورات المتلاحقة، والتكيف معها ومعرفة استخداماتها، وهي تغيرات تكنولوجية عامة وشاملة، من الاقتصاد إلى الثقافة إلى المجتمع... إلخ. والنجاح في التكيف مع التسارع التقني، بحد ذاته نجاح، وإذا أتقنا هذا التكيف وفهمناه، فإننا دون شك نفتح أبواباً من الفرص وتحقيق المزيد من المكاسب. مواصلة التعلم، لا تعني، العودة لمقاعد الدراسة، ولا تعني الانتظام في برامج تعليمية، لا يسمح بها الوقت، ولا الظروف الحياتية، ولا الالتزامات الأسرية والاجتماعية، بل تعني تقبل المعلومات، وفهمها، ومعرفتها، تعني الانفتاح الذهني، وتقبل المعرفة...
