الاستحقاقات الثقافية العربية

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل بدا لك العنوان هازلاً في زمن الشدائد؟ أرأيتَ كيف أن الاستحقاقات الثقافية ترسم في أفهامنا مشاهد الإمتاع والمؤانسة؟ لا بدّ من الإيضاح. تجزئة المسائل ضرورية، أين تضع الموسيقى العربية بين أنواع الموسيقى الجادة؟ ركام من الأغاني نسبة ضئيلة منه طربيّة، فهل الطرب هو أرقى مستويات الموسيقى؟ هل الفِرَق غير المنضبطة والجمهور الهائج بالتصفيق، هي قمة الذوق؟ ليس لدينا تأليف موسيقي ولا أداء أوركسترالي جادّ. هي ذي علامات استفهام أمام هذا الفن وجمهوره.
تعال إلى الفنون التشكيلية: متى كانت لمدارسها الحديثة والمعاصرة انعكاسات حميميّة على الشعوب العربية؟ الكثير من المثقفين والمفكرين في الغرب أعادوا النظر في تلك التيارات. بعضهم ذهب إلى أنها لا تقوم على دعائم نظرية صلبة في فلسفة الفن والجمال، وآخرون اتهموها بأنها روّجت لها وكالة الاستخبارات الأمريكية في سني الحرب الباردة، لإحداث تصدعات ثقافية في الجبهة الاشتراكية الشيوعية. إحدى محاضرات الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفري، كانت مدوّية قبل سنوات، عنوانها: «هل يجب إحراق الفن الحديث والمعاصر»؟
أهمّ من ذلك: لماذا توارت التجارب التي أفرزها الشعر الحديث والحداثوي من دون أن تخطو خطوة واحدة داخل ملاعب الذوق العربي؟ الكثير من هؤلاء عادوا إلى العمودي وقصيدة التفعيلة. مهزلة النقاد في تلك العقود كانت مسكينة، كانوا يختلقون تنظيراً لا هم يفهمونه ولا أصحاب النصوص التي يتناولونها ولا القراء، فباء ما يفترون بالخسران المبين. تخيل لو أراد أحدهم أن يتغزل بحبيبته أو يتغنى بحب أمّه أو يفخر بوطنه، فلا هو يعي ما يقول ولا غيره.
آن الأوان بعد الانهيارات التي بات العالم العربي لها عصفاً مأكولاً، أن نسأل عن الاستحقاقات الثقافية العربية: أليست الثقافة هي اللُّحمة المتينة بين الشعوب؟ أليست اللغة هي العروة الوثقى؟ هل ظنّ المثقفون أن ثقافة الفعل الاستراتيجية ستقوم صروحها بقصائد الحداثة واللوحات التجريدية وأغاني الهبوط والمسلسلات المبتذلة؟ هل على الشعوب أن تضفي على الإبداع الفني الجدية وتجري في شرايينه القيم والعنفوان والجمال بدلاً من الفنانين؟
لزوم ما يلزم: النتيجة التوسعية: الآن دخلنا الموضوع، لكن العمود انتهى. الصبح قريب إن شاء الله.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3jxjmcxb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"