إنقاذ إسرائيل من نفسها

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يدعو أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب شلومو ساند، مؤلف كتاب «كيف تم اختراع الشعب اليهودي»، إلى إنقاذ إسرائيل من نفسها، معتبراً أن «الشعب اليهودي تم اختراعه في نهاية القرن ال19، وهذا يعني أنه أسطورة»، داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للقبول بخيار السلام. فيما يرى إرييه شافيت في كتابه «إنقاذ إسرائيل» الذي صدر مؤخراً أن إسرائيل «تعيش لحظة حرجة، وستبقى تواجه أزمة مستمرة وصولاً إلى حافة الهاوية»، محمِّلاً الحكومة اليمينية المتطرفة بزعامة بنيامين نتنياهو المسؤولية، ويضيف «الأزمة الحالية دفعت الإسرائيليين إلى التأكد من حيازة جواز السفر الأجنبي رمزاً للتهديد بالفرار».

الانتقاد الأخير من الرئيس الأمريكي جو بايدن للحكومة الإسرائيلية ودعوة رئيسها إلى «تغيير موقفه بشأن حل الدولتين»، وتحذيره من فقدان الرأي العام العالمي، واصفاً حكومة نتنياهو بأنها «أكثر حكومة محافظة في تاريخ إسرائيل»، داعياً نتنياهو إلى التعلم من الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.. هو من باب النصائح وليس تعبيراً عن تغيير فعلي في الموقف السياسي الأمريكي، ذلك أن بايدن لا يزال يدافع عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، ويحبط كل مشاريع القرارات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار، ويدعم حربها التدميرية لقطاع غزة، ويزوّد إسرائيل بكل أنواع الأسلحة لتحقيق هذا الهدف.

صحيح أن هناك تباينات تكتيكية في وجهات النظر بين واشنطن وتل أبيب لكنها لا ترقى إلى الخلافات، ذلك أن العلاقات بينهما استراتيجية وثابتة، وكلام بايدن هو مجموعة من النصائح يُسديها إلى نتنياهو وحكومته، في محاولة لإنقاذ إسرائيل من نفسها، بعدما بلغت سياساتها العدوانية حداً جعل الرأي العام العالمي ينتفض ضدها، ويدرك أن ما تقوم به في قطاع غزة من حرب إبادة يشكّل عدواناً على البشرية جمعاء جراء الكم الهائل من الضحايا المدنيين الأبرياء، والدمار الذي لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

أما كلام بايدن عن حل الدولتين فهو كلام مكرور ولا معنى له، فقد سبق أن تحدث هو وغيره من الرؤساء الأمريكيين عن الدولتين «والدولة الفلسطينية القابلة للحياة»، لكن أياً منهم لم يبذل جهداً للوصول إلى هذا الهدف، بل دأب ما يسمى «الوسيط الأمريكي النزيه» منذ مؤتمر مدريد للسلام، واتفاق أوسلو، وخلال كل اللقاءات التي جمعت السلطة الفلسطينية وإسرائيل على مدى خمسة وعشرين عاماً برعاية أمريكية، على الانحياز إلى الجانب الإسرائيلي وتمكينه من مواصلة عمليات التهويد، والاستيطان، والبطش، والإرهاب لفرض الأمر الواقع على الأرض الفلسطينية وفقاً للأيديولوجية التي يفخر الرئيس بايدن باعتناقها.

لو كان الرئيس الأمريكي صادقاً في ما يقوله غير السعي لإنقاذ إسرائيل لكان أعلن تأييده لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، لإنقاذ الشعب الفلسطيني من مطحنة الحقد الإسرائيلية، وإلزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني وبقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني.. وغير ذلك فهو ثرثرة.. و«الثرثرة ليست عيباً، إنها مرض» كما يقول تولستوي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hy7ywfuj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"