العنوان..

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

.. اليوم يلتقي في الشارقة شعراء العرب في حضرة ديوان العرب، وفي حضرة القصيدة العربية الجديدة وريثة بحور وأوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي، ووريثة البلاغة الصافية، أما الإرث الأكبر للشعر العربي فيتمثّل في اللغة الكنائية، الاشتقاقية، المجازية، الغنائية، اللغة المرنة، لغة الرمز والواقع والدلالة والإيحاء.
اللغة العربية الفصيحة، لغة القرآن، ولغة الأدب، ولغة العلوم، ولغة الهوية والشخصية والكينونة الحضارية والثقافية.
شعراء العرب في الشارقة يلتقون على قلب واحد هو قلب العربية التي تعتز بجورها الإبداعي، وتُحترم أعلى احترام بمعجم تاريخ اللغة العربية، الأول في مفاهيمه وفي تتبعه النحوي والصرفي والبلاغي والتاريخي للكلمة العربية، أم الشعر العربي.
شعراء العرب بكل رمزياتهم، وإبداعياتهم، واجتهاداتهم الفنية والأسلوبية والجمالية يلتقون على قلب واحد.. قلب مشروع الشارقة الثقافي، ومن أسسه الجوهرية: الشعر.
تظاهرة أدبية، معرفية جمالية بكل معنى الكلمة يتشارك في بلورتها وصياغتها الثقافية أكثر من 70 شاعراً وشاعرة مُجيدين في كتابة العمود، ومحترفين في كتابة التفعيلة، ويشكّلون معاً عائلة واحدة: الأم هي اللغة، والأب هو الشعر.
أكتب بفرح ظاهر في مناسبة مهرجان الشعر العربي في الشارقة، ذلك أنه، ربما، لم يبق للإنسان العربي إلاّ الشعر بوصفه هوية، وبوصفه وحدة وجدانية وثقافية، وبوصفه العنوان الواحد الأخير الذي لا يُضَيّع كل من اتبعه ليصل في النهاية إلى بيته، ودياره..
الشعر العربي بيتنا الأخير، والشعر، هو تكويننا الثقافي، والوطني، والجمالي، وهو «القضية» الوحيدة التي لا اختلاف عليها، ولا مُشادّات، ولا اصطفافات ولا صراعات باطنية وظاهرية في لحظة كتابة القصيدة، وفي لحظة قراءتها..
الشعر يرفض التمييز، ويرفض الأيديولوجيات الأحادية العمياء، ويرفض الانحياز الفكري الذي تحرّكه العنصرية، والجاهلية، والتعصّب.. إذ لا مكان مطلقاً لهذه المفاهيم المغلقة في الشعر الذي يعيش ويخضرّ ويبتهج في الهواء وفي النُّور.
مهرجان الشعر في الشارقة تحية أولاً للإنسان العربي الذي يراهن فقط على الثقافة والفنون والعلوم والآداب، لأنه يعرف أن رهانه هذا هو الرّابح، والبراهين على مثل هذه الخيارات كثيرة في التاريخ، وفي الأدب وفي الحياة.
يتأكد للشعر العربي اليوم في الشارقة أن له عاصمة، وأن له مكاناً ومكانة، وأن له اعتبارية معنوية عالية في مثل علوّ الكلمة الصادقة النظيفة التي تعبّر عن موقف، وعن رأي، وعن رؤية، وعن هوية..
من المغرب إلى العراق، ومن وادي النيل إلى الخليج العربي، ومن بلاد الشام إلى الجزيرة العربية، تتلاقى لؤلؤات إكليل الشعر، وهذه قصائد وهؤلاء شعراء، غير أن القصائد أحجار كريمة في بلد كريم، أهل وإخوة في دار وديرة تاريخ اللغة، وتاريخ النشيد البلاغي العزيز على أرواحنا البسيطة الجميلة التي تفرح بالكلمة المولودة من القلب...

[email protected] 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3td8k76w

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"