هل أنت على يقين من أن النظام العالمي الموعود، سيفرض وجوده ولو بعد مسلسل حروب؟
أحسنتَ وأصبتَ، فالغرب سقطت كل أقنعته، التي ظل طوال أكثر من قرن يخفي بها وجهه الحقيقي. لكن، يجب ألّا نبخل عليه بالشكر، فمنذ عقود، لم يعد حتى يستحي من كشف مخططاته الاستراتيجية، التي ينشرها عتاولة خبرائه ومنظريه، من هالفورد جون ماكيندر إلى زبغنيو برجنسكي وهنري كيسنجر.
أمّا بعد، فعلى العالم العربي، أن يستعدّ للنظام الجديد، ويستأنف الحضارة العربية الإسلامية، لكن طبقاً لمتطلبات المستقبل، بالعلوم والتقانة والتنمية الشاملة والبحث العلمي في جميع الميادين. على العقل العربي أن يدرك أن الحياة على الكوكب لن تكون أسهل من ذي قبل، لأن التنافس سيكون أشرس. على القوم أن يزيحوا عن أذهانهم الأحلام الطوباوية التي يرسمونها لمقبل السنين. تزاحم الأقدام مستقبلاً في مجموعة «بريكس» الموسّعة، ستكون فيه دناصير حققت قفزات عملاقةً على طريق التنمية في مجالات شتى. هل تذكر صيحة الزعيم الصيني ماو، يوم قال: «لقد ضمنّا لكل صيني طبق أرز يومياً». كان ذلك زلزالاً. اليوم العرب مشدوهون يشاهدون سلّة الغذاء العربي تُحرق أخضرها ويابسها ليل نهار. الصين اليوم تمتد صناعاتها من الإبرة إلى حاملة الطائرات. حتى البيت الأمريكي تتداعى أركانه إذا توارت عن المتاجر بضائع التنين.
الهند صبورة وعرفانية في ميراثها الثقافي الروحي، وقد سلكت النهج نفسه في التنمية، بتعبير الراجز: «ما للجِمال مَشْيُها وئيداَ.. أجندلاً يحملن أم حديداَ». في الهند صناعات متنوعة، زراعة بلا حدود، تقانة متفوقة في الرياضيات. اختلفت الصين عنها، بالرغم من التشابه في الميراث الثقافي العرفاني الصبور، فقد انتهجت أسرع تنمية شاملة في التاريخ البشري. روسيا لها مكانتها في الصناعة والتقانة العسكريتين، والإمساك بمقاليد إمدادات الغذاء عالمياً. من الضروري إذاً تغيير الثقافة الاستراتيجية العربية، إن وجدت أصلاً، وإلّا فالخريطة المفكّكة لن تجد من يعيد إليها اللحمة في النظام الجديد، فهو ليس جمعية خيرية.
على الخبراء أن يرونا خبرتهم، فنيوب الحروب بارزة فلا نظنّنّ أنّها تبتسم. دول «الناتو» تنوي إرسال ثلاثمئة ألف جندي إلى أوكرانيا لمواجهة روسيا. هكذا تكلمت صحيفة «بيلد» الألمانية.
لزوم ما يلزم: النتيجة الدعابية: وقّعت بريطانيا اتفاقية تعاون عسكري مع أوكرانيا، جاء فيها: «إذا تعرّضت المملكة المتحدة لعدوان، فإن على أوكرانيا تقديم الدعم العسكري اللازم»!
