عادي

«حزب البديل» قد لا يكون بديلاً

23:16 مساء
قراءة 4 دقائق
«حزب البديل» قد لا يكون بديلاً

كتب بنيمين زرزور:

كان المألوف أن تتصدر ألمانيا عناوين الأخبار كلما تعلق الأمر بقوة الاقتصاد وحكمة القيادة خاصة في ظل قيادة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. لكنّ الحرب على أوكرانيا وما أسفرت عنه من هزات في القارة الأوروبية أحدثت شروخاً وندبات في الخريطة السياسية الألمانية.

في تطورات متلاحقة ربما تنسجم مع حركة التاريخ، رغم أنها تشكل مفاجآت لكثير من المراقبين، تتصاعد الدعوات في ألمانيا لحظر حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف الذي اكتسح الشارع خلال الأشهر الأخيرة، بينما يروج الحزب لدعوات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

فقد شهدت العديد من المدن الألمانية بداية الأسبوع مظاهرات عارمة شارك فيها مئات الآلاف للاحتجاج على العنصرية في البلاد وضد الحزب اليميني المتطرف على وجه الخصوص.

وتجمع نحو 100 ألف متظاهر في مدينة دوسلدورف تحت شعار «لن نبقى صامتين أمام حزب البديل من أجل ألمانيا»، معربين عن رفضهم العنصرية وكراهية الأجانب والتطرف في البلاد. وحمل المتظاهرون لافتات كتبت عليها عبارات تستنكر العنصرية، مرددين هتافات ضد الحزب.

وفي مدينة آخن الحدودية مع هولندا وبلجيكا، شارك العديد من السياسيين في مظاهرة للاحتجاج على العنصرية. فيما حذر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس من «حزب البديل»، في معرض حضوره مظاهرة شارك فيها نحو 25 ألف شخص بمدينة أوسنابروك.

ووفق الأرقام الصادرة عن الشرطة الألمانية، شارك أكثر من 900 ألف شخص في مظاهرات مناهضة لليمين المتطرف في أنحاء البلاد الأسبوع الماضي.

ترحيل المهاجرين

وفي وقت سابق من الشهر الماضي تداولت شبكة «كوريكتيف» تسريباً عن اجتماع سري لحزب البديل من أجل ألمانيا، تمت فيه مناقشة خطة لترحيل ملايين المهاجرين من ألمانيا. وعلى إثر هذه التسريبات، دعت نقابات ومنظمات غير حكومية الشعب الألماني إلى التظاهر ضد اليمين المتطرف.

ووفق استطلاع للرأي أجرته شركة «فورزا» للأبحاث شارك فيه2501 ألماني، حصل حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي على 31 في المئة من الأصوات، فيما حصل حزب البديل على تأييد 23 في المئة، والحزب الديمقراطي الاجتماعي على 14%. ويمثل حزب البديل من أجل ألمانيا 78 نائباً في البرلمان الفيدرالي.

وقد تعرض الحزب لهزيمة بفارق ضئيل في أول اختبار انتخابي له منذ الكشف عن تورطه في خطة للترحيل الجماعي للأجانب. وخسر مرشحه أمام منافسه في الانتخابات الإدارية في ولاية تورينجيا.

وفي جولة إعادة متقاربة في منطقة سالي أورلا جنوب شرقي البلاد، انتزع كريستيان هيرغوت، من الحزب الديمقراطي المسيحي الفوز من مرشح حزب البديل، أوي ثروم بفارق 4.6 نقطة مئوية.

واعتبر التصويت بمثابة مقياس لمعرفة ما إذا كانت تعبئة المجتمع المدني ضد حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمهاجرين منذ الكشف الأخير عن خطة الترحيل قد أضعفت شعبية الحزب أو عززتها.

وأدت تعبئة الناخبين عبر النقابات والأحزاب في الأسبوعين الماضيين في محاولة لإبقاء حزب البديل خارج السلطة، إلى ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت بنسبة 69%، ما مكن هيرغوت من الحصول على الأصوات اللازمة لهزيمة منافسه.

ويسعى المراقبون لمعرفة ما إذا كان ناخبو حزب البديل وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي سيتفاعلون مع الحوار الوطني من خلال الخروج بأعداد أكبر أو ما إذا كان أنصار الحزب اليميني المتطرف يتخلون عنه. وكلما ارتفعت نسبة الإقبال، زادت فرصة حصول حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي على نسبة أكبر من الأصوات.

قطع التمويل

وكانت المحكمة العليا في ألمانيا قد أصدرت حكماً يؤيد قطع التمويل الحكومي عن حزب «دي هيمات» اليميني المتطرف، في قرار من المرجح أن يزيد من تأجيج الجدل الحاد حول ما إذا كان ينبغي اتخاذ خطوات قانونية لكبح جماح اليمين.

وقالت المحكمة الدستورية إن تمويل الدولة لحزب هامشي متطرف، والمعروف سابقاً باسم الحزب الوطني الديمقراطي، يجب قطعه لأن الحزب لا يحترم الديمقراطية الحرة، ويهدف إلى استبدال الديمقراطية الألمانية بدولة استبدادية تعتمد على مفاهيم العصر النازي المتمثلة في «مجتمع الشعب» الموحد عنصرياً.

ومن المرجح أن يؤدي هذا القرار إلى تصعيد الجدل المحتدم في ألمانيا حول ما إذا كان ينبغي بذل جهد قانوني لمواجهة حزب البديل. ودأب السياسيون في ألمانيا على متابعة فكرة وفرصة فرض حظر تام على الحزب.

وقال ماركوس سودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا المحافظ، في مقابلة مع صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية قبل صدور الحكم، إن قرار المحكمة «سوف يكون مفيداً أيضاً في حظر حزب البديل من أجل ألمانيا».

واستمر حزب البديل من أجل ألمانيا في الصعود في استطلاعات الرأي حتى مع تحوله بشكل مطّرد إلى حزب أكثر تطرفاً، ويحصل الحزب الآن على نسبة تزيد على 23% من الأصوات في مناطق ألمانيا الشرقية السابقة.

فيما يخشى العديد من السياسيين من أن أي جهد لحظر حزب البديل أو تقييد تمويله سيكون خطأ تكتيكياً فادحاً، ولن يؤدي إلا إلى زيادة مؤيديه من خلال السماح لقادته بتصوير خصومهم على أنهم يقمعون الإرادة الديمقراطية لناخبي حزب البديل.

وقد أثار الحزب المزيد من القلق عندما أدلت، أليس فايدل، زعيمة الحزب بتصريحات قالت فيها إن بريطانيا كانت على حق تماماً في قرارها بمغادرة الاتحاد الأوروبي، مُعتبرة خروجها نموذجاً يجب اعتماده من قبل ألمانيا.

وأضافت فايدل أن حزبها يسعى إلى إصلاح مؤسسات الاتحاد الأوروبي بهدف تقليص سلطة المفوضية الأوروبية ومعالجة ما تعتبره نقصاً ديمقراطياً في هذه المؤسسات. وأكدت أهمية اتخاذ قرارات سيادية، مثلما فعلت بريطانيا، وذلك في حال عدم قدرة حكومة حزبها على تحقيق إصلاحات تكفل منع تجاوزات المفوضية الأوروبية غير المنتخبة.

وأوضحت، يجب على الشعب الألماني أن يكون لديه الحق في اتخاذ القرار مشيرة إلى إمكانية إجراء استفتاء حول خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي.

والخلاصة أن مثل هذا الحراك المتسارع يثير القلق في ألمانيا على وجه الخصوص باعتبارها الدولة القادرة على الحفاظ على التوازن في الاتحاد الأوروبي ومنع تفككه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3ckuvt8v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"