معنى رد جمائل القدامى

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

حقّاً، كيف يكون الردّ على سخاء مبدعينا القدامى؟ ذلك ثقيل، فهو يشمل جميع الميادين. وافضيحتاه، أبهذا التشتّت العربي، سنردّ جمائل الحضارة الإسلامية؟ المأساة، هي أن عبارة العالم العربي ذاتها ليست واقعيّة.

نأخذ الأمور ببساطة. ماذا لو أردنا أن نستعير من الدكتور شوقي ضيف عبارتي: «الفن ومذاهبه في الشعر العربي»، و«الفن ومذاهبه في النثر العربي»؟ كيف سيكون القطاف منذ سنة 1974 إلى يومنا هذا، نصف قرن؟ سيقول لنا البعض: من يكترث اليوم للأساليب، فقد تجاوز الزمن هذه الهامشيات؟ نحن في عصر ديمقراطية الكتابة، من حق الكتّاب والشعراء أن يهشّموا عظام النحو والصرف، أن يفكّكوا التراكيب، وأن يغلقوا أبواب النقد بالشمع الأحمر. ليس من حق دور النشر أن تبدي رأياً في ما تنشر، تأخذ مقابل الورق والحبر والتغليف، كمعاملة تجارية، والسلام.

حسناً، سنقول لذلك البعض: سنسايرك وسنجاريك، ولن نعترض، إذا جاوزتَ ذلك إلى الموسيقى، فذهبتَ إلى أن العصر تجاوز أساطين الفن. لا مجال اليوم لأدوار صالح عبد الحي وكلثوميات السنباطي وزكريا أحمد، ولا مقام القبنجي والموشحات الأندلسية المغاربية. هذا ليس غريباً، فأوروبا تزحلقت موسيقاها السيمفونية، من بيتهوفن إلى مايكل جاكسون، ومن فيفالدي إلى «هيفي ميتال» (المعدنيات الثقيلة). لكن، هل إذا تردّى النموذج الغربي، علينا بالضرورة أن يجرفنا المنحدر؟ كم سنةً ضوئيةً بين روائع عمالقة الأغنية العربية، وبين أشكال الدرك الأسفل التي هوت إليها أذواق منتجيها؟ ثم، لماذا لم تسْع الأوساط الموسيقية العربية إلى إبداع آلاف الأعمال السيمفونية والأوبرالية، على غرار العصر الذهبي، من القرن السابع عشر إلى آخر التاسع عشر، فلما جاءت الموجات المتفرّعة من الجاز، كالروك، البوب، الراب... انفلتت المقاليد والضوابط، بذريعة حمقاء تدّعي أن ما حدث إنما هو تطوّر للذوق العربي؟ التطوّر أن تحلّق فوق قمم السنباطي.

مثل هذا المأزق، حدث قبل ذلك في الشعر والنثر. الطريف هو أن الساحة الأدبية الفنية، موصّلاتها بطيئة، عقوداً أحياناً. الدّادية ظهرت في أوروبا في أواخر الحرب العالمية الأولى، والسريالية سنة 1924، وبعدهما مسرح اللامعقول، ولكن التيارات الحداثوية لم تجرف الأدباء والفنانين العرب إلا في العقد السادس فصاعداً. حتى البنيوية (الهيكلية عند المغاربيين)، كمنهجية ونظرية في النقد وتخصصات عدّة، وصلت متأخرة. السؤال: هل على العرب أن تنحدر منظومة قيمهم الثقافية الفكرية الفنية، إذا وقعت كل قيم الغرب من حالق، ولم يعد منها غير الأباطيل والأحابيل؟

لزوم ما يلزم: النتيجة التأجيليّة: العمود انتهى، والموضوع لم...

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdx9bn4c

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"