زلزال ثقافي

01:48 صباحا
قراءة دقيقتين
ضياء الدين علي

** إذا انتهت أزمة «كورونا» من دون أن تغير في ثقافة تعاطينا مع الرياضة بوجه عام، وكرة القدم بوجه خاص، فكأنك «يابوزيد ماغزيت»، وسنكون أعداء أنفسنا بامتياز، فالأزمة حافلة بالدروس والعبر التي تحفزنا وتدفعنا دفعاً لمراجعة كل مفردات تلك الثقافة التي فيها من الأخطاء والتجاوزات الكثير.
** يتساءل البعض لماذا ذهبت الانتقادات في اتجاه الرياضة والرياضيين أكثر من سواها من مجالات المجتمع في زمن الحظر؟
والإجابة التي لا أجد حرجاً في البوح بها، هي أن الرياضة في أزمة كهذه تصبح ترفاً بكل معنى الكلمة، فبإمكانك الاستغناء عن كل فعالياتها وأنشطتها من دون أن يفقد المجتمع أياً من مقومات استمراره وبقائه، فمع كل ما يهدد الصحة والسلامة والأمان يهون كل شيء، وهنا يتدخل فقه الأولويات الذي ليس للرياضيين فيه دور كبير، فهم فيه «تابعون» وعليهم أن يتبعوا ما تقرره القيادة الرشيدة والحكومة من إجراءات وتدابير لمواجهة الأزمة، قبل أي إجراء يتم تحت سقف الرياضة بكل مؤسساتها.
** أضف إلى ذلك أننا في الوقت الذي رأينا فيه مبادرات خلاقة ومساهمات مجتمعية وتبرعات بالملايين من النجوم الدوليين في مختلف الألعاب حول العالم، لم نجد ما يناظرها من النجوم المحليين ورموز الحركة الرياضية، وكأنهم خارج المشهد جملة وتفصيلاً، وهذا مما يعزز القناعة بقصور الرياضة وتراجعها على سلّم الأولويات، كما يقوي كل أسباب الانتقادات التي تطال ثقافة الرياضيين بوجه عام، والنجوم منهم بوجه خاص، حيث بدا جلياً أن التقليعات والموضات والعادات السيئة هي أكثر ما يلفت انتباههم من سلوكيات نجوم العالم.. بكل أسف.
** إذا لم تخلف أزمة كورونا «زلزالاً ثقافياً» نعيد من خلاله تقييم كل شيء من جديد، بحيث نفعل ما يجب علينا فعله وليس ما تعودنا عليه قبلها، سنظلم أنفسنا كثيراً، وسنعاني أكثر وأكثر مشكلاتنا المزمنة التي يندرج أغلبها تحت عنوان «التباين بين المصروف والمردود»، والتي بتنا لا نتعامل معها إلا بمنطق الشكوى، وللأسف يستوي في ذلك المسؤول مع غير المسؤول، مع أن الأول بيده القرار بينما الثاني متضرر، ولا حول له ولا قوة.
** باسم كل الغيورين على حال الوطن، أحيي كل الجهود المخلصة التي قامت وتقوم بها وزارة الصحة، وغيرها من الوزارات والمؤسسات المعنية بمواجهة الأزمة الراهنة وتداعياتها، فجهودهم منظورة ومحسوسة ومشكورة ومقدّرة، وشغلهم الشاغل هو صحتنا وسلامتنا وأمننا، ولنحمد الله؛ إذ لا يوجد بينهم من هو مشغول ببطولة أوهبوط أو استئناف نشاط من عدمه!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"