التباسات في الإنتاج والفضائيات

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

ألا تلاحظ أن شركات الإنتاج الفنّي والكثير من الفضائيات تقع في فخّ فكري ونظري مريب؟ إنها ضحيّة خلط بين مجالين مختلفين، متجاورين للتشابه بينهما، متباينين للفارق الكبير في الوظيفة والمسؤوليّة المترتبة عليها. خبط عشواء ناجم عن توهّم أن حرّية الإبداع ليس لها حدود أو قيود حتى في الإعلام، فالمنتجون أحرار في الإنتاج بلا ضوابط ولا كوابح، ولتذهب حرمة الأسرة، ومنظومة القيم التربوية والاجتماعية، إلى حيث ألقت.

بعض المنتجين يسيئون استغلال النظريات النقدية في الآداب والفنون، كذلك الفضائيات الواهمة أن كل المسلسلات إبداع لا يأتيه الباطل من بين أيدي منتجيه، فالشاشات ليست في غنًى عن الفحوص الشاملة، ولا مبرّأةً من ضرورة توصيف الوظيفة، وتعريف الغاية.

هل على المشاهدين الاعتقاد أن رمضان مهرجان تتنافس فيه شركات الإنتاج في أيِّها أقدر على هدم دعائم الأسرة، وتحطيم أركان البنى الاجتماعية؟ الغريب أن المنتجين والمخرجين والممثلين عندما يُسألون عن الهدف من وراء العمل الذي عرضوه يعمدون إلى الاستشهاد بمقولات وأفكار ونظريات في النقد الأدبي والفني، قد تكون قيلت في الإبداع عموماً، لكن هل اتفقنا معكم على أن ما تقدمونه إبداع حقاً؟

حتى لا يظن المنتجون أن المشاهدين غافلون أو راضون، وحتى لا تقع الفضائيات في الالتباسات النظرية في العملية الإعلامية، ضرورةُ وجود الضوابط ليست قمعاً رقابياً، ولا تكميماً للأفواه، ولا انتهاكاً لحريّات الفكر والرأي والتعبير، وهلمّ جراً من هذه الملصقات. مثلاً: لا ينبغي لعاقل توهّم أن ما ينطبق على نشر الكتب يُقاس عليه في الفضائيات. التذرّع بشوقي في غير محله: «أحرامٌ على بلابلهِ الدوحُ حلالٌ للطير من كلّ جنسِ؟»، فالتراث الشعري والنثري فيه قناطير ممّا لا يجوز بثّه بحال، ومن المحال نشره في الكتب المدرسية.

للفضائيات رسالة إعلامية لا ينبغي تخطّيها، فالعالم العربي الذي ذاق ويذوق ألواناً من الاستعمار في ميادين شتى لا يصح أن يكون مستعمرةً في الفكر والذوق أيضاً. إلى هذا الحد أفلس العرب إبداعيّاً، فصاروا غير قادرين حتى على إنتاج مسلسلات تحترم دينهم في الشهر الذي أنزل فيه القرآن؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الانتكاسية: هل تريد الشركات تلقيننا أن الاستهتار بالقيم هو الصراط المستقيم إلى الحضارة؟ اللهمّ كذِّب ظنّ القلم بصلاح المسلسلات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yt3byhxt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"