هل تحدث المواجهة الكبرى؟

00:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

أثار تصريح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال جلسة استماع مجلس النواب الأمريكي بأنه «إذا خسرت أوكرانيا الحرب، أعتقد حقاً بأن حلف الناتو سيواجه روسيا وجهاً لوجه» التساؤلات حول إمكانية حصول مثل هذه المواجهة العسكرية، وعما إذا كان الوزير الأمريكي يقصد توجيه رسالة تهديد إلى روسيا من مغبة هزيمة أوكرانيا، أو هي مجرد دعوة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كي يثبّت أقدامه ويواصل الحرب رغم ما يحرزه الجيش الروسي من إنجازات ميدانية حققها مؤخراً اعتبرها أوستن «مقلقة جداً».

إن التهديد بمواجهة بين روسيا وحلف الأطلسي الذي يصدر للمرة الأولى عن مسؤول أمريكي رفيع، بمستوى وزير الدفاع، يكشف أن هناك خوفاً حقيقياً من هزيمة أوكرانية بدلاً من «هزيمة استراتيجية روسية»، كما كان يخطط حلف الأطلسي ويسعى إليه من خلال الدعم العسكري المتواصل لكييف، ومنعها من دخول مفاوضات تؤدي إلى تسوية سلمية تضع حداً لحرب أودت بحياة آلاف الأوكرانيين من جنود ومدنيين ودمار هائل لحق بعشرات المدن والمؤسسات والمصانع والبنى التحتية ومختلف وسائل الإنتاج.

إذا كانت الدول الغربية غير قادرة على مواصلة دعمها لأوكرانيا في حربها بالوكالة ضد روسيا، وإذا كانت القوات الأوكرانية غير قادرة على تحقيق الانتصار الذي يريده الغرب، فإن هزيمة روسيا عبر التدخل المباشر لحلف الأطلسي، كما يرى أوستن غير مضمونة أيضاً، ونتائجها سوف تكون خطيرة جداً على الأمن والسلم العالميين لأن مثل هذه الحرب سوف تؤدي بالتأكيد إلى إشعال فتيل حرب كونية لن تكون أوروبا وحدها ساحتها، بل ستشمل العالم، مع كل الاحتمالات باللجوء إلى السلاح النووي.

إن تدخل حلف الأطلسي في الحرب الأوكرانية مباشرة، بما يتجاوز التدخل الحالي بالأسلحة والخبراء والمستشارين والمخابرات والمرتزقة، يعني أن الدول الغربية كانت قررت قبل بدء الحرب الأوكرانية وضع روسيا هدفاً لها لإضعافها وإسقاطها والتخلص مما قد تسببه من تقويض للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وذلك من خلال توسع حلف الأطلسي إلى الحدود الشرقية الروسية، ومن ثم استثمار أوكرانيا ك«حصان طروادة» في إضعاف روسيا عسكرياً وصولاً إلى هزيمتها والخلاص من عبئها.

روسيا وصفت تصريح وزير الدفاع الأمريكي ب«الجنون» كما قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، فيما قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين «إنها تصريحات غير مسؤولة وتؤدي إلى مزيد من التصعيد»، وأضاف «إن الناتو يعتبر أوكرانيا أراضيه.. وهذا يؤكد مبررات العملية العسكرية الروسية».

أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد كشف عواقب تدخل حلف الأطلسي في الحرب الأوكرانية معتبراً أنها «ستكون مأساوية»، وقال «نحن نتذكر الذين أرسلوا وحداتهم ذات مرة إلى أراضينا، ولكن العواقب الآن ستكون على المتدخلين المحتملين مأساوية».

وحذر بوتين من مخاطر مثل هذا التدخل «الذي يهدد بالفعل بصراع باستخدام الأسلحة النووية ما يعني تدمير الحضارة العالمية». ووجه كلامه إلى الدول الغربية بالقول «يجب عليهم (الغرب) أن يفهموا أخيراً أن لدينا أسلحة أيضاً، وأن يعرفوا أنها تصيب أهدافاً على أراضيهم».

هل تخرج الحرب الأوكرانية عن حدودها الحالية وعن الأهداف الغربية المرسومة لها بإضعاف روسيا وإنهاكها وإخراجها من معركة الصراع على النظام الدولي بالحرب الأوكرانية والحصارالسياسي والاقتصادي، وذلك من خلال التدخل العسكري الأطلسي المباشر بحيث تتغير كل قواعد الحرب الحالية وتتحول إلى حرب أوسع وأشمل وأخطر؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3awh6ak8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"