لطالما رفع الإنسان رأسه نحو الفضاء الواسع، وجال بنظره في السماء، عرف مواقع النجوم، ومنحها أسماء، وقاده فضوله للبحث عن الكواكب ومواقعها. ومع التطور التقني والتكنولوجي، أقيمت المناظير، وأرسلت المسابر، وصنعت الصواريخ التي حملت رواد الفضاء.
في هذا العصر، تتضح الصورة، وهي أن الفضاء يقدم خدمات غير مسبوقة للبشرية، وهو علم لا نتوجه نحوه بسبب الفضول وحب الاكتشاف وحسب، بل لأنه مجال خصب لنمو البشرية، ولأنه يساهم في التطور والرقي الحضاري.
هناك فوائد كثيرة جداً لعلم الفضاء، ولرحلاتنا نحو الكواكب، ومعرفة المزيد عن المجرات، ووضع النظريات، والتوسع في الدراسات والبحوث الفضائية، لأن لها صدى قوياً ومميزاً على كوكبنا وتطوره. الاهتمام بعلوم الفضاء يرتد دائماً بشكل إيجابي على الإنسان.
من أهم الفوائد التي ستخرج بها البشرية باهتمامها بالفضاء وسبر أغواره، أنه سيمكننا في نهاية المطاف من استعمار البعض من الكواكب والتوسع البشري، خاصة مع تطور الطب وزيادة الأعمار، التي يتوقع معها تزايد أعداد سكان كوكب الأرض. فضلاً عن هذا، فإن البعض من الكواكب قد تكون مفيدة في مواردها الطبيعية التي ستكون ثرية وجديدة. أيضاً الاهتمام بالفضاء وعلومه وغزوه، يعني التوسع في مجالات مثل التعليم والبحث العلمي، وعندما ينجح العلماء في فهم تكون الكواكب والمجرات، فإن هذا قد يقود نحو اكتشاف مواقع فيها حياة غير الأرض، أو أشكال مختلفة من الفيزياء أو الكيمياء ونحوها من العلوم.
ولا ننسى أن غزو الفضاء يتطلب تقنيات ومهارات متطورة، وهذا يعني الاهتمام بالمخترعات والابتكارات، ويعني التطور في مجالات الطاقة والاتصالات، والحماية من الإشعاعات، وغيرها، ودون شك أن التطور في مثل هذه المجالات سيقود نحو استخدامها في الأرض، وهو ما يعني دخول تقنيات الفضاء للاستخدام البشري. وهذا سبق وحدث في كثير من المخترعات والمبتكرات، حيث صنعت أجهزة لاستخدام رواد الفضاء خلال رحلاتهم وبقائهم في الفضاء، ثم انتقلت للاستخدام العام للناس، مثل: الأكسجين المضغوط، الذي تم تطويره لاستخدام رواد الفضاء، لكنه انتقل فيما بعد لاستخدامه في مجالات الرعاية الصحية تحديداً.
ولا ننسى الأغذية المجففة التي صنعت لتحافظ على قيمتها الغذائية، ليتناولها رواد الفضاء خلال رحلاتهم الطويلة أو القصيرة، ثم باتت شائعة يمكن شراؤها من المتاجر العامة.
الحقيقة أن الفضاء وعلومه شغف وحاجة للإنسان، في كل مكان، لذا سيساهم في نمو ثقافة التعاون والاتحاد البشري.
