جرائم تنتظر العقاب

00:11 صباحا
قراءة 3 دقائق
افتتاحية الخليج

حلقات مسلسل الحرب العبثية التي تشنها إسرائيل وما يتخللها يومياً من فظائع ترتكب بحق الأبرياء والمدنيين على مدى ستة أشهر في قطاع غزة، وهي الأفظع في تاريخ الحروب المعاصرة، باتت نهجاً إسرائيلياً يومياً يتم عن سابق إصرار وترصّد بهدف قتل كل ما هو إنساني لدى الشعب الفلسطيني.
هذا السلوك الذي يتنافى مع كل الشرائع والمواثيق الدولية والقوانين الإنسانية لا يفرّق بين المدنيين الفلسطينيين، سواء كان المدني طفلاً أو امرأة أو كهلاً، ولا يستثني في ذلك المستشفيات والمدارس وأماكن اللجوء، ولا حتى المنظمات الإنسانية التي تحاول إغاثة من تبقّى على قيد الحياة بما يسد رمقه ويعينه على البقاء.
ومن آخر الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي الهجوم الذي تعرّض له فريق منظمة «وورلد سنترال كيتشن» (المطبخ المركزي العالمي) في دير البلح، ومقتل سبعة من أعضائه ينتمون إلى جنسيات أسترالية وبولندية وبريطانية وأمريكية وكندية إضافة إلى مترجم فلسطيني.
هذه الجريمة التي هزت الضمير العالمي، وشكلت ضربة لكل القيم الإنسانية، اعتبرتها دولة الإمارات «جريمة نكراء وانتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي والإنساني»، خصوصاً أن فريق مؤسسة المطبخ العالمي شريك لدولة الإمارات في مبادرة «أمالثيا» لتعزيز الاستجابة الإنسانية المقدمة للمدنيين في قطاع غزة.
وحمّلت دولة الإمارات في بيان لوزارة الخارجية إسرائيل «مسؤولية هذا التطور الخطير كاملة، وطالبت بتحقيق عاجل ومستقل وشفاف بشأن ما حدث، ومعاقبة المتسببين في هذه الجريمة النكراء»، كما طالبت «بعدم استخدام الغذاء سلاحاً، والكف، من دون إبطاء، عن فرض قيود على المساعدات الإنسانية وتوفير الحماية لها». كما وجه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية برقيات تعزية لوزراء خارجية الدول التي ينتمي إليها ضحايا المجزرة الإسرائيلية التي ارتكبت، رغم التنسيق المسبق بين هذه المنظمة الإنسانية والسلطات الإسرائيلية، ما يعني أن ارتكاب الجريمة كان مقصوداً، بهدف ردع مثل هذه المؤسسات عن تقديم خدماتها للفلسطينيين والتخفيف من المجاعة التي يعانونها، وبالتالي إجبارها على الرحيل، كما هو الحال بالنسبة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تتعرض لحملة إسرائيلية ضارية بهدف تصفيتها.
ولأن الإمارات تدرك أبعاد استهداف المنظمات الإنسانية، فقد أصدرت مع جمهورية قبرص بياناً مشتركاً دانتا فيه الجريمة «وكافة أعمال العنف ضد العاملين في مجال العمل الإنساني الذين يكرسون حياتهم لخدمة المحتاجين»، واعتبرتا ذلك «انتهاكاً صارخاً لجميع المعاهدات الدولية التي تكفل حماية عمال الإغاثة والإنقاذ»، وطالبتا إسرائيل بأن «تقوم بمسؤولياتها في حماية العاملين في المجال الإنساني الذين ينبغي أن يكونوا قادرين على القيام بهذا العمل الحيوي بأمان دون الخوف على حياتهم».
منظمة «المطبخ المركزي العالمي» أعلنت وقف عملياتها مؤقتاً في قطاع غزة، وأكدت أن فريقها المستهدف «كان يرفع شعار المنظمة، وقد تعرض للقصف أثناء مغادرته مستودعاً في دير البلح بعد تفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية، رغم تنسيق التحرك مع الجيش الإسرائيلي».
الرئيسة التنفيذية للمنظمة إيرين جور اعتبرت الحادث «هجوماً على كل المنظمات الإنسانية»، ودعا مؤسس المنظمة خوسيه أندريس إلى عدم استخدام الغذاء سلاحاً في الحرب، في حين أدت الجريمة إلى صدمة عالمية وسيل من التنديد والاستنكار على مستوى العالم.
إنها جريمة موصوفة ومعلنة، يجب ألا تمر مرور الكرام أو تذهب ضحية مع كل ضحايا المجازر الإسرائيلية، وعلى العالم أن يشارك في التحقيق ومعاقبة المتسببين فيها ومن أعطى الأوامر بارتكابها، وأن تكون جزءاً من جرائم الحرب التي تعرض على المحكمة الجنائية الدولية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wucb68s

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"