تضامن عالمي عن بعد

01:34 صباحا
قراءة دقيقتين

مذهلة الأرقام التي نقرؤها على مواقع السوشيال ميديا، ومذهل ما يستطيع تحقيقه الذكاء الاصطناعي، والقوة الدعائية والترويجية والتضامنية التي تستطيع تحقيقها وسائل التواصل الاجتماعي؛ فمهما حاولت أي جهة، أو أي مجموعة خلق وسائل وأفكار للترويج لقضية ما، لن تتمكن من الحصول على أكثر من ٢٩ مليون مشاركة في أقل من ٢٤ ساعة، كما فعلت حملة التضامن التي انتشرت قبل يومين عبر «إنستغرام» وشعارها «كل العيون على رفح».

كل ما حصل في الماضي القريب من أحداث مؤسفة، وحروب في فلسطين، لم نشهد له تفاعلاً حول العالم مثلما يحصل الآن، فالقضية هذه بقيت محصورة ضمن إطار المعنيين بها، وعصرت قلب كل عربي متألم لما يحصل للمدنيين، من أطفال، ونساء، وشيوخ، ونادراً ما تعاطفت، أو استنكرت، أو صرخت جموع من أهل الغرب؛ فما الذي تغير؟

صحيح أن اللعبة السياسية تتبدل، وهناك ما قلب الموازين، لكن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً مهماً في نشر ما لم تنشره وسائل الإعلام، وكشفت مدى تفاعل الناس، من مختلف الجنسيات والفئات، مع ما يحصل في غزة ورفح، وتمكن من خلالها فنانون ومشاهير من قول كلمتهم الرافضة للمجازر والظلم، وبلغ التفاعل مداه قبل يومين مع انتشار حملة «كل العيون على رفح» التي شارك فيها الملايين من حول العالم؛ ملايين رأوا الحملة على الإنستغرام فشاركوا فيها من تلقاء أنفسهم، كأنها حملة منظمة، حتى بتنا نشاهد نفس الصورة التي صُنعت بالذكاء الاصطناعي، وتتضمن تجمعاً افتراضياً هائلاً للخيام في القطاع الفلسطيني المدمر، تتوسطها عبارة «كل العيون على رفح» باللغة الإنجليزية.

ككرة الثلج انتقلت الصورة والعبارة من فرد ومجموعة، إلى الملايين، وصارت حكاية أغلبية الصفحات، تعبّر عن آراء كل هؤلاء الناس، ومن يقفون خلفهم، وأهلهم، وأصدقائهم.. لتعبّر بشكل سلمي عن مطلب جماعي وإنساني لوقف الحرب، وحماية المدنيين، ولأن التعبير عن هذا الموقف وهذه الدعوة لصحوة ضمير عالمية بشكل ذكي لا يخترق القوانين التي وضعتها «ميتا»، ولا يتمكن أحد من منعها.. ما حصل هو خير دليل على أن التواصل الاجتماعي قادر على التأثير إذا أجدنا استغلاله، والشعوب تتضامن عن بعد، وبشكل عفوي وإنساني، ولا تحتاج أحياناً إلا إلى دعوة بسيطة كي تلبّي النداء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/twztwnsd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"