القسوة ليست النهج

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

هناك مفهوم عام، لدى بعض الأمهات والآباء، حول أن القسوة والصرامة والحدة، مع أطفالهم من أفضل طرق التربية، وأن هذه القسوة هي التي تعلم الطفل السلوك الصحيح، وتجنبه السلوك الخاطئ. والحقيقة أن القسوة مع الطفل، ومثلها الحدة، تولد المخاوف في قلب الصغير وعقله، الذي لا يفهم، أو لا يستطيع تفسير هذه القسوة، وهذه المخاوف تتزايد وتنمو، لتصبح عُقداً تجلب المرض النفسي، وتسهم في تحطيم معنويات الطفل تماماً.

وفق كثير من الدراسات العلمية والبحوث في مجال الطفولة والتربية، فإن الطفل الذي يتعرض للقسوة أو العقاب البدني أو اللفظي، من قبل الأب أو الأم، هناك ضرر على صحته النفسية والعاطفية، وقد يكون عرضة للخوف المرضي والقلق والاكتئاب، بل إنه قد يفقد ثقته بنفسه، ويفقد الثقة بالآخرين، وهو ما يعني العزلة والهروب، ما يولد العدوانية عند تعامله مع الناس في المستقبل.

في عام 2018 نشرت مجلة «علم النفس التطوري» دراسة علمية، توصلت إلى نتيجة مفادها: «إن الأطفال الذين كانوا عرضة للعقاب الجسدي، من والديهم، كانوا أكثر عرضة للاكتئاب والقلق، بل والسلوك العدواني، في مرحلة المراهقة». وفي عام 2019 نشرت جامعة كولومبيا دراسة توصلت إلى نتائج منها: «إن الأطفال الذين تمت تربيتهم على قيم الحب والهدوء والدعم، كانوا أكثر تكيفاً وثقة ونجاحاً في حياتهم، موازنة مع أقرانهم، الذين تعرضوا للعقاب». و«المجلة الدولية للطب النفسي للطفل» نشرت في عام 2021 بحثاً جاء فيه: إن العقاب البدني والقسوة اللفظية، قد يؤثران سلباً في تطور المهارات المعرفية والاجتماعية عند الطفل.

اعتقاد أن القسوة تولد المسؤولية، هو اعتقاد خاطئ تماماً، وهناك طرق ومهارات تربوية لها فاعليتها وأثرها الإيجابي العظيم، يفترض على كل أب وأم، وكل معلم ومعلمة، اتباعها عند التعامل مع الأطفال. يجب فهم أن الأساليب التربوية التي تقوم على الحب والدعم والتشجيع، والتواصل القوي مع الطفل وتلبية احتياجاته الطفولية بصبر وحنان، هي النهج التربوي الصحيح، وهي الوسيلة التي تعطي الطفل الثقة، وتعزز نموه العاطفي والانفعالي بصحة وسلامة، لنتجنب العقاب، ونستبدله بالثناء وتعزيز السلوكيات الصحيحة، لأننا في طور بناء احترام الطفل لنفسه وقيم مجتمعه.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/498yb8vm

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"