الماس.. نموذج يحتذى لتبنّي التكنولوجيا (1 2)

21:51 مساء
قراءة 4 دقائق

أحمد بن سليم*

نظم مركز دبي للسلع المتعددة على هامش اجتماع ما بين دورتي عملية «كيمبرلي» الذي عقد الشهر الماضي، ندوة خاصة تحت عنوان «المصدر والتتبع والتكنولوجيا في صناعة الماس». وقد تم تنظيم هذا الحدث من أجل التوسع في مناقشة ومعالجة التطورات والتحديات الرئيسية في مشهد تجارة الماس العالمية، وكانت الأهداف الرئيسية لهذا الحدث هي توضيح التقدم الكبير المحرز في التطوير الفني لهذه الصناعة، وقيمة ودور التكنولوجيا في رفع معايير الصناعة، وتحقيق فهم أفضل للدور الحاسم الذي يلعبه الموردون في دفع الاعتماد التكنولوجي التحويلي.

وكما أوضحت مارجوت ستيوارت، إحدى مؤسسي شركة «Originalluxury»، فإن صناعة الماس تقف عند مفترق طرق محوري في تطورها. وفي مواجهة العديد من التحديات الرئيسية التي تتراوح بين التغيرات في سلوك المستهلك، والشعبية المتزايدة للماس الصناعي، والقيود على الاستيراد التي فرضتها مجموعة السبع مؤخراً، فمن المؤكد أن الضغط على الأطراف المعنية في الصناعة قد تصاعد. ومع ذلك، فقد أوضحت نتائج الندوة الخاصة حول «المصدر والتتبع والتكنولوجيا في صناعة الماس» أيضاً، أنه لا يمكن التغلب على هذه التحديات فحسب، بل من المحتمل أيضاً إعادة توجيه عقارب الساعة نحو مناخ أكثر إيجابية.

وأشار البروفيسور فيليسيتاس مورهارت إلى نظرية التأثير الاجتماعي لكيلمان، مؤكداً أنه إذا تم منح الصناعة خيارين من حيث كيفية حكمها أو تنظيمها، أحدهما الامتثال الأعمى والآخر من خلال تحديد الهوية، أي الظروف التي تتفاعل فيها الصناعة مع متطلباتها الخاصة للحصول على أفضل النتائج الممكنة، فإن من الواضح أن تحديد الهوية هو الخيار الأفضل.

كما ذكرت (رويترز) في شهر مايو/ أيار 2024، «قالت سبعة مصادر: إن الولايات المتحدة تعيد تقييم العناصر الأكثر صرامة للحظر المفروض على الماس الروسي من مجموعة الديمقراطيات السبع الكبرى، بعد معارضة الدول الإفريقية وشركات صقل الأحجار الكريمة الهندية، وتجار المجوهرات في نيويورك»، حيث وصف مصدران الحضور الأمريكي بأنه «موجود ولكن من دون انخراط مباشر». وبحسب المقال نفسه، قال مسؤول أمريكي: «نحن بحاجة إلى القيام بذلك بطريقة تأخذ في الاعتبار مخاوف الشركاء والمنتجين الأفارقة، وتأخذ في الحسبان الشركاء الهنود والإماراتيين... والتأكد من أننا نستطيع أيضاً جعل الأمر قابلاً للتطبيق بالنسبة للصناعة الأمريكية. فهل هناك آلية تتبع تلبي كل ذلك؟ ما زلنا منخرطين، ولم نبتعد عن الفكرة». أنا لا أتفق مع آراء المصدر بشأن معالجة مخاوف الأطراف المعنية العالمية فحسب، ولا أزال حتى مقتنعاً بأن آليات التتبع المناسبة ليست ممكنة فحسب، بل إنها ضرورية لأمن صناعة الماس ومصداقيتها في المستقبل.

تاريخياً، كانت أفكار التصنيف والتتبع موجودة منذ بعض الوقت، فمع إنشاء المعهد الأمريكي لعلوم الأحجار الكريمة في عام 1931، وإدخالها للنقش بالليزر في عام 1983، كانت شركات التتبع الأخرى مثل «Sarine» موجودة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ومع ذلك، بالنسبة للصناعة، أصبحت إمكانية التتبع في المقدمة لثلاثة أسباب رئيسية. أولاً، من أجل وقف تدفق الماس الممول للصراعات، وثانياً لدعم التعرف إلى المنتجات المقلدة، وثالثاً لأغراض سياسية تتمثل في دعم العقوبات المرتبطة بالحكومات.

في ما يتعلق بالماس الممول للصراعات والماس المقلد، فإن إنشاء عملية «كيمبرلي» في عام 2003 والإجراءات التي اتخذتها الشركات ذات المنتجات الفاخرة والراقية كان لهما زمام المبادرة في كل قضية، وعلى الأخص من خلال بعض آليات التتبع التي سأتناولها لاحقاً في هذا المقال. وعندما يتعلق الأمر بدعم العقوبات من دون التسبب بأضرار لسلاسل التوريد الأولية، فإن ذلك يظل موضوعاً خاضعاً للحوار، ومع ذلك، نجحت ندوة «المصدر والتتبع والتكنولوجيا في صناعة الماس» في طرح العديد من الحلول البناءة.

وفي هذا السياق، أوضح ديفيد بلوك، الرئيس التنفيذي لمجموعة «Sarine Technology Group» قائلاً: «أعتقد أنه من المهم أن نفهم أن إمكانية التتبع ومعرفة مصدر البضائع، والرحلة على طول خط الأنابيب لم تبدأ لدى مجموعة السبع، بل بدأت منذ سنوات عدة».

وفي حين أن الحكومات لديها أسبابها السياسية للمشاركة في العقوبات، فإن المشهد العام أثبت أن من الأفضل لصانعي السياسات إقامة علاقات أوثق مع الصناعة ككل من أجل فهم كيفية تحقيق أهدافهم، من دون التأثير سلباً في الفئات الأكثر عرضة للمخاطر. كما لخّص روني فان دير ليندن، نائب رئيس المجلس العالمي للماس، ورئيس الرابطة الدولية لمصنعي الماس «نحن ندرك إلى أين تريد مجموعة السبع أن تذهب - سنعمل معهم، ولكننا سنعمل معهم كصناعة عالمية وليس كأفراد».

وفي تكرار لموقف زميلها، لا سيما في ما يتعلق بالأهداف طويلة المدى لمجموعة السبع واقتراحها الأولي بشأن إدارة العقوبات، ذكّرت رئيسة المجلس العالمي للماس، فريال زروقي، الحضور بأن «الهدف هنا هو تسهيل وصول المنتجات الإفريقية أو منتجات أمريكا الشمالية إلى دول مجموعة السبع، لا عرقلته. نحن هنا لمساعدة مجموعة السبع على تحقيق أهدافها، ونحن نعرف كخبراء في صناعة الماس وخبراء في سلسلة التوريد ما الذي ينجح، وما الذي لا ينجح».

كمثال على الكيفية التي يمكن بها لهذا النوع من التعاون أن يفضي إلى نتائج إيجابية، وقّعت شركة «Authentia»، وهي شركة تقدم حلول التتبع المدعومة ببراءات الاختراع، أخيراً، مذكرة تفاهم مع الجمعية الإفريقية لمصنعي الماس بهدف تعزيز جهود التتبع. وكما أكد أنطونيو أوليفيرا، رئيس شركة ADMA، فإن «النهج المنفتح الذي يتبعه الفريق الفني لشركة Authentia في ما يتعلق بما تحتاجه صناعة الماس الإفريقية بالفعل، هو ما يوفر لهذه المنصة الواعدة للماس الطبيعي والأحجار الكريمة فرصة حقيقية للازدهار والاستمرارية وإعطاء الأولوية للمصدر».

لم يكن الشركاء في عملية التتبع والتكنولوجيا الذين شاركوا في ندوة مركز دبي للسلع المتعددة منفردين في طرح نهج لهذه العملية، فقد قدموا حلاً شاملاً لتتبع الماس و/أو الأحجار الكريمة بدءاً من المناجم، وعلى طول رحلة وصولها إلى العميل وما بعدها. وسواء من خلال رموز الاستجابة السريعة أو أدوات التتبع الفعلية، أو الحمض النووي الاصطناعي، أو نفاثات الليزر الدقيقة، أو معرفات النانو، انضم ممثلون من Provenance Proof وSarine Technology Group وiTraceiT وOpsydia وTracr وLemon-DiaTech Group وSynova S.A إلى شركة Authentia في تقديم خدمة شاملة، ومتكاملة، توفر الشفافية الكاملة والمساءلة عن رحلة الماس، مع ضمان المخرجات الأمثل بفضل العديد من التطورات التكنولوجية.
* الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc6cswe4

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"