العدالة الدولية تدين الاحتلال

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

سَجَّلَ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي اعتبر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967 غير قانوني، ويجب إنهاؤه في أسرع وقت ممكن، موقفاً تاريخياً يصدر عن أعلى هيئة قضائية لصالح الشعب الفلسطيني، وينتصر لقضيته العادلة، ويقر بالظلم الذي طاله عقوداً طويلة.

القرار القضائي العادل كان محل ترحيب واسع من مناصري القضية الفلسطينية، وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لا تُفَوِّت فرصة من دون أن تشدد فيها على ضرورة إنهاء الاحتلال وإرساء السلام وفق رؤية حل الدولتين. وبمناسبة هذا القرار، جددت وزارة الخارجية، في بيان، رفضها القاطع لجميع الإجراءات التي تستهدف الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو موقف ينسجم مع تحرك الإمارات الإنساني للتخفيف عن الأشقاء في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية، وقد سيَّرت منذ الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي 100 قافلة إغاثة متنوعة ضمن عملية «الفارس الشهم 3»، وتواكب مع ذلك مطالب بوقف فوري لإطلاق النار وفك الحصار المفروض على دخول المساعدات الإنسانية، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وفي صدارتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ضمن هذا النهج الذي تتبناه الأطراف المسؤولة، جاء رأي محكمة العدل الدولية، وصدر في غمرة تعاطف عالمي غير مسبوق مع الشعب الفلسطيني، جراء العدوان المستمر على غزة، وزيادة وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. ومثلما كان القرار متوقعاً وبشارة خير بالنسبة إلى الفلسطينيين، ولَبِنَة إضافية يمكن البناء عليها، كان صادماً لإسرائيل ولحكومتها المتطرفة، لا سيما أنه بَلْوَرَ رَدَّ فعل قوياً على التشريع الذي تبناه الكنيست الإسرائيلي قبل أيام، وينص على رفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن، في خطوة تتنكر لكل المعاهدات والمواثيق، وتنسف أسس السلام المأمول في المنطقة، وتضيف مزيداً من التوتر لإذكاء الصراع، من دون وعي بأن مثل هذه الإجراءات محكوم عليها بالفشل، ولن تسمح لإسرائيل بأن تفرض حلاً أحادي الجانب، أو تشطب الشعب الفلسطيني وحقوقه في أرضه المحتلة.

القرار الذي اتخذته محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيتطلب خطوات عملية وذات مصداقية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وهذه مسؤولية المجتمع الدولي، الذي باتت أغلبيته الساحقة تعترف بالدولة الفلسطينية، باستثناء قلة من الدول باتت معزولة، ولا تريد أن تقر بأن إسرائيل قوة احتلال تنتهك التشريعات الدولية، وتاريخها حافل بجرائم الحرب المشينة، وأفظعها ما تشهده غزة منذ عشرة أشهر، ومازالت دوامة القتل والإبادة مستمرة ولا تلوح لها نهاية. ومع ذلك لم تحقق لها هذه الحرب ما أرادت، بفعل صمود الشعب الفلسطيني في أرضه، وبفضل الوعي الدولي الذي يتنامى في كل مكان، وشكَّل حالة من المساندة والدعم غير المسبوقين في العصر الحديث.

قرار محكمة العدل الدولية الأحدث، والقرارات والمواقف التي صدرت في الأشهر الأخيرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، كلها تؤكد أن القضية الفلسطينية أصبحت قضية رأي عام عالمي، وتكتسب تعاطفاً متعدد الجنسيات، لأنها قضية تحرر وطني من احتلال بغيض يريد أن يقفز على الواقع بالسطو على الجغرافيا وتزوير التاريخ، وهو ما لن يكون، مهما طالت المحنة، فالظلم لا يدوم، والعدالة لا بد يوماً أن تسود.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryvfc2r

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"