مقال مدفوع
جديد الأسواق

كيف توفر تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي سُبُلاً جديدة لإنشاء المحتوى

09:00 صباحا
قراءة 4 دقائق
tech

يتطور المشهد الإعلامي بسرعة كبيرة في عصرنا الرقمي الحالي، حيث تتوفر كميات هائلة من المعلومات وتتناقص قدرتنا على الانتباه لفترات طويلة. تواجه أساليب إنشاء المحتوى التقليدية تحديات جديدة، حيث تعيد التقنيات المبتكرة تشكيل كيفية إنتاج وتوزيع واستهلاك الوسائط. يكمن في قلب هذه التحولات اندماج تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي تركيبة فعالة لتعزيز الإبداع والكفاءة في قطاع الإعلام.

أحدثت تحليلات البيانات الضخمة تغيير جذري في كيفية جمع وتحليل وتفسير المؤسسات الإعلامية لكميات هائلة من البيانات بهدف  التعرّف على تفضيلات وسلوكيات واتجاهات الجمهور. مع انتشار المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت تُنتج كل نقرة أو مشاهدة أو إعجاب أو مشاركة كم كبير من البيانات التي يمكن تحليلها واستخدامها لتوجيه استراتيجيات الإنتاج الإعلامي. تستخدم المؤسسات الإعلامية اليوم قوة تحليلات البيانات لفهم جمهورها بشكل أفضل وتخصيص المحتوى وتحسين قنوات التوزيع، مثلما تقترح خدمات البث "خيارات مشابهة" استناداً إلى عادات المشاهدة.

مع ذلك، تُمثل كمية وتعقيد البيانات تحدياً هائلاً، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي التوليدي. تتمثل قوة خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتقدمة، وخاصةً النماذج العميقة مثل GPT (المحول التوليدي المدرب مسبقاً)، في قدرتها على تحليل وفهم كميات ضخمة من البيانات وتعلم الأنماط وإنشاء نصوص وصور وحتى مقاطع فيديو تشبه تلك التي ينتجها البشر.

يقوم المزج بين تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي التوليدي بإعادة تشكيل طُرُق إنشاء المحتوى في قطاع الإعلام، ويتعيّن على المؤسسات أن تفهم هذه الطرق أولاً قبل إدراك الإمكانيات الكاملة لهذه التقنيات الأساسية.

تخصيص المحتوى: تستطيع المؤسسات الإعلامية باستخدام تحليلات البيانات الضخمة تقسيم جمهورها استناداً إلى الديموغرافيات والتفضيلات والسلوكيات، ويمكن بعد ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء محتوى مخصص يلبي اهتمامات واحتياجات شرائح الجمهور المحددة. سواء كان ذلك مقالات إخبارية أو إعلانات أو محتوى ترفيهي، فإن التجارب المخصصة تعزز التفاعل والروابط العميقة مع الجمهور.

إنشاء المحتوى الآلي: تقليدياً، تعتبر عملية  إنشاء محتوى عالي الجودة عملية مستهلكة للوقت والجهد. يغير الذكاء الاصطناعي التوليدي ذلك من خلال أتمتة مهام إنشاء المحتوى، فيمكن إنشاء المقالات الإخبارية والتقارير ووصف المنتجات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، مما يمنح المزيد من الحرية للموظفين للتركيز على مهام أكثر إبداعاً واستراتيجية. يساهم هذا في زيادة الكفاءة بالإضافة إلى السماح للمؤسسات الإعلامية بتوليد مجموعة أوسع من المحتوى والاستجابة للأخبار العاجلة والاتجاهات في الوقت الفعلي.

تعزيز الإبداع والابتكار: يعمل الذكاء الاصطناعي التوليدي كمحفز للإبداع والابتكار في إنشاء المحتوى. من خلال تحليل مجموعات ضخمة من المحتوى الحالي، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي تحديد الاتجاهات والأنماط والمواضيع الناشئة، مما يلهم منشئي المحتوى لاستكشاف أفكار جديدة ومناهج مبتكرة. وبالمثل، يمكن أن يكون المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي نقطة انطلاق أو مصدر إلهام لمنشئي المحتوى البشر، مما يثمر عن مفاهيم جديدة ويُسهّل التعاون بين الإنسان والآلة.

تحسين جودة واتساق المحتوى: تملك خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي القدرة على إنتاج محتوى بكميات كبيرة ومتّسق في الأسلوب والجودة أيضاً. يمكن للمؤسسات الإعلامية ضمان تقديم محتوى متسق لكافة منشورات العلامة التجارية، بغض النظر عن القناة أو النوعية أو التنسيق، ويساعد هذا في بناء هوية قوية للعلامة التجارية وإقامة علاقات مبنية على الثقة مع الجمهور.

معلومات وتحسينات في الوقت الفعلي: من خلال تحليلها لتيارات البيانات باستمرار من مصادر مختلفة، ويشمل ذلك وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية ومنصات البث، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي من تحديد المواضيع الناشئة وتقييم ردود أفعال الجمهور وتحسين المحتوى في الوقت الفعلي. تسمح هذه المرونة للمؤسسات الإعلامية بالبقاء في المقدمة وتقديم محتوى يتردد صداه مع جمهورها.

إلا أنه على الرغم من الإمكانيات الهائلة لتحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي التوليدي القادرة على إعادة تشكيل طرق وأساليب إنشاء المحتوى في الإعلام، هناك العديد من التحديات والاعتبارات الأخلاقية التي يجب معالجتها، ومنها:

التحيز والعدالة: تعتمد نسبة تحيّز النماذج الذكية الاصطناعية على نسبة تحيز البيانات التي تم تدريبها عليها، ويمكن للتحيزات الموجودة في بيانات التدريب أن تعزز وتضخم الصور النمطية والتحيزات القائمة في المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي. يتعيّن على المؤسسات الإعلامية ضمان الشفافية والمساءلة والتنوع في جمع البيانات وتدريب النماذج لتقليل التحيز وتعزيز العدالة في إنشاء المحتوى.
مراقبة الجودة والتحقق: على الرغم من أنّ الذكاء الاصطناعي قادر على إنشاء محتوى على نطاق واسع، يبقى ضمان دقته ومصداقيته وملاءمته تحدياً، لذلك لا بدّ وأن تنفّذ المؤسسات الإعلامية آليات رقابة صارمة وأن تُجري عملية تحقق عميقة لضمان صحة المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي وتمييزه عن المحتوى الذي ينشئه البشر. علاوةً على ذلك، يعد التصنيف الواضح والإفصاح عن المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي أمراً ضرورياً للحفاظ على الثقة والشفافية مع الجمهور.

الخصوصية وأمن البيانات: يثير انتشار تحليلات البيانات الضخمة مخاوف بشأن انتهاك الخصوصية وأمن البيانات، لذلك يتعيّن على المؤسسات الإعلامية الالتزام بمعايير أخلاقية وتنظيمية صارمة في جمع البيانات وتخزينها واستخدامها لحماية خصوصية المستخدمين والمعلومات الحساسة. بالإضافة إلى ذلك، يتعيّن التواصل بشفافية مع المستخدمين بشأن ممارسات جمع البيانات وخيارات الانسحاب لبناء الثقة والحفاظ عليها.

التعاون بين الإنسان والآلة: يستطيع الذكاء الاصطناعي أتمتة المهام الروتينية وزيادة الكفاءة في إنشاء المحتوى، لكنه غير قادر على استبدال الإبداع والحدس والتعاطف البشري. هنا يأتي دور المؤسسات الإعلامية في تحقيق التوازن بين الأتمتة والتدخل البشري وتعزيز التعاون بين أنظمة الذكاء الاصطناعي ومنشئي المحتوى من البشر للاستفادة من نقاط القوة لدى كليهما، ويمكن دعم المبدعين عبر تزويدهم بأدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتهم وإطلاق إمكانيات جديدة في إنشاء المحتوى.

بينما نعيش في هذا العصر التحوّلي، حيث يعيد اقتران تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي التوليدي تشكيل سُبُل وطرق إنشاء المحتوى، من الضروري ضمان أن تكون هذه التقنية قوة إيجابية في تشكيل مستقبل الإعلام. ستتمكن المؤسسات الإعلامية من خلال الاستفادة من قوة البيانات والذكاء الاصطناعي من فهم جمهورها بشكل أفضل وأتمتة المهام المتكررة وتحفيز الابتكار وتقديم محتوى يستقطب الاهتمام ويتردد صداه.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/e69cz8kd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"