عادي
صيفنا قراءة

جمال الشحي: الكتب تمنحنا لحظة سعادة

15:49 مساء
قراءة 4 دقائق
جمال الشحي

الشارقة: جاكاتي الشيخ

يرى الكاتب جمال الشحي، أن للصيف مزاجه المختلف عن بقية الفصول، ويضيف: «أحرص خلاله على القيام بأكبر قدر ممكن من القراءات، نظراً لأنني أقضي إجازتي في السفر، وأخرج عن رتابة الحياة العملية المعهودة في بقية فترات السنة، حيث تتنوع قراءاتي بين الكتب الإلكترونية والورقية، وعادة ما أركز خلاله على قراءة الكتب المترجمة، فأختار كتابين - على الأقل - لأكملهما طيلة تلك الفترة، بالإضافة إلى قيامي بمراجعة بعض الكتب، بحكم عملي كناشر، ولذلك أستفيد من قراءتها كذلك، لأنها دائماً ما تكون موزعة على مجالات مختلفة».

أما نوعية الكتب التي يفضل قراءتها، فيقول: إنها تتنوع بين علم النفس، والأنثروبولوجيا، والفلسفة، والتاريخ، وخاصة كتب تاريخ آسيا الشرقية، لأننا قد تعودنا على قراءة كتب تاريخ الحضارات الأوروبية، بينما قصرنا كثيراً في القراءة عن الحضارات الشرقية، التي يكشف الاطلاع عليها مدى عظمتها ودورها الكبير في تطور مسار البشرية.

  • حضارات

وعن الكتب التي يرشح للقراءة في الصيف، يقترح الشحي كتابين، أولهما «متاهة الضائعين.. الغرب وخصومه» لأمين معلوف، والثاني كتاب «التاريخ الصيني.. الفلسفة والأديان»، فهما كتابان غنيان بالكثير من المعارف حول الحضارات، ومسارات تطورها، والتغيرات التي حدثت فيها.

ففي الكتاب الأول، يتحدث أمين معلوف عن الحضارات بتحليل سياسي واجتماعي، حيث يقتبس في بدايته كلمات دالّة من وليام فوكنر، يقول فيها: «إن الماضي لا يموت أبداً، لا ينبغي لك حتى أن تعتقد أنه قد مضى»، ثم ينتقل إلى الحديث بالتفصيل عن هيمنة الغرب على العالم منذ عصر النهضة، وقبل التركيز على الولايات المتحدة، القوة العظمى الوحيدة الحالية، يصف تجارب ثلاث دول عارضت الإمبريالية الغربية (اليابان، الاتحاد السوفياتي، الصين)، والنقطة المشتركة بينها هي كونها بدأت جميعاً من خطاب مناهض للإمبريالية، ولكنها تحولت - بتشجيع من نجاحاتها الأولى - إلى أنظمة ديكتاتورية وإمبريالية، فلذلك يعود معلوف إلى أصول هذه المواجهة الجديدة بين الغرب وخصومه، من خلال تتبع رحلة أربع دول عظمى، هي: اليابان الأولى في عصر ميجي، والتي كانت أول دولة في آسيا تتحدى تفوق الأمم «البيضاء»، فأبهر تحديثها المتسارع البشرية، لا سيما بلدان الشرق الأخرى، التي سعت جميعها إلى تقليدها، ثم روسيا السوفياتية، التي شكلت لمدة ثلاثة أرباع قرن من الزمان تهديداً كبيراً للغرب ونظامه وقيمه، قبل أن تنهار، ثم الصين، التي تمثل مع بداية هذا القرن التحدي الرئيسي لتفوق الغرب، بتنميتها الاقتصادية وثقلها الديموغرافي وأيديولوجية قادتها، وأخيراً الولايات المتحدة، التي وقفت في وجه تلك الدول الثلاث مجتمعة، وأصبحت - على مدار الحروب - المرشد الأعلى للغرب، والقوة العظمى الأولى على كوكب الأرض، ويناقش المؤلف علاقة ذلك الصراع بالحالة الحضارية الراهنة للعالم العربي.

أما كتاب الثاني، فهو أحد الأجزاء الستة التي تتألف منها سلسلة بعنوان: «إضاءات من الصين»، ويتعرض للتاريخ والفلسفة والدين في الصين، وأبرز ميزاتها خلال عهودها المختلفة، ويكشف الكتاب عن نشأة السلالات الحاكمة في تلك الدولة، ومسار التطور الحضاري فيها، منذ فجر نشأتها وحتى مرحلة جمهورية الصين الشعبية المعاصرة، وما تحقق من إنجازات في الأدب والفن والعلوم والتكنولوجيا، كما يكشف الكتاب عن المدارس الفلسفية الصينية، وأبرز منظريها، مثل الفلسفة الكونفوشيوسية، والفلسفة الطاوية والفلسفة البوذية، ومذهب المعلم لاو، ومذهب البراجنا، وفلسفة «الطريق الوسط»، بالإضافة إلى مدارس فلسفية أخرى تتحدث عن الطبيعة والإنسان والخير والشر، وغير ذلك من الانشغالات الإنسانية.

  • تركيز

وعن طقوسه في الكتابة يقول الشحي: «ما دام الحاسب المحمول لدي، فيمكنني أن أكتب في أي مكان، بالإضافة إلى أنني أصطحب أدوات الكتابة الأخرى، فكل ما علي فعله هو إعداد القهوة، والجلوس في مكان هادئ، لأن وقت الكتابة يحتاج إلى الكثير من التركيز والتأمل، كما أحتاج أحياناً للبحث من أجل الكتابة، لأن الكتابة الحقيقية لا تعتمد على ما يوجد في الذاكرة فقط، بل تتطلب التدقيق الحثيث في المعلومات أيضاً، من أجل تقديمها بصورة مؤكدة، وإثرائها بما يمكن من الإضافات التي قد لا تتكشف إلا مع المُضي في البحث والصبر عليه».

ويتوجه الشحي بكلامه إلى القراء ليقول لهم: «إن القراءة متعة فابحثوا عنها في رفقة الكتب، فالبحث عنها بحثٌ عن السعادة، فنحن نسعد كثيراً عندما نقرأ، والمتعة التي توجد في القراءة سر سعادة لا ينكشف إلا لمن يمارسونها ويغوصون في لحظاتها، لأنها تدخلنا في عوالم من المعرفة لا حدود لها».

كما ينصح المواهب الشابة في مختلف المجالات، باستغلال الإجازة وهدوء الصيف، من أجل إضافة كتب جديدة لمكتباتهم الخاصة، وتنويع القراءة من أجل توسيع الآفاق المعرفية، حيث يرى أنه لا يجب على المرء الاقتصار على الكتب التي تدخل في حيز مجاله الدراسي أو الإبداعي أو العملي فحسب، بل يجب عليه أن ينوع من أجل الاطلاع على مختلف المجالات، فذلك ما يعينه على الإحاطة بما تمر به البشرية من تغيرات وتحديثات وتطور لا حدود له، وبالتالي لا يكون معزولاً عن العالم من حوله.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4pzspszt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"