عادي
مواقع التواصل سلبتهم رحابة الوقت.. ودمرت نفسياتهم

الإدمان الرقمي.. مرض شبابي يقلق الأسر والمجتمعات

01:40 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: سومية سعد

شهدت السنوات الماضية مشكلة خطرة تمثل كارثة كبيرة، يمرّ بها الشباب وهي الإدمان الرقمي، الذي بات مرضاً يقلق المجتمعات، بأعراضه ومشكلاته، التي تسرق من الأُسر المنشغلة عن أبنائها وأفرادها عامة، بخاصة الشباب، حاضرهم المهووس بمواقع التواصل الاجتماعي التي سلبتهم رحابة الوقت، والانتفاع به، وتدمّر نفسيّاتهم استقرارها، ويمثل هذا الإدمان المرضي خطراً داهماً على مستقبل هؤلاء الشباب، من دون أن تفطن أسرهم إلى أن استخدامهم الخاطئ للوسائط الرقمية، يتسم بالإفراط والهوس، ويؤدي إلى إلحاق الضرر النفسي بالأفراد، والدائرة الاجتماعية المحيطة بهم.

الإدمان الرقمي، قضية خطرة، تضرب أعماق وأعصاب الشباب ، بخاصة منهم المراهقين، فتكاد تسيطر على سلوكهم اليومي، وتبعدهم عن الدراسة والتحصيل، فتبعثر أيامهم، ويسكن الخوف عقولهم، وتعيش الأسر التي سقط أبناؤها في هذه الهوة السحيقة، الخوف على أبنائها، في حاضرهم ومستقبلهم، من الإدمان الرقمي، وفي هذا التحقيق نبحث أعراض هذه القضية المجتمعية، وسبل الخروج الآمن من هذه المشكلة الإنسانية الكارثية.

الصورة

حالات استدراج كثيرة للشباب عبر مواقع التواصل، تعرضوا لها عن طريق الألعاب، وغيرها، بسبب غياب الرقابة الأسرية، ومن هؤلاء شاب في المراهقة، عانى الإهمال بسبب انشغال والديه، فكان عرضة للانحراف السلوكي، وإدمانه مواقع التواصل حوّله عصبياً وعدوانياً، ويميل إلى العزلة، ولا يمكن السيطرة عليه عند محاولة منعه من الدخول على مواقع التواصل.

شهدت السنوات الماضية مشكلة خطرة تمثل كارثة كبيرة، يمرّ بها الشباب وهي الإدمان الرقمي، الذي بات مرضاً يقلق المجتمعات، بأعراضه ومشكلاته، التي تسرق من الأُسر المنشغلة عن أبنائها وأفرادها عامة، بخاصة الشباب، حاضرهم المهووس بمواقع التواصل الاجتماعي التي سلبتهم رحابة الوقت، والانتفاع به، وتدمّر نفسيّاتهم استقرارها، ويمثل هذا الإدمان المرضي خطراً داهماً على مستقبل هؤلاء الشباب، من دون أن تفطن أسرهم إلى أن استخدامهم الخاطئ للوسائط الرقمية، يتسم بالإفراط والهوس، ويؤدي إلى إلحاق الضرر النفسي بالأفراد، والدائرة الاجتماعية المحيطة بهم.

الإدمان الرقمي، قضية خطرة، تضرب أعماق وأعصاب الشباب ، بخاصة منهم المراهقين، فتكاد تسيطر على سلوكهم اليومي، وتبعدهم عن الدراسة والتحصيل، فتبعثر أيامهم، ويسكن الخوف عقولهم، وتعيش الأسر التي سقط أبناؤها في هذه الهوة السحيقة، الخوف على أبنائها، في حاضرهم ومستقبلهم، من الإدمان الرقمي، وفي هذا التحقيق نبحث أعراض هذه القضية المجتمعية، وسبل الخروج الآمن من هذه المشكلة الإنسانية الكارثية.

الصورة

وابتزّ أحد الأشخاص فتاة، واستغل مكوثها لأوقات طويلة على المواقع الرقمية، بعدما تعرف إليها في تطبيقات التواصل، وبعد توطد العلاقة، أرسلت صورها إليه، فابتزّها بها، فأبلغت أسرتها الشرطة وقبض عليه، بعد ما سبب لها أضراراً، مادية واجتماعية.

وتحكي أم قصة ابنها الذي أصيب بعمى مؤقت، نتيجة إدمانه الألعاب الإلكترونية، حيث نقلته أسرته للعلاج في ألمانيا، لإنقاذ بصره قبل فوات الأوان، وتضيف الأم ان ابنها كان سليماً صحياً إلى أن دخل الألعاب الإلكترونية التي كان لها تأثير سلبي للغاية في صحته، وفي علاقته الاجتماعية، وطالبت كل أم بالانتباه إلى أولادها، ومحاولة ترشيد وتحجيم أوقات دخولهم إلى مواقع التواصل .

طلق زوجته

ويروي أحد الشباب قصة طلاقة من زوجته، بسبب لعبة إلكترونية على مواقع الإنترنت، حيث إن إدمانه على اللعبة بشكل مفرط وقضاءه الأوقات الطويلة معها، أدى، وبعد مشاكل عدّة، إلى طلب زوجته الطلاق، وبعد خسارته زوجته وهدم بيته، تأكد من استغلال بعض الجهات هذه المواقع لتدمير عقول الشباب التي تسكن فيها الأحلام.

ما ذكرناها هنا، وغيرها، ليست من قبيل الافتراض، بل هي، وللأسف، وقائع رصدتها منذ مدة أعين الجهات الأمنية، وتصدت لها بحزم كبير، إلا أن الأمر لم ينته عند ما ضُبط منها، بقدر ما يكمن في حجم الفزع الذي يغزو القلوب خوفاً على الأبناء من المتربّصين بالشباب على هذه المواقع .

الصورة

دعم أولياء الأمور

تقول المدربة فرزانة أحمد، إن أولياء الأمور يحتاجون إلى الدعم ليتمكنوا من التعامل مع إدمان أبنائهم على التكنولوجيا، حيث تبيّن أنهم قد واجهوا تحديات مختلفة، وأهمها زيادة اعتماد أولادهم على الأجهزة الرقمية، حيث بات من المستحيل الفصل بين الاستخدام الأساسي، وغير الضروري للتكنولوجيا، ففي حين أن الأبناء يحصلون على وقت راحة بدنية في المدرسة، فهم يطلبون استراحة خلال دراستهم في المنزل، يقضونها في مواقع التواصل.

المدمن الرقمي

وأضافت أن المدمن الرقمي يقضي الساعات في استخدام التقنيات، ما يؤثر في صحته، إذ يجب ألّا يتعدى معدل استعمال الإنترنت ثمانية وثلاثين ساعة في الأسبوع، لذلك كل من يتعدى هذا القياس يسمى مدمناً إلكترونياً، ليس بصفة مطلقة، لكن عليه أخذ الحذر من الانزلاق في هاوية الإدمان الرقمي.

وتضيف المدربة، أن أكثر المواقع التي يتابعها مدمنو الشبكات في الأغلب هي مواقع التواصل كـ«فيس بـــــوك»، و«تويتـــر»، و«واتـــس اب»، و«فايـــــبر» و«ماسنجر».. وغيرها، أو تجد المدمن منغمساً في المواقع الترفيهية، مثل الألعاب، ومنتديات الإنترنت، أو المواقع السياسية والإخبارية، أو يبحث في المواقع الإباحية، وهذا أخطر نوع، لأن هذا الأخير يقوده إلى الشذوذ، والانحلال الأخلاقي.

الصورة

كما يجب علينا أخذ الحيطة والحذر تجاه أطفالنا، وعدم تركهم منغمسين في عالم الحياة الرقميّة من دون مراقبة، وتخصيص وقت محدد لاستعمالها، لأن كثرة الجلوس صحبة التكنولوجيا تصيب أبناءنا الصغار بأمراض جسديّة ونفسية.

الجانب النفسي

وتقول الاختصاصية النفسية سامية عبد العزيز: علينا الالتفات إلى الحالة الاجتماعية لمدمن التقنيات، ومحاولة التقرب إليه لمساعدته على حل مشكلته المرضيّة تجاه الإنترنت، لأن استعماله المفرط له ناتج عن حال نفسية يعيشها، لذلك يمكن أن نقرّ بأن الإدمان الإلكتروني حال مرضية مؤقتة، يمكن تداركها، لذا علينا أولاً التقرب إلى المدمن، ومحاولة الحديث معه في الجوانب الخاصة به، ومحاولة تفهم نفسيته، حتى يتسنّى لنا التقليل من هذه الحال ومعالجتها بطرائق دقيقة وسليمة. ومن بين طرائق العلاج التي يجب اتباعها خطوة بخطوة، مراقبة أبنائنا، وحتى أنفسنا، بتحديد ساعات معيّنة لاستخدام الإنترنت، حيث علينا تحديد مدة زمنية معينة لقضائها مع الأجهزة الإلكترونية، على ألا تتعدى المعدل الطبيعي للشخص العادي. أما في الحالات الحرجة التي نجد فيها صعوبة لمساعدة المدمن الرقمي، فلا مانع من البحث عن مساعدة خارجية من ذوي الخِبرة في هذا المجال، قبل تفاقم الوضع وتدهور المشكلة بشكلٍ أكبر، لأن تجاهل الوضع يزيد حدته.

الجانب الأمني

وأكد اللواء خبير خليل إبراهيم المنصوري، مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي في شرطة دبي: إن الجريمة الإلكترونية تتطور باستمرار، في ظل الطفرة التقنية في الاتصالات، وهيمنة مواقع التواصل على حياة البشر، ما يحتم أهمية البدء بشن حملات توعوية على نطاق واسع للمجتمع، بمخاطر هذا النوع من الجرائم، والأذى المادي والنفسي الذي يسببه، بثلاث لغات، وتستهدف تحذير الجميع من مخاطر جرائم الاحتيال عن طريق تقنية المعلومات.

وأشار إلى ضرورة الوعي بمخاطر هذه الجريمة، لأن آثارها النفسية بالغة، ومن ثم لا يجب الثقة بالعلاقات التي تُبنى عبر منصات التواصل، إذ لا يمكن التعرف جيداً إلى الطرف الآخر، لافتاً إلى أن محترف الاحتيال العاطفي يتمتع بقدرة كبيرة على الإقناع.

كما حذّر اللواء عبد الله خادم المعصم، مدير مركز شرطة برّ دبي، من الوثوق بمجهولين، عبر تطبيقات التواصل، وتزويدهم ببيانات، أو معلومات، أو صور شخصية قد تُستغل في عمليات الابتزاز الإلكتروني، وتجنب الدخول إلى مواقع مشبوهة، والحيطة والحذر عند التعامل مع غرباء، أو مجهولي الهوية، وعدم قبول التواصل معهم والوثوق بهم، أو إرسال صور، أو بيانات خاصة، وحساسة.

وشدد على عدم نشر الصور ومقاطع الفيديو الخاصة على تطبيقات التواصل، حتى لا تتعرض للاختراق والقرصنة الإلكترونية، والاستيلاء عليها، واستخدام ضعاف النفوس لها، لابتزاز أصحابها.

المشاكل الصحية

تقول الدكتورة ريهام زكي، في «مستشفى زليخة»، هذا الإدمان يقود إلى اضطراب في أوقات النوم، فتجد المدمن كثيراً ما يعاني حالات الأرق، واضطرابات في مواعيد الأكل، ونجد لديه عدم موازنة في الوجبات اليومية، ما قد يسبب له البدانة، أو حالة عكسية تماماً، النحول، وهزال الجسم.

كما يعاني المفرطون في استخدام الأجهزة الإلكترونية، ضعف التركيز، والنوم المتقطع، والصداع المستمرن والصداع النصفي. وقد تترتب على ذلك أيضاً الإصابة بنوبات صرع مؤقتة، أو صرع مزمن، يؤدي استهلاك الوقت في متابعة الوسائط والتدهور التعليمي، وإهمال العمل وزيادة الوزن، وكثرة الاعتماد على الأطعمة غير الصحية، وما يترتب عليها من أضرار ارتفاع ضغط الدم والسكّر. كما يظهر ضرر اجتماعي وخيم، وهو التفكك الأسري، نتيجة لقلة الوقت المتاح للتحاور والمشاركة الإيجابية بين أفراد الأسرة.

اضطراب وإرهاق

وقال أحمد عبد الستار، الأخصائي الاجتماعي: يتسبب الإدمان باضطراب نوم صاحِبه، بسبب حاجته المستمرة إلى تزايد وقت استخدامه للإنترنت، إذ يمضي أغلب المدمنين ساعات الليل كاملة على الإنترنت، ولا ينامون إلا ساعة، أو ساعتين، حتى يأتي موعد عملهم، أو دراستهم. ويتسبب ذلك بإرهاق بالغ، ما يؤثر في أدائهم في عملهم، أو دراستهم. كما يؤثر ذلك في مناعتهم؛ ما يجعلهم أكثر قابلية للإصابة بالأمراض.

مواجهة تربوية

وأكد الخبير التعليمي جلال حسن، دور الأسرة، والمؤسسات التعليمية والتربوية، ووسائل الإعلام في مواجهة هذه الظاهرة، ومحاولة نشر الوعي بالمخاطر الاجتماعية والنفسية المترتبة على الاستخدام المفرط والسيئ لبعض الأجهزة الرقمية الحديثة، مثل الهواتف والأجهزة اللوحية الشخصية.

كما حذّر من خطر الاغتراب الاجتماعي الذي يسببه العالم الرقمي وأجهزة الاتصال الحديثة، الذي يشكل خطراً عميقاً على الفرد والأسرة، ويزعزع الحال الاجتماعية، ويهدد المنظومة القيمية الذاتية والوطنية. والإدمان الرقمي يؤدي بالفرد إلى الانسحاب من العالم المحيط به، مثل الأسرة والأصدقاء، ويتصل بعالمه الافتراضي فقط، ما يؤدي إلى حال من الانطواء، والخجل، والاضطراب النفسي، والعصيان، وقد يقود إلى التصدع الأسري.

ودعا إلى ضرورة الرقابة الصارمة على الأبناء، خلال استخدامهم للأجهزة اللوحية والألعاب الإلكترونية، وضبط هذا الاستخدام، إلى جانب استخدام الحماية التقنية المتوافرة في بعض الأجهزة، وفي بعض المواقع الإلكترونية التي توفرها بمقابل مادي.

التوعية بالمخاطر

وطالب الدكتور أحمد فلاح العموش، أستاذ علم الاجتماع التطبيقي في «جامعة الشارقة»، بالتوعية وإدراك المخاطر بالحياة الرقمية التي أصبحت من الظواهر الخطرة في عالم اليوم، الذي أصبحت فيه الأجهزة الإلكترونية ومواقع التواصل، جزءاً لا يتجزأ من حياة الشخص، وأصبحت لديه حالة من الاعتماد عليها، والالتصاق بها، بل وتصل إلى الهوس أحياناً.

ونبّه إلى أن هذه الوسائل المعاصرة تترك الكثير من الآثار السلبية في حياة الأفراد، تفصلهم عن الحياة الاجتماعية، وعدم القدرة على أداء المهام الموكلة إليهم.

وقال: يتسبب الإفراط في استخدم الأجهزة الإلكترونية بانخفاض التركيز ومستوى الأداء، فضلاً عن الصراعات في العلاقات مع الآخرين، والعزلة الاجتماعية، والإجهاد العصبي، والبدني.

ودعا إلى مواجهة هذه الظاهرة والحدّ من تأثيراتها السلبية ،عبر برامج التوعية لدى الشباب والنشء، بطرائق الاستخدام المثلى للتكنولوجيا، وتقنين استخدامها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/585aepa6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"