"اللقاح" قبل السفر أمان

بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية وفيروسات نشطة:
01:36 صباحا
قراءة 9 دقائق

مع حلول فصل الصيف، واقتراب موعد الإجازات، تبدأ خطط السفر والرحلات إلى الخارج، وينشغل الكثيرون في اختيار الجهة التي يرغبون في التعرف إليها، وترتيب جدول الزيارة ومواعيد التنقل، والمدن التي سيقصدونها، وينصب جل الاهتمام على النواحي الترفيهية ومستلزمات الرحلة، ويهمل قطاع كبير منا أهمية الجانب الطبي في ثقافة السفر، وهو أحد العوامل المهمة والحاكمة عند اختيار المكان المراد زيارته، وأمر معمول به في الدول المتقدمة، التي تنتشر بها عيادات خاصة أو تابعة للتأمين الصحي، توفر خدمات تفصيلية عن أهم اللقاحات، الواجب الحصول عليها عند السفر إلى أي مكان على خريطة العالم، كما تحدد الجرعات المطلوب الحصول عليها، وتواريخها، والأعمار المناسبة لها، ومدة فعاليتها .

ازدادت أهمية الحديث عن اللقاحات أخيراً، بعد انتشار أنواع جديدة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المعروفة، وتحور وتطور أنواع أخرى من الفيروسات، أو ظهور أمراض جديدة بدول متطورة لم تكن معروفة من قبل، واستمرار معاناة بعض الدول الفقيرة، وبخاصة إفريقيا جنوب الصحراء، من فيروسات تم القضاء عليها نهائياً منذ عقود بالدول المتقدمة، ولكنها مازالت منتشرة بها بسبب الفقر المدقع .

يجب الإشارة بداية، إلى خطأ الاعتقاد الشائع بأن الشخص الذي يحصل على تطعيم ضد مرض ما في صغره، قد أصبح محصناً تماماً من الإصابة به مدى الحياة، فهناك بعض الفيروسات التي لابد من الحصول على جرعات تنشيطية لها، كل بحسب نوعه، وعمر الشخص وحالته الصحية والمناعية .

وقبل توضيح اللقاحات الواجب الحصول عليها قبل اتخاذ قرار السفر، لابد من الإشارة إلى اعتبارات عدة عند البدء بالتخطيط للإجازة الصيفية، أهمها قياس عامل الخطر الصحي للوجهة المراد السفر إليها، وربما تكون سمعة البلد سياحياً جيدة لا يشوبها شائب، لكن يحدث لسبب أو لآخر ظهور فيروس ما بسبب ارتفاع درجة الحرارة أو غيره، لذا يجب الحرص دوماً على متابعة أحدث أخبار المكان المراد زيارته، والتأكد من سلامته صحياً، ومراجعة جميع المعلومات اللازمة عن المدن التي تتضمنها خريطة السفر، مع الوكيل السياحي .

كما ترتبط مدة الإقامة كذلك بنوع التطعيم المفترض الحصول عليه، وكذلك مكان الإقامة، فنزلاء الفنادق والمنتجعات يحتاجون إلى قاحات تختلف عن هواة الرحلات البرية، والتخييم، والمسافرين من رجال الأعمال، الذين يقضون أوقاتاً محددة لا تقارن تحصيناتهم بأولئك المسافرين للمناطق الريفية في البلد نفسه حيث تزداد المخاطر مع عدم وجود خدمة طبية مناسبة .

وبعد تحديد جهة الزيارة ومدتها والاطمئنان إلى أنها آمنة طبياً، تفضل زيارة طبيب الأسرة قبل موعد السفر بشهر على الأقل، خاصة لمن يعانون أمراضاً مزمنة، أو المرأة إذا كانت حاملاً، حيث لا ينبغي إعطاء لقاحات حية للنساء الحوامل بسبب الضرر المحتمل على الجنين، وهنا تصبح الحاجة إلى لقاحات مثل (الحمى الصفراء) أقل أهمية إذا ما قورنت بالخطر المترتب عليها .

كما يجب التأكد من الوضع الصحي للأطفال، ومعرفة ما إذا كانت لديهم أية حساسية من أطعمة معينة .

1- التطعيم ضد داء الكلب RABIES:

وهو من أحدث اللقاحات التي أقرتها وزارة الصحة البريطانية، وهيئة الأغذية والعقاقير الأمريكية، مصل داء الكلب Rabies، ويحصل عليه المسافرون إلى أماكن نائية، خاصة عشاق التخييم وتسلق المرتفعات، حماية لهم من مخاطر الحيوانات المسعورة، خاصة إذا كانت الرحلة بأماكن تفتقر إلى العناية الطبية الملائمة .

وداء الكلب منتشر على نطاق واسع بأكثر من 150 بلداً، ويودي بحياة 55000 شخص سنوياً، 40% منهم من الأطفال دون سن ،14 وينتقل بصفة أساسية بعد العض والخدش من الكلب، أو عن طريق الجلد بمخالطة لعاب حيوان مصاب بداء الكلب لجروح حديثة للشخص، أو تناول لحوم وأنسجة نيئة، أو غير مطهية جيداً لحيوانات مصابة بداء الكلب .

وليس هناك تشخيص طبي للمرض قبل ظهور الأعراض على الشخص المصاب، وتبدأ بارتفاع شديد بدرجة الحرارة يصل إلى الحمى، وشعور بالوخز والحرق، نتيجة مهاجمة الفيروس للجهاز العصبي المركزي، وإذا لم يتم تشخيص المرض بشكل صحيح منذ البداية، تزداد الحالة سوءاً، ويعاني المصابون فرط نشاط ورهاباً من الماء والهواء، ومعظم هذه الحالات تنتهي بالوفاة بعد بضعة أيام .

وينصح للمسافرين بالحصول على لقاح داء الكلب قبل السفر بشهر كامل، وهو عبارة عن ثلاث جرعات تعطى عن طريق الحقن تفصل بين كل منهم 10 أيام على الأقل، ويعطي اللقاح مناعة عامين، ويحتاج إلى الحصول على جرعة تنشيطية من 2 إلى 3 أعوام بحسب درجة التعرض لمخاطر الإصابة بالفيروس .

وفي حالات الإصابة بالفيروس، يبادر بتطعيم المصاب على الفور باللقاح، متبعاً بإعطاء غلوبولين مناعي، مع التطهير المستمر للجروح أو الخدوش الظاهرية .

2- التطعيم ضد التهاب الدماغ الياباني Japanese B encephalitis:

وهو فيروس خطر ينتقل عن طريق الحشرات، ومنتشر بمعظم دول الشرق الأقصى وجنوبي شرق آسيا (تايوان، الصين، تايلاند، سنغافورة، ماليزيا، إندونيسيا، اليابان، كمبوديا، ميانمار، الهند، نيبال)، وينتقل المرض عن طريق لدغة بعوض مصابة تماماً مثل الملاريا، ويوصى بتطعيم الراغبين في التوجه إلى هذه المناطق قبل موعد السفر بعشرة أيام على الأقل، وبخاصة بعد موسم الأمطار، أو نزلاء المناطق الريفية، أو زائري حقول الأرز .

وتظهر أعراض الإصابة بالفيروس على هيئة حمى، وصداع، وشعور بالقيء، وغثيان، وتصلب بالرقبة، ويمكن تجنب الإصابة به، عن طريق ارتداء ملابس غير زاهية الألوان، بأكمام طويلة، واستخدام طارد حشرات فعال مثل الأنواع التي تحتوي على DEET .

وأفضل اللقاحات المرخص بها أوروبياً هي IXIARO، ويتكون من جرعتين عن طريق الحقن، تعطى الثانية بعد مرور 28 يوماً على الأولى، ولم يثبت حتى الآن مدة المناعة التي يمنحها اللقاح .

وبالنسبة إلى الأطفال والمراهقين دون 17 عاماً ينصح بأعطائهم لقاح JE-VAX على 3 جرعات الأولى عند الاحتياج، الثانية بعدها ب7 أيام، والثالثة بعد 30 يوماً من الأولى .

3- القرادة التهاب الدماغ المنقول Tick Borne Encephalitis:

وهي عدوى فيروسية تنتقل عن طريق حشرة القرادة، وهي اسم شائع لحشرة صغيرة الحجم تنتمي إلى صف العنكبيات، فهي ذات ثماني أرجل وتنتمي إلى فصيلة لوكسويد التي تقسّم لمئات الأنواع، ونادراً ما تنقل عن طريق شرب لبن غير مبستر، ويوصى بالحصول على اللقاح المضاد لها للمسافرين إلى مناطق الغابات والمراعي من بعض الدول الأوروبية، وشائع في الغابات والمناطق الجبلية بالنمسا، واستونيا، ولاتفيا، والتشيك، وسلوفاكيا، وألمانيا، وسويسرا، وأوكرانيا، وروسيا البيضاء، وبلغاريا، ورومانيا، وبشكل أقل خطورة في الدنمارك، وفرنسا، وعلى طول الساحل من جنوب السويد .

وتعتبر اشهر الربيع والصيف، أعلى خطورة، وأشهر اللقاحات FSME يعطى على ثلاث جرعات، الثانية بعد 1 3 أشهر من الأولى، والثالثة من 5 12 شهراً بعد الثانية، ويعطي حماية بنسبة 97%، لمدة ثلاث سنوات.

4- اللقاح ضد الكوليرا Cholera:

الكوليرا عدوى معوية حادة تنشأ بسبب تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا الضمة الكوليرية . ولها فترة حضانة قصيرة، وتؤدي إلى إسهال مائي غزير غير مؤلم، يمكن أن يفضي سريعاً إلى جفاف شديد، كما يحدث القيء بين كثير من المرضى .

ومعظم المصابين بالكوليرا لا تظهر عليهم الأعراض سريعاً، رغم وجود البكتيريا في البراز لمدة 7-14 يوماً . وعندما يحدث المرض بالفعل يكون ما بين 80 و90 في المئة من النوائب معتدل الحدة أو متوسط الحدة، ويصعب التمييز سريرياً بينه وبين الأنواع الأخرى من الإسهال الحاد . وتنتشر بالدول النامية التي تعاني إمدادات سيئة للمياه النظيفة، ويمكن علاجها بسهولة . وفي الأغلب، فإن الإسراع في تناول أملاح الإمهاء الفموي لتعويض السوائل المفقودة يؤدي إلى الشفاء . وفي الحالات الشديدة بوجه خاص يمكن أن يكون المطلوب هو إعطاء السوائل في الوريد من أجل إنقاذ حياة المريض .

وتتوافر حتى الآن ثلاثة لقاحات فموية مضادة للكوليرا، ثبت أنها مأمونة . وتم الترخيص بها في بضعة بلدان وهي تستخدم أساساً للمسافرين .

5- التطعيم ضد الحمى الصفراء Yellow fever:

وهي حمى نزفية حادة تحدث بسبب فيروس وتسري عن طريق البعوض الحامل له، وتشير كلمة صفراء إلى اليرقان الذي يصيب بعض المرضى، ويتوطن الفيروس بالمناطق المدارية من إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتتمثل أعراضه في الإصابة بالحمى وألم عضلي، مع ألم شديد بالظهر وفقدان للشهية، وغثيان، ويصعب تشخيصها خلال المراحل المبكرة للإصابة بها، حيث يتم الخلط بينها وبين الملاريا، والتهاب الكبد الفيروسي B، وتستخدم حالياً تقنيات عدة للكشف عن الفيروس باختبارات عينات الدم أو نسيج الكبد .

وحتى الآن لا يوجد علاج يضمن الشفاء من الحمى الصفراء، والعلاج المتاح هو تخفيف الأعراض من أجل راحة المريض، والتطعيم من أهم التدابير الوقائية التي يمكن اللجوء إليها للوقاية من المرض، واللقاح المستخدم لهذا الغرض مأمون وزهيد التكلفة، وناجع يوفر حماية لمدة عشرة أعوام بحسب منظمة الصحة العالمية، ويوفر مناعة فعالة لنحو 95% لمن يتلقونه، خلال أسبوع واحد بعد التطعيم .

6- اللقاح ضد حمى التيفويد Typhoid:

وهو مرض معدٍ ينتج من تناول طعام أو شراب ملوث بأنواع معينة من السالمونيلا، ومن أعراضه الحمى الطويلة، وتورم الغدد الليمفاوية، والرعشة، وفقدان الشهية، والإسهال، وبقع وردية على الصدر، وبحسب منظمة الصحة العالمية، يوجد أكثر من ألف نوع من البكتيريا المسببة لهذا المرض، لذا فتطوير الأمصال في هذا الاتجاه عملية شاقة .

ويعتبر الحرص على النظافة الشخصية، وغسل الأيدي باستمرار، والتأكد من نظافة الأطعمة وطهيها جيداً من أهم طرق الوقاية من الإصابة بالمرض .

ويعتبر التيفود من الأمراض الوبائية التي تنتشر بإفريقيا وجنوب آسيا، وأهم اللقاحات المضادة له:

1- ORAL TY21A ويعرف باللقاح الحي، عبارة عن 3 كبسولات يتم تناولها خلال 7 أيام، تبدأ فعاليتها بعد 10 أيام من تناول الجرعة وتوفر حماية لمدة عام، ولا تعطى للأطفال دون سن السادسة .

2- لقاح الحمى التيفودية، وهو عبارة عن حقن تؤخذ تحت الجلد أو عضلياً، تبدأ فعاليتها بعد أسبوعين، وتوفر حصانة لمدة ثلاث سنوات .

7- اللقاح ضد التهاب الكبدي الوبائي A Hepatitis:

وهو مرض فيروسي يصيب الكبد عند تناول طعام وشراب ملوث، وتراوح أعراضه بين خفيفة ووخيمة، ومنها الحمى والتعب وفقدان الشهية والإسهال والغثيان وتلون البول بلون داكن واليرقان (اصفرار البشرة وبياض العينين) . ولا تظهر جميع هذه الأعراض على كل من يصيبه المرض . وكثيراً ما تظهر لدى البالغين أكثر منه لدى الأطفال، كما أن معدلات الوفيات الناجمة عنه تزيد بين الفئات الأكبر سناً .

ولا يتعرض المصابون من الأطفال دون سن السادسة، لأية أعراض ظاهرة ولا يوجد علاج محدد ضد التهاب الكبد A . وقد يتم الشفاء من الأعراض الناجمة عن العدوى بوتيرة بطيئة ويستغرق أسابيع عدة أو أشهر . والغرض من المعالجة هو الحفاظ على راحة المصاب وضمان توازن غذائه، بما في ذلك إعطاء السوائل البديلة .

وعلى الصعيد الدولي، هناك لقاحات عدة متوافرة لمكافحة التهاب الكبد A . وجميعها متشابه من حيث مستوى الحماية التي تضمنها ضد الفيروس المسبب للمرض ومن حيث الآثار التي تسببها . ولا يوجد Bd لقاح مناسب للأطفال دون سن 12 شهراً .

وتمكن جرعة لقاحية واحدة من توفير مستويات حماية تضمنها أضداد الفيروس لدى جميع الناس تقريباً في غضون شهر واحد بعد تلقي اللقاح . كما تمكن تلك الجرعة، حتى بعد التعرض للفيروس، من توفير الحماية ضده، في غضون الأسبوعين اللذين يعقبان التعرض له . ويوصى بإعطاء جرعتين من اللقاح لضمان حماية أطول تدوم من 5 إلى 8 أعوام بعد التطعيم، وهو إجراء متبع في دول عدة كإجراء احترازي، في إطار برامج الوقاية المنتظمة التي تعطى عادة قبل السفر .

أما التهاب الكبد B: فيمكن الوقاية منه بوساطة لقاح التهاب الكبد الفيروسي B، ويمكن معالجة التهاب الكبد الوبائي للمصابين به عن طريق عقار الانتر فيرون وهو يستعمل ثلاث مرات كل أسبوع، وذلك بعد فحص وظائف الكبد وإنزيماتها .

8- اللقاح ضد الدفتيريا والتيتانوس وشلل الأطفال Diphtheria/Tetanus/Polio:

وينتقل المرض عن طريق الاتصال الشخصي والملابس الملوثة، وملاءات الأسرة، وغيرها من الجراثيم الموجودة في التربة بجميع أنحاء العالم، وينتشر بشبه القارة الهندية،وجنوب شرقي آسيا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وبما أنها أمراض وبائية، لا يحصل الشخص من اللقاح على حصانة مدى الحياة، ومن الضروري الحصول على جرعات تنشيطية كل من 8 إلى عشر سنوات .

كما تجدر الإشارة إلى أن هناك لقاحات أخرى قد يوصي بها الطبيب المختص، بحسب انتشار فيروس معين من عدمه، وأشهرها اللقاح ضد التهاب السحايا، والحصبة الألمانية .

عيادات المسافرين

تحرص وزارة الصحة بالدولة على تقديم خدمة اللقاحات، للمواطنين والمقيمين، قبل السفر، وتقدم إدارة الرعاية الصحية الأولية في هيئة الصحة والخدمات الأولية في دبي إرشاداتها للمسافرين، حول نوعية التطعيمات الواجب الحصول عليها بحسب جهة السفر، حيث تختلف أنواع اللقاحات التي تطلبها الدول الأجنبية بحسب نوعية الأوبئة المنتشرة بها، ففي حين تشترط بعض دول إفريقيا الوسطي، وأمريكا اللاتينية تقديم شهادة التطعيم ضد الحمى الصفراء قبل دخول أراضيها، تطلب دول شرق آسيا وبخاصة تايلاند التطعيم ضد الأنفلونزا والتهاب الكبد الوبائي A والدفتيريا والتيتانوس، ويتطلب السفر إلى معظم الدول الإفريقية التطعيم ضد الحمى الصفراء، والتهاب الكبد الوبائي A، والتيتانوس، والتيفود، والحمى الشوكية .

ويمكن للمسافرين الولوج إلى موقع وزارة الصحة على الإنترنت

www.moh.go.ae

للتعرف إلى عيادات المسافرين المختصة بتقديم اللقاحات المختلفة وأماكنها .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"