لعبة الإرهاب في إفريقيا

03:23 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يؤشر توالي العمليات الإرهابية في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي إلى خرق أمني كبير يصيب منطقة من العالم تجاهد منذ سنوات لحفظ استقرارها ومكافحة الجماعات المتطرفة، وهي مهمة استقطبت أغلب القوى الدولية الفاعلة، ولكن هذه الجهود تواجه انتكاسة، على ما يبدو، بما يدفع إلى توخي استراتيجيات جديدة تأخذ في الاعتبار المعطيات الطارئة.
في الأسابيع الماضية هزت العاصمة الصومالية هجمات إرهابية باهظة الكلفة البشرية بالنظر إلى العدد الكبير من الضحايا والمواقع الحيوية التي تم استهدافها. أما أخطر التطورات، فكان أولها استهداف حركة «الشباب» الإرهابية قاعدة عسكرية أمريكية- كينية بالقرب من الحدود مع الصومال وأسفرت عن مقتل ثلاثة أمريكيين. والثاني إحباط الشرطة الكينية محاولة ثلاثة مسلحين اقتحام معسكر للجيش البريطاني في منطقة ليكيبيا في وسط البلاد. ومن خلف هذه الأحداث، يتبين أن الحركة الصومالية المتطرفة، المتحالفة مع «القاعدة»، قد بدأت تستعيد نشاطها الإجرامي مستفيدة من بعض التراخي الإقليمي في مكافحة الإرهاب وملاحقة شبكات التمويل والتهريب. ورغم خسارتها أبرز معاقلها في الصومال، يبدو أن «الشباب» عادت لتختبر قدرتها على إلحاق أضرار كبيرة بالمنطقة والتجرؤ على قواعد عسكرية تضم قوات أمريكية وبريطانية.
وبهذا التصرف ترسم هذه الحركة خطوط نشاطها إلى أبعد من حدود الصومال، لتلتقي مع جماعات متطرفة أخرى تنتشر في مناطق واسعة من القارة الإفريقية، وتسعى إلى إثارة العنف وإشاعة عدم الاستقرار.
الإرهاب في القرن الإفريقي ليس أمراً طارئاً، فمنذ دخول الصومال في مرحلة الفوضى الشاملة وانتشار القوات الأجنبية والأساطيل، ضرب التطرف بجذوره في تلك المنطقة وأخذ يتمدد.
وفي السنوات الأخيرة استفادت هذه الآفة من عدم الاستقرار في مناطق إفريقية أخرى منها ليبيا ومالي ودول حوض نهر الكونغو. وأمام اتساع الرقعة الجغرافية للعنف والتطرف، تشتت الجهود الدولية. كما أصبحت قوى دولية تقاتل عن «مصالحها» عبر هذه الجماعات الإرهابية، فكثير من التقارير يشير إلى شبكات تسليح وتمويل مشبوهة، وأغلبها يتم بأساليب معقدة، بما يمنح تلك الجماعات أسلحة نوعية ووسائل اتصال متقدمة ومعلومات دقيقة تمكنها من تنفيذ أعمالها الإجرامية التي يطوى أغلبها دون تحقيق، أما رعاة الإرهاب الحقيقيون فيظلون بعيداً عن المحاسبة.
قبل ثلاثة أشهر صرح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، بأن الإرهاب يشكل تهديداً متزايداً للقارة الإفريقية بأسرها، وآثاره خطيرة على السلام والأمن العالميين. ولكن ما فات جوتيريس أن المعركة المطلوبة على الإرهاب في إفريقيا لن تكون بمعزل عن الصراعات الدولية بين قوى مختلفة، يسعى كل منها إلى بسط سيطرته ونفوذه. ووفق هذه القاعدة، لن يكون القضاء على الإرهاب رهناً بما يتم إعداده من عتاد وقوة، بل بما يتفق عليه المتصارعون الكبار لحل خلافاتهم، وممارسة لعبتهم بعيداً عن مصائر الأبرياء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"