«مشروع ليلى» ومشروع القيم

02:31 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

«الموضوع أخذ أكبر من حجمه».. «إلغاء حفل فرقة غنائية هو اعتداء صارخ على حرية التعبير».. كثيرة هي التعليقات وردود الأفعال التي توالت بعد الضجة الأخيرة التي أثيرت في لبنان حول ما تقدمه فرقة «مشروع ليلى»، والتهم الموجهة إليها، وأبرزها ازدراء الأديان. فهل منع فرقة من الغناء على المسرح هو كبت للحريات؟ وهل الاعتراض على ما يقدمه فريق «مشروع ليلى» لا يستأهل الحديث عنه فعلاً؟
بداية، دعونا نضع بعض النقاط الضرورية على حروف يريد لها البعض أن تبقى «مائعة» بلا تحديد، أو توضيح. فما من فن حقيقي يأتي إلى الجمهور عارياً من أي رسالة، وهدف. وما من فنان، أيّاً كان مستواه، لا يترك أثراً بما يقوله، أو يقدمه للجمهور، خصوصاً الشباب والأطفال، وإلا، فلماذا يختار كلمات معينة ليقدمها؟ ولماذا يدقق في الصورة، والشكل الذي يطل به على معجبيه؟ ولماذا يسعى لحصد أكبر عدد من المعجبين؟ طبعاً، لأنه يدرك جيداً أنه سيكون صاحب لون، ومظهر، و«ستايل» وأسلوب، ومضمون كلمات وأغان يعرف بها، وتلتصق به مثل جلده. لذا فلتسقط المقولة التي ترددها فئة من الناس بأن الغناء هو مجرد متعة فنية، ولا ضرورة لتحميله أبعاداً اجتماعية، وتربوية، و«أخلاقية».
الفن لا قيمة له بلا «قيم». وإذا كان «مشروع ليلى» بلا قيم، فلا قيمة له، ولا حاجة للبكاء على حفل ملغى، أيّاً كانت أسبابه. وإذا كان للفرقة قيمة، فهي بلا شك تحمل رسالة تعرف كيف تؤثر بها في الشباب، فما هي رسالة «ليلى»، الاسم الأنثوي لفرقة كلها من «الذكور»؟
لا تربطوا بين الرقابة على عمل فني، وبين الحريات، فللرقابة، أحياناً، دور مهم في حماية «القيم» في المجتمعات، والحرص على وجود الضوابط الأخلاقية في أي عمل، وهو ما لا يقف حجر عثرة في وجه الإبداع، إذا كان الفنان يعي جيداً أهمية دوره، والكلام المرسل منه إلى جمهوره الذي ستتأثر فئة كبيرة منه بهذا الفن، وهذه الكلمات. ولا تكتموا أصوات المطالبين باحترام القيم، والديانات، والغيورين عليها، بحجة أنها تصد رياح الحرية و«المتحررين»؛ فالحرية لا تعني أبداً أن تفعل ما تشاء، وتبث سموم أفكارك على الملأ، من دون أن يحق لأحد الاعتراض، أو منعك.
في الوقت نفسه، اسمحوا لنا أن نسأل: إذا كان الاعتراض على «مشروع ليلى»، وطبيعة الفرقة، وما تقدمه، فلماذا لم يتم الانتباه إلى وجودها، وتأثيرها قبل اليوم؟ لماذا لم يدب الخوف من خطر أفكارها ورسائلها على الشباب، قبل أن تتمكن من حصد المعجبين، وتراكم أعدادهم من حولها، وحول «مشروعها» المشكوك في أمره منذ البداية؟
المسألة مسألة «مشروع قيم»، وليس حجب حريات، وكتم أصوات، وإذا رفعنا سقف الحريات لتفوق كل القيم، والمعايير، والأخلاق، فعلى المجتمعات السلام، ولنتوقع من الشباب كل شيء بعد الآن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"