بدعة تسمى «التميز»

05:03 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

يشكل التميز هدفاً منشوداً لدى الجميع في المجتمع، أفراداً ومؤسسات، فمن أجله تعد الخطط وتُبنى الاستراتيجيات، وترفع أقصى درجات الاستعداد، ولكن بعض مدارسنا الخاصة استعدت له هذا العام بشكل مختلف، يبعدها عن دورها الذي وجدت من أجله، لتعليم وبناء الأجيال.
في موسم تسجيل الطلبة كل عام، تحدث مفارقات كثيرة تتكرر معنا سنوياً، حيث تُركت بلا علاج، ولكن أبرز المفارقات التي أربكت شريحة كبيرة من الأهالي في موسمنا الحالي، هي «بدعة» تسمى التميز، والمقصود هنا بالتميز ليس المدرسة، بل الطالب؛ إذ اشترطت بعض مدارسنا على أولياء الأمور تميز أبنائهم علمياً وتعليمياً، لقبولهم وتسجيلهم للعام الدراسي الجديد.
ونسأل تلك المدارس: ماذا إذا اقتصر اختيار جميع مدارسنا على الطلبة المتميزين فقط؟ ما هو الحال مع أبنائنا الطلبة «ضعيفي ومتدني المستوى»؟ ومن المسؤول عن تعليمهم والنهوض بمستوياتهم العلمية والتعليمية؟ من هي الجهة المسؤولة التي منحتكم الحق في فرض شرط التميز عند تسجيلكم للطلبة الجدد؟ والأمر الذي يثير الاستغراب، هو أن تلك المدارس تُقيّم الطلبة قبل التسجيل، من خلال اختبارات «لم يتم تقييمها أو اعتمادها أساساً» من الجهات المعنية، كمحتوى يصلح لتحديد مستوى الطالب من عدمه، سواء كان متميزاً أو ضعيفاً، وهنا نجد الأمر يدار بحسب أهواء إدارات تلك المدارس، ولا يستند إلى معايير دقيقة، وبالتالي فتقييم الطالب «باطل».
والعجيب أن بعض المدارس تُخضع «أطفال»، الروضة لاختبارات للتأكد من تميزهم «علمياً»، على الرغم من عدم انطلاق مسيرتهم التعليمية بعد، وهنا «لا تعليق»، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في شريحة الطلبة الذين يتم تقييم مستوياتهم بأنها غير مرضية، حيث إن المدارس التي وجدت لتعليمهم ونهضة مستوياتهم ترفض قبولهم، فأين يتعلم هؤلاء الطلبة؟
إجابة السؤال تحتاج إلى تدخل عاجل من الجهات القائمة على التعليم الخاص، لنستطيع تطبيق مبدأ «التعليم حق للجميع».
من حق المدارس أن تبحث عن التميز، ليكون النجاح عنوانها، ولكن تميزها لن يتحقق باختيار المتميزين من الطلبة؛ إذ إن هناك مقومات أخرى تحكم ملامح تميزها بعيدة تماماً عن الإجراءات غير المنطقية التي اتخذتها لتسجيل الطلبة، خلال الأيام القليلة الماضية بحجة «التميز».
قراءات الواقع في مجال التعليم عالمياً، تؤكد أن المدارس المتميزة هي تلك التي تستطيع أن تنهض بمستويات طلابها نحو التميز مهما كانت «ضعيفة أو متدنية»؛ لأن مهمتها الرئيسية هي صناعة عقول الأبناء، ورفدها بالعلوم والمعارف، وإيجاد طرائق لتعليمهم، وخطط لعلاج مستوياتهم في مختلف مراحل التعليم، هكذا عرفت أدوار المدارس، فمع فرض بعض مدارسنا شروط التميز على طلابها الجدد بهذه الطريقة، فإنها تتخلى بذلك عن جزء كبير من واجباتها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"