ثلاثة أوجه لـ «الأمية»

03:29 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

عُرفت الأمية بمعناها البسيط في المجتمعات، بعدم القدرة على القراءة والكتابة، وهذا المنظور التقليدي الذي اعتدنا عليه منذ قديم الأزل، وإن تعددت أسبابها، فالنتيجة واحدة تلخصها ظلمة الجهل وغياب نور المعرفة.
وتأخذنا لغة الأرقام في هذا الشأن، إلى مخاوف تستنهض الهمم، فهناك 28 مليون طفل على مستوى العالم خارج الصفوف الدراسية، ولدى الدول العربية أربعة ملايين من أطفال «الأمية»، وهناك 750 مليون شخص حول العالم، غير قادرين على اكتساب مهارات القراءة والكتابة، ومازال 55% من الفتيات تعيسات الحظ، غير قادرات على الالتحاق بالتعليم، وسجلت نسبة الأمية بين النساء أعلى معدلاتها عالمياً لتصل إلى 63%.
نعم الحقائق مزعجة والإحصائيات أكثر إزعاجاً، في حقبة تتوالى فيها مخرجات الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي الذي يتصدر المشهد في مختلف المجالات والقطاعات، ومع وجود تلك الأرقام، أصبح لدينا نوعان جديدان من الجهل، نراهما في «الأمية الرقمية»، و«الأمية في الذكاء الاصطناعي»، ليجسدا منظوراً جديداً بدأ يرمي بظلاله على المجتمعات، ليصبح للأمية ثلاثة أوجه في تحدٍ واحد.
تبلور تلك المعطيات الخطورة الحقيقية للأمية، وتأثيرها في المجتمعات العربية، فالشعوب التي لا تستطيع القراءة والكتابة، غير قادرة على التعامل مع التكنولوجيا ومساراتها، وسيكون الجهل حليفها، في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي الذي بات جزءاً أصيلاً في حياتنا لعدم قدرتها المعرفية.
الإمارات في هذا الملف تحديداً، تمثل نموذجاً مشرقاً في القضاء على الأمية، بأنواعها سواء كانت «أبجدية أو رقمية أو ذكاء اصطناعياً»، بنسبة متقدمة عالمياً تصل إلى 99%، لتدحر الجهل في عقر داره، وتخطط مع العالم العربي حالياً، لتوفير حق التعليم ل30 مليون عربي دون سن الثامنة عشرة بحلول عام 2030.
ويحسب لرصيد إنجازات وزارة التربية والتعليم، جهودها في محو الأمية الأبجدية والرقمية بشكل نهائي، وربط الدارس بسوق العمل، وبناء الاقتصاد المعرفي، والتعلم الذاتي، فضلاً عن البطولة الوطنية لسلسلة مسابقات الذكاء الاصطناعي والروبوت، التي تنافس خلالها منذ أيام 1789 طالباً وطالبةً، للفوز في 28 مسابقة وطنية وعالمية، وتمثيل الدولة في 10 مسابقات عالمية خلال العام الجاري.
اتجاه الوزارة لمحو العجز الرقمي بين الأجيال في عصر العولمة، يعد مفتاحاً جديداً للنهضة الحضارية، وأداة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، لاسيما أن 90% من وظائف المستقبل تحتاج إلى المهارات التقنية.
أما حكومات العرب، فعليها الانتباه، لخطورة الأمية التي تتفاقم يوماً بعد الآخر، فهناك مجتمعات وأنظمة، تجتهد لدحر الأمية في الذكاء الاصطناعي، وما زالت مجتمعاتنا تجابه الأمية الأبجدية، لذا نحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود، لتأسيس منظومة عربية متكاملة لمحاربة تلك الظاهرة، ولجان من شأنها جعل التعليم مدى الحياة مبدأ لا يقبل القيل والقال في مختلف بلدانا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"