مدرسة في حقيبة

04:51 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

ما أجمل انتصارات العلم والمعرفة، لاسيما إذا عبرا الحدود، وبلغا القمم، ووصلا إلى القرى النائية والنجوع، ليقهرا ظلمة الجهل والأمية لدى الآلاف من الطلبة في المخيمات التي تنعي غياب الإمكانات، وتعاني عدم قدراتها على الاتصال بشبكة الإنترنت، وصعوبة توفير الموارد التعليمية لضيوفها من اللاجئين.
ولعل «مدرسة» تلك المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، تعد «كلمة السر»، التي أذابت المعوقات كافة، وأضاءت شموع الأمل من جديد لأجيال تعاني ظلام الجهل وقهر الأمية، وترسم مستقبلاً مشرقاً لأبناء الوطن العربي، فكانت فرصة لنتعلم من سموه درساً جديداً يؤكد أن العلم لا يحده حدود، ولا تعرقله صعوبات، والمستحيل كلمة لا توجد في قاموس قادة الحكمة والإخلاص.
فمنذ أيام قليلة تم الإعلان عن تنفيذ المرحلة الأولى لتوفير منصة «مدرسة» للتعليم الإلكتروني، في 1000 قرية نائية، تضم أبناء النجوع ومخيمات اللاجئين، وتوفر منصات تعليمية ذكية متنقلة، وحلولاً ضمت «مدرسة في حقيبة»، وجهاز «مدرسة» اللوحي، وجهاز بث المحتوى التعليمي المتنقّل، ووحدات التخزين الخارجية المحمولة، لتشكل حلقات ذكية معرفية، ترتقي بأطفال تلك المناطق من الأرض إلى قمم العلم والمعرفة، بأكثر من 5000 درس تعليمي، تشمل «العلوم والرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء».
تكمن عظمة تلك المبادرة في الحقائق التي عرضتها «اليونيسيف» مؤخراً، واشتملت على إحصائيات وأرقام مخيفة حول الأطفال والمراهقين، الذين حرمتهم الحروب وعدم استقرار أوطانهم وظروفهم الحياتية، من الحصول على حقهم في التعليم، فهناك أكثر من 263 مليون طفل ومراهق حول العالم، لم يستنشقوا رحيق العلم، ولم ينعموا بمقاعد الدراسة بعد، منهم 63 مليون طفل في سنّ المرحلة الابتدائية بين «6 و 11 عاماً» غير ملتحقين بمدارس، و61 مليون مراهق في المرحلة المتوسطة، بين «12 و14 عاماً» لهم المصير ذاته، وحوالي 139 مليون من مراهقي المرحلة الثانوية، في سن 15 إلى 17 عاماً، يواجهون نفس المعاناة، و50 في المئة من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس من الفتيات، ويعيش 1 من بين كل 4 أطفال ممن هُم خارج المدرسة في بلدان متأثرة بالأزمات.
نعم الحقائق مرعبة، والأعداد تحمل مخاوف شتى، حول مستقبل هؤلاء الأطفال، لاسيما في ظل عدم الاستقرار الذي عانت منه بعض البلدان ومازال يهدد أوطاناً، بسبب تيارات وجماعات و«ربيع وخريف»، لا ماهية له ولا أصول، وهنا ندرك عمق أهداف تلك المبادرة، وأبعادها النبيلة لاستيعاب ملايين الطلبة، فتحية إجلال وتقدير لمبادرة انتشلت «البراءة» من ظلمات الجهل، إلى منابر العلم والعلماء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"