عادي

«ساكسو بنك»: اللقاح والأحوال الجوية ينقذان السلع

12:42 مساء
قراءة 5 دقائق
«ساكسو بنك»: اللقاح والأحوال الجوية ينقذان السلع

لا تزال الأسواق العالمية مشتتة بين التأثيرات السلبية لارتفاع الإصابات بفيروس كورونا المستجد حول العالم، واحتمال طرح اللقاحات في العام الجديد. وبحسب أولي هانسن رئيس استراتيجية السلع في «ساكسو بنك» فقد حاولت السوق التركيز على مسألة الانتعاش منذ أن أعلنت فايزر وبيونتيك وموديرنا، طرح اللقاح في 9 نوفمبر خلال الأسبوع الفائت. وترتبط هذه التوقعات بالشكوك المعنية بتوقيت طرح اللقاح المعزّز بتأثيرات ملموسة وفعلية على المجتمع العالمي، وليس أقلها النظر في الارتفاع المستمر لأعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد حول العالم، ما أدى إلى تجديد إجراءات الإغلاق الاحترازية والحد من التنقلات.
ومن شأن ذلك المساعدة جزئياً في توضيح أسباب الارتفاع الذي يشهده قطاع السلع بنسبة 2% منذ إعلان 9 نوفمبر. وشهدت قطاعات الطاقة والمعادن الصناعية ارتفاعاً مرتبطاً بإمكانية استفادتها من زيادة التنقل والانتعاش الاقتصادي، بينما واصلت المكاسب الرئيسية استنادها الجزئي على القطاع الزراعي.

الكاكاو والبن والبلاتين 

وفي دراسة موسّعة لمجريات الأسبوع الماضي، نجد أن الكاكاو والبن والبلاتين حققت مراكز متقدمة، بينما حاز الغاز الطبيعي والفضة والذهب ما تبقى من مكاسب ضئيلة، حيث شكلت الظروف السياسية والأحوال الجوية وأخبار اللقاح العوامل الدافعة الرئيسية وراء هذه التطورات. وارتفعت أسعار الكاكاو المتداول في بورصة نيويورك بنسبة 12%، بعد أن اتخذت هيرشي؛ إحدى أكبر مصنعي الشوكولاتة في أمريكا، خطوة غير معتادة للحصول على كميات كبيرة من بورصة العقود الآجلة، بدلاً من السوق الفعلية، بعد فرق السعر الكبير الذي أضافته دول غرب إفريقيا على حبوبها.
وقفزت أسعار البن بنسبة 10%، حيث عاشت البرازيل ثلاثة أشهر هي الأكثر جفافاً منذ أربعة عقود، بينما ارتفعت أسعار البلاتين وسط توقعات بسوق أكثر تشدداً، فضلاً عن أخبار اللقاح التي دفعت أسعار المعادن الثمينة في الاتجاه المعاكس. وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 12%، حيث توقعت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي طقساً دافئاً يؤدي إلى تراجع الطلب في مطلع ديسمبر.
وبحسب بلومبيرج، وعلى النحو الذي ذكرناه سابقاً، جاء ارتفاع أسعار الكاكاو مرتبطاً بالخطوة التي اتخذتها هيرشي لشراء كمية كبيرة من عقود الكاكاو آجلة التسليم في شهر ديسمبر. وبعد حفاظها على وضعها بين شهري مارس وديسمبر، قفزت الأسعار من الصفر لتسجل مستوى قياسياً عند 250 دولاراً. ولفهم الأسباب التي دفعت أحد كبار مشتري الشوكولاتة للمزايدة فجأة على سعر التوريدات بأكثر من 250 دولاراً، ينبغي علينا البحث عن البديل.

ساحل العاج وغانا 

ولدعم المزارعين المحليين، قررت ساحل العاج وغانا في وقت سابق من هذا العام، إضافة فرق سعر على الإمدادات بقيمة 400 دولار أمريكي للطن في موسم 2020 ـ 2021، والذي بدأ في أكتوبر. وفي وجه انخفاض الطلب جراء عمليات الإغلاق الاحترازية، امتنع المشترون عن دفع فرق السعر في وقت يتسم بضعف الطلب. وأحدث ذلك ارتفاعاً كبيراً في سعر العقود الآجلة، بينما لا تزال لدى دول غرب إفريقيا كميات كبيرة من الكاكاو للبيع من المحصول الحالي.
وقفزت أسعار البلاتين متجاوزة 900 دولار للأونصة، وسجل أفضل أسابيعه منذ أربعة أشهر، وبرزت هذه الخطوة بشكل أكبر نظراً لحركة الذهب والفضة في الاتجاه المعاكس تماماً، والتي جاءت استجابة لجني الأرباح المرتبط بأخبار اللقاح. واكتسب ارتفاع الأسعار مزيداً من الزخم بعد أن رفع المجلس العالمي لاستثمار البلاتين في آخر تحديثاته ربع السنوية، عجز العرض في عام 2020 إلى 1.2 مليون أونصة، حيث يتوقع أن يصل العجز في عام 2021 إلى 0.2 مليون. وتمثلت الأسباب في الانتعاش المميز للطلب على السيارات، واستمرار قوة الطلب الاستثماري على المعادن الثمينة، ومن بينها البلاتين.

الغاز الطبيعي

وشهد الأسبوع الماضي تراجع الغاز الطبيعي ليجني أقل مكاسب ممكنة له. وأدت حرارة الطقس غير المعتادة في مثل هذا الوقت، إلى تخفيض الطلب على التدفئة وارتفاع المخزونات، مع تأخر بداية موسم الانسحاب في الشتاء. وتم تخزين نحو 31 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي الأسبوع الماضي، مقابل انخفاض متوسط لمدة خمس سنوات قدره 24 مليار قدم مكعبة.
وواصل الذهب خسارة زخمه بشكل مستمرّ في ضوء الإعلانات الصادرة مؤخراً باكتشاف لقاحات جديدة، وفاعليتها المحتملة في مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد، والذي لم تتم السيطرة عليه بعد. وأدت هذه التطورات إلى نزوح صغير بعيداً عن الصناديق المتداولة في البورصة، حيث انخفض إجمالي الحيازات إلى أدنى مستوياته في شهرين ونصف الشهر بمقدار 1.75 مليون أونصة إلى 109.3 مليون أونصة.
وعزّزت هذه التطورات خطورة وقوع تصحيح أعمق، علماً بأن تدفقات الصناديق المتداولة في البورصة تكون متأخرة في أغلب الأحيان، بدلاً من قيادة حركة السعر. وعلى النحو الذي وضّحناه في التحديثات السابقة، قد يمتلك اللقاح القدرة على قتل الفيروس، ولكنه لن يؤثر في جبل الديون المتراكمة هذا العام. ويتوقع أن تحافظ البنوك المركزية على أوضاع نقدية شديدة الاتساع، ما قد يؤدي ـ دون قصد ـ إلى زيادة خطر ارتفاع التضخم عبر خطأ سياسي يتمثل في عدم الاستجابة بشكل أسرع للانتعاش النهائي.
وبغض النظر عن هذا الخطر والدعم الذي قد يوفّره للذهب على المدى المتوسط، ما زال الارتباط العكسي بالدولار يشكل محركاً أساسياً آخر للسلع عموماً، والمعادن الثمينة بشكل خاص. وبحسب فاينانشال تايمز، يتوقع المحللون في البنوك الكبرى تراجع الدولار بنسبة 20% في حال أدت موجة فيروس كورونا الحالية إلى انتعاش اقتصادي في عام 2021.
وفيما قد يبحث المتداولون الفنيون على المدى القصير عن فرص للبيع بمجرّد تراجع الأسعار تحت 1850 دولاراً للأونصة، نتوقع أن يغتنم المستثمرون ذوو الرؤية بعيدة المدى، الفرصة للتراكم عند مستويات أدنى.

العقود الآجلة للطاقة 

وفيما قد تعاني العقود الآجلة للطاقة الارتفاع أكثر إلى أن تُظهر الأساسيات تحسناً فعلياً، لا تواجه أسواق الأسهم في المدى المنظور نفس المشكلة. وارتفعت أسهم شركات النفط الكبرى بشكل كبير منذ إعلان فايزر وبيونتيك، طرح أول لقاح لـ«كوفيد ـ 19» في 9 نوفمبر. وشهد مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال للطاقة العالمية ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 19% منذ ذلك اليوم، بينما ارتفع مؤشر XLE ETF، الذي يقيس أداء كبار منتجي الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو الربع تقريباً.
وعلى الرغم من هذه المكاسب القوية، ما يزال كل منهما منخفضاً بنسبة 35% و40% على التوالي في عام 2020. وفي الوقت نفسه، أضافت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط، حوالي نصف المكاسب على مستوى الشركة.
وبحسب «ساكسو بنك»، فإنه ينبغي أن نتحلّى بالصبر حالياً في ما يخصّ سوق العقود الآجلة، ونعتقد أن قطاع الطاقة سيشهد انتعاشاً قوياً في نهاية المطاف. وفيما سيلعب طرح اللقاح دوراً في إعادة الطلب إلى مستوياته الطبيعية، ينبغي ألا ننسى أن النفط الخام والسلع عموماً، وخلافاً للأسهم، لا تتمتع بالقدرة على تحريك التوقعات نحو الأمام، حيث يجب إيجاد التوازن بين العرض والطلب بشكل يومي.
ويقول أولي هانسن: «بناء عليه، ما زلنا نعتقد أن السعر الفوري للنفط الخام يكافح لتحقيق ارتفاع أكبر في وقت قريب. ومع ذلك، قد ترتفع أسعار النفط على المدى القصير مدعومة بتراجع العقود الشهرية وعمليات الشراء والمضاربة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"