عادي

التدريب العلمي والميداني خارج أجندة الجامعات الخاصة

00:41 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

تحقيق: محمد الماحي

تغفل الكثير من الجامعات والكليات الخاصة، أهمية التدريب العلمي والميداني، ولا تراعيه كأولوية بالنسبة إلى الطلبة خلال فترة دراستهم الأكاديمية في مختلف التخصصات العلمية، على الرغم من أنه أحد الشروط الأساسية للحصول على الوظيفة بعد التخرج، حيث إنه يعود على الطلبة بالنفع في العديد من المجالات، ومنها أنه يمكّنهم من تطبيق المعرفة النظرية التي اكتسبوها خلال فترة الدراسة عملياً، والتعرف إلى طبيعة سوق العمل واحتياجاته، إضافة إلى أنه يعطي انطباعاً أولياً للطالب عن طبيعة الأشخاص الذين سيتعامل معهم بعد تخرجه في الجامعة، لأن مكان التدريب يمكن أن يكون هو مكان العمل نفسه مستقبلاً. 

وفي المقابل، تعاني العديد من مؤسسات القطاع الخاص والحكومي، ضعفاً في الاهتمام بطلبة التدريب الميداني، على الرغم من حرص الجهات المعنية في الدولة على هذا الدور، وتأكيدها أهميته في تأهيل الكوادر المستقبلية العاملة في القطاعات المختلفة، وباتت مرحلة التدريب لا تعود على الطلبة بفائدة مهنية، نتيجة عدم حرص الجهة المسؤولة على تزويدهم بالمهارات الأساسية.
المهارات الضرورية
أعلنت وزارة التربية والتعليم، عن تدشين بوابة التدريب العملي، على موقعها الإلكتروني، وهي عبارة عن أول موقع إلكتروني يوفر تدريباً نوعياً متخصصاً للطلبة المواطنين في الجامعات من قبل 30 شركة عالمية، حيث يستطيع الطالب الانتساب إلى دورات تدريبية وتطويرية للأداء، لتمكينه من مهارات القرن 21، والقدرة على اكتشاف متطلبات سوق العمل والمهارات الضرورية، لتعزيز موقعه مهنياً.
ومن المتوقع، أن تسهم هذه المبادرة في تشكيل مفهوم أوسع لدى الطلبة عن ماهية مجالات الاقتصاد المعرفي، والقدرة على بناء علاقات مهنية وتجارية من خلال فتح قنوات التواصل مع كبرى الشركات والمؤسسات العالمية، والحصول على أكثر الفرص التدريبية تميزاً وجودة وقيمة.
 سوق العمل 
يحرص الطلبة، المواطنون والمقيمون، على التخرج في الجامعات الخاصة في الدولة، لكنّ ذلك لا يرتبط بالضرورة بالوصول إلى سوق العمل، بسبب غياب التدريب العلمي والميداني والفجوة الكبيرة بين الكثير من مؤسسات التعليم العالي الخاصة، وسوق العمل، لأنها تركز على الربحية أولاً، وينأى معظمها عن طرح التخصصات المكلفة التي تحتاج إلى مختبرات وأجهزة وتدريب عملي تكلفها الكثير، فتطرح التخصصات ذات الكلفة القليلة والإيرادات الجيدة. وفي هذا الإطار «رصدت الخليج» آراء أكاديميين حول واقع التدريب العملي والميداني في الجامعات والكليات الخاصة والتحديات التي تواجهه، وأثره الكبير على تحقيق التنمية المستدامة.
 المساقات الدراسية
القضية الأهم في رأي الخبير التربوي علي سيف حميد الجنيد «هي التركيز بشكل أكبر على جعل التدريب العملي والميداني يبدأ منذ السنة الأولى لدخول الطالب للمرحلة الجامعية والعمل على مواءمة التدريب وربطه بشكل كامل مع المساقات الدراسية التي يجب أن تكون مرتبطة بتطورات سوق العمل واحتياجاته، ليس ذلك فحسب، بل يجب عدم حصر التدريب العملي في تخصصات من دون أخرى، فجميع التخصصات الدراسية بحاجة إلى تدريب عملي لأن الهدف ليس تخريج طلبة يحملون شهادات نظرية، إنما الهدف الرئيسي تخريج أكفاء قادرين على العطاء والإنتاج فور تخرجهم».
وقال الجنيد: العديد من مؤسسات القطاع الخاص والحكومي، تهمل الطلبة خلال التدريب الميداني، ولا تطبق عليهم أياً من الجوانب النظرية التي تعلموها في الجامعة خلال الفترة العملية، وإنما كانوا محط استغلال بعض الموظفين ليقوموا بالأعمال التي تعتبر روتينية وغير مفيدة، مثل طباعة الأوراق، أو تعبئة بيانات عبر الحاسوب، في ظل غياب تام لأي معلومات جديدة. لافتاً إلى أن بعض الطلبة قضى مرحلة التدريب الميداني في مجال لا يتناسب مع تخصصهم العلمي نتيجة عدم وجود شواغر في الأقسام تخصصه.
تفعيل الإطار الأكاديمي
ويتفق الدكتور جلال حاتم مدير جامعة أم القيوين، مع ما سبق ويضيف إليه: «يجب تفعيل الإطار الأكاديمي عملياً بحيث يشمل جوانب ميدانية قبل، وبعد فترة التدريب، من خلال إشراك الشركات العاملة في السوق، بتصميم البرامج الأكاديمية وكذا المشاركة في تدريسها من ناحية خبرتهم العملية، كما أن مشاريع التخرج التي يعدها الطلبة يجب أن تكون بإشراف من هذه الشركات وبطلب منها بحيث يعالج المشروع أحد تحدياتها، أو تحديات حقيقية في المجتمع».
وأضاف: «يجب أن يكون للقطاع الخاص حضور ميداني في الحرم الجامعي ما أمكن لخلق نظام متكامل داخل الحرم قصد تدريب وتأهيل الطالب قبل خروجه إلى سوق العمل»، مشيراً إلى أن مدة التدريب يجب ألا تقل عن 4 أشهر على الأقل ليجني ثمارها الطالب والجهة المدربة».
برامج المحاكاة
أشار الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي، إلى أن تدريب الطلبة خلال جائحة «كورونا» يتم من خلال برامج المحاكاة والواقع المعزز، في محاولة لتعويض إلغاء التدريب الميداني الحضوري في مختلف التخصصات خلال فترة التعليم عن بُعد.
وأكد أنه على الرغم من الفائدة الكبيرة للتدريب عن بُعد، إلا أنه لا يكفي لخلق تجربة متكاملة للطلبة في قطاعات مختلفة. وعلى مؤسسات التعليم العالي والشركات في الوقت الحالي إيجاد الحلول المناسبة للطلبة لمواجهة هذا التحدي في هذه المرحلة الانتقالية والاستثنائية، الأمر الذي يتطلب جهوداً مكثفة من الهيئات الحكومية والمحلية وأصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة لإيجاد هذه الحلول.
أجندة فقيرة
ويري الأكاديمي الدكتور حمد محمد بن صراي، أن معظم الجامعات والكليات الخاصة تفتقر أجندتها التعليمية إلى التدريب العلمي والميداني، وغياب الدعم المالي الذي يعرقل قيام الجامعات بدورها في عملية التدريب التي لا يمكن أن تمولها الجامعات ذاتياً، وأن نسبة ما ينفق عليه ضعيف جداً ولا يمثل الطموح لخلق قاعدة تدريبية ترتقي للمستوى المطلوب لتطور عمل الجامعات، إلى جانب عدم ربط التدريب بالمجتمع واحتياجات التنمية. وقال إن الجهات الخاصة والحكومية المسؤولة عن تدريب الطلبة باتفاق مع الجامعات، يجب أن تقوم بتعليمهم الخطوات الأساسية في المجال العملي المرتبط بتخصصهم الجامعي، فهو دور هام يعتمد فيه عليهم، ومن الضروري تأديته بشكل مهني ووطني، فهذه الفترة تؤهل موظفي الغد وتعزز من إمكاناتهم، مبيناً أن «تحقيق ذلك يتطلب رقابة على الجهات المدربة ومتابعة أدق من قبل الجهات التعليمية، كأنْ توقف تدريب الطلبة مع بعض الجهات التي يتم إثبات عدم جديتها في التعاطي مع طلبة التدريب».
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"