عادي

العصمة بيد المرأة

22:07 مساء
قراءة 3 دقائق
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

هذه المسألة من المسائل التي لا يقتنع بها الرجال بسهولة، لأن لهم القوامة بحكم الشرع، وشرط العصمة بيد المرأة يخالف مفهوم القوامة، وقوامة الرجل تتمثل في إدارة البيت عموماً، وقوامته في كونه يملك الطلاق، وهو المعني أولاً في كثير من آيات الطلاق، مثل قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها..»، (الآية 49 من سورة الأحزاب).
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فيه دليل واضح على أن الرجل هو الذي يملك إيقاع الطلاق حيث قال عليه الصلاة والسلام: «إنما الطلاق لمن أخذ بالساق»، (رواه ابن ماجه)، وما كان عليه الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هو هذا، وما ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعترض على أحد منهم، اللهم إلا إذا كان فيه هضم لحق المرأة.
ومع أن حق الطلاق خاص بالرجل إلا أن ذلك لا يمنع إشراك المرأة في هذا الحق، حيث أجاز الجمهور تفويض الزوج زوجته في إيقاع الطلاق متى شاءت، وآية مثل آية: «يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً». (الآية 28 من سورة الأحزاب) فيها دلالة واضحة على التفويض أثناء قيام الزوجية، (انظر الأحوال الشخصية للشيخ محمد أبو زهرة ص383).
والسؤال الذي يطرح الآن هو: هل يجوز للمرأة أن تطلب من القاضي أن يكتب شرط تفويضها وأن تكون العصمة بيدها: في ورقة العقد التي تصدق من المحكمة؟
نعم.. لقد أقرّ مثل هذا الحق في بلاد غير دولة الإمارات، فصدرت قوانين تنظم مثل هذه الإجراءات، فأصبحت المرأة تفتخر بأن العصمة بيدها، واتخذتها سلاحاً تهدد به الزوج أحياناً.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، لا يزال العرف على أن القوامة بيد الرجل، والرجل هو الذي يملك الطلاق وهو الذي يوقع الطلاق، لكن الشرع في المقابل أعطى حق الخُلع للمرأة، فلها أن تطلب الطلاق خُلعاً، متى شعرت بالخطر واستغلال الزوج أحقيته في إيقاع الطلاق.
 ولو استعرضنا قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات، لوجدنا أنه ينص في المادة 100 على أنه: «يقع الطلاق من الزوج أو من وكيله بوكالة خاصة، أو من الزوجة إن ملكها الزوج أمر نفسها».
يقول الدكتور محمد عبدالرحمن الضويني في كتابه الشروط المقترنة بعقد النكاح وتطبيقاتها (ص 198): «أجازت هذه المادة للزوج أن يفوض زوجته في تطليق نفسها، ولم يقيد النص هذا الحق للزوج بما إذا كان بعد العقد أو كان شرطاً في العقد».
ذهب الفقهاء في شرط التفويض والعصمة إلى قولين؛ فقال بعضهم بأن العقد المتضمن لهذا الشرط صحيح والشرط باطل، وهو رأي المالكية والشافعية. وبعضهم ذهب إلى أن الشرط صحيح والعقد صحيح، وهو رأي الحنابلة والحنفية.
فالقائلون ببطلان الشرط استدلوا بآية القوامة، والطلاق جزء من هذه القوامة، والقائلون بصحة الشرط استدلوا بعمومية وجوب الوفاء بالشروط طالما فيها مصلحة للزوجية، وهي غير منافية لأصل العقد، ويرجع الدكتور الضويني، أستاذ الفقه المقارن، القول بجواز العصمة بيد المرأة وشرطها عند العقد، ولاسيما أن الحنفية أيدوا أيضاً هذا الرأي متى تقدم إيجاب المرأة المتضمن لشرطها، فهي التي تطلب أولاً والزوج يوافق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"