عادي
الأهالي يضحون لخدمة أبنائهم دراسياً

الطلبة ذوو الصعوبات.. ينجحون في التعلم عن بُعد

00:00 صباحا
قراءة 5 دقائق
مساعدة الطالب من ذوي صعوبات التعلم

تحقيق: إيمان سرور

سخرت دولة الإمارات كل إمكاناتها التكنولوجية، والذكاء الاصطناعي، لخدمة قطاعاتها المختلفة، ومنها الصحة والتعليم، اللذان تألقا في الأداء والإنجاز خلال جائحة «كورونا»، وتقليل آثارها السّلبية، بالتثقيف والإعلام المجتمعي المكثف، والتّحول الثقافي المبني على القيم والإيجابية، واتباع تعليمات الوقاية. وأخيراً جعل الاستثمار في صحة الطلاب وتعليمهم الأولوية القصوى.

استطاعت وزارة التربية والتعليم وكل مؤسساتها، أن تكيف هذا الواقع لمصلحة أبنائها الطلبة (مواطنين ومقيمين)، ومن ضمنهم الطلبة من أصحاب الهمم، وصعوبات التعلم، الذين حقق لهم التعليم بنموذجيه «الواقعي» و«الرقمي» خلال الأزمة، الاستمرارية في مواصلة دروسهم، كونه يحوي زاويتين مختلفتين، كل منهما تعطي الاستفادة المرجوة للطلبة. إلا أنه ومع كل ما سبق، يرى بعض المهتمين، أن هنالك قصوراً في النّهوض بتعليم مجموعات من الطّلاب، خاصة من ذوي صعوبات التعلم الذين تكاد تكون معاناتهم تضاعفت بسبب الأزمة، والدراسة عن بُعد، وأصبحوا يعانون ضعفاً في تحصيلهم الدّراسي، ويحتاجون إلى أنشطة مختلفة وبرامج تعليمية متخصصة تساعدهم على تخطي صعوبات التعلم.

في هذا التحقيق نتعرف إلى أبرز الصعوبات التي واجهت الطلبة من ذوي صعوبات التعلم، عند تطبيق نموذج التعلم عن بُعد.

تهيئة وتعاون

في البداية تؤكد شيرين النويس، المديرة التنفيذية لمركز «تعليم» للتدريب وتطوير المهارات، وهو أول مركز متخصص في صعوبات التعلم في الدولة، أن بعض الأطفال تكمن استفادتهم من التعلم الواقعي المباشر، وخاصة ذوي التشتت الذهني والحركة الزائدة. وقد نواجه بعض الصعوبة مع هذه الفئة، عند تلقي تعليمهم عن بُعد، ولكن إذا كان هناك تعاون مع أولياء الأمور، والتهيئة المناسبة للأبناء، فإن التعلم يصبح أكثر فاعلية عند الطفل والأهل في تلقي المعلومة. مشيرة إلى وجود طلبة يعانون صعوبات التعلم، يناسبهم نموذج التعلم عن بُعد، وقد يكتسب الطالب أكثر من هذه الطريقة، لأن هذه الفئة من الطلبة ينتابها شعور بالمسؤولية، لذا يبحثون عن المواضيع ويعتمدون على أنفسهم أكثر من اعتمادهم على المعلم، وهنا ينبغي تقديم الخدمات لهم، عن طريق التعليم عن بُعد بشكل مباشر وفردي.

صعوبات

وعن الصعوبات التي يمكن أن تواجه هذه الفئة من الطلبة والأسرة في التعلّم عن بُعد في هذه المرحلة الاستثنائية، تشير النويس، إلى أن بعض الأسر لا يوجد إرسال جيد للإنترنت في منازلها، كما يصعب عليها فهم لغة التكنولوجيا، واستخدام الحاسوب لفتح الرابط المرسل إلى طفلها. وبعض الأسر، لا تتوافر لديها طابعة في البيت لطباعة المطلوب، لتعليم طفلها ومتابعة حل الواجبات مع المعلم، ولا توجد رقابة كافية من بعض الأهالي، حيث يترك الطفل بمفرده، يتلقى دروسه عن بُعد. وبعض أولياء الأمور ليسوا متعلمين، ولديهم صعوبة في فهم المطلوب، وبعضهم لا يمتلكون الوقت الكافي لمتابعة أطفالهم، ويعتمدون على المعلم بشكل كامل، أو المعلم الخصوصي. وقد أعرب أولياء أمور كُثر عن عجزهم في شرح الدروس وحل التمارين مع أبنائهم، الأمر الذي كشف عن أهمية المعلم الخصوصي، ورفع قيمة خدماته، ما أدى إلى زيادة معاناة الأسرة مادياً.

إهمال وعدم سيطرة

ترى مديرة مركز «تعليم»، أنه تتوجب إعادة النظر في إمكانية تأهيل مدرسين أكفاء، لسدّ ثغرات التعلم عن بعد حيث تبين أن هناك شكاوى كبيرة من تدني مستوى الطفل بسبب التعلم عن بُعد، وذلك يتوقف لأسباب عدة أولها عدم قدرة المدرس على السيطرة على عدد الأطفال أثناء الدرس، وإهمال الأطفال ذوي صعوبات التعلم، لكثرة العدد، وعدم مراعاة احتياجات طالب من هؤلاء، وعدم توافر دروس تعطى بشكل فردي لهم عن بُعد، فيصبح الطفل والأهل في ضياع، ما زاد عدد اكتشاف هؤلاء الأطفال، عبر التعلّم عن بُعد (الجماعي).

حلول

وتقدم النويس بعض الحلول لرفع المعاناة عن هذه الفئة، من الأبناء وأسرهم، منها التأكد من اتصال الأجهزة بالإنترنت، ودعم الأم لطفلها والبقاء معه، لمنعه من أن يتشتت بأي أمر، وضرورة تواصل الأسرة مع المعلم، لفهم حالة طفلها وكيفية التعامل مع قدراته، والجلوس معه ومراجعة الدروس، بعد الانتهاء من الحصة، ليعرف أهمية ما شرحه المعلم، حيث إن ذلك يساعده على أخذ التعلم عن بُعد، بمحمل الجد وزيادة التركيز.

وتشير النويس، إلى أن بعض الطلبة لايأخذون جلسات التعلم عن بُعد محمل الجد، لأنهم مقتنعون بأن منازلهم للراحة واللعب فقط، والمدرسة هي المكان الوحيد للتعلم. أو أنهم معتادون على أن الأجهزة المستخدمة للتعلم عن بُعد (الآيباد، الحاسوب) هي فقط للتسلية واللعب، وهنا يأتي دور الأهل بإلزام الطفل بوقت التعلم والتمييز بين وقت اللعب والتعلم.

أسلوب حياة

يؤكد الاستشاري التربوي والأسري خالد المنصوري، أن التعلم عن بُعد، استعدت له دولة الإمارات وبكفاءة عالية سبقت هذه الجائحة، حيث قدمت الدولة للعالم نموذجاً في الاستعداد، أدى إلى حماية التعليم لأبنائها، وأصبح واقعاً حياً يعكس الاستمرارية والتطور، وأسلوب حياة مختلفاً يتمكن به الطالب من أن يمارس دوره التعليمي، دونما أي شعور بالفارق الكبير. مشيراً إلى أن التعلم عن بُعد كان واقعاً الزامياً تعرضنا له، ولكن استطاع الطالب من ذوي صعوبات التعلم، الاعتماد على نفسه واستطاع أن يطور من قدراته ومهاراته بشكل مباشر وبتركيز كبير، عبر معلمين يقومون على خدمته.

كلاهما الأفضل

عن التعلم الواقعي والافتراضي في المدارس لطلبة صعوبات التعلم، يقول المنصوري إن النموذجين يزيدان من قدراتهم الاجتماعية وتحصيلهم الاجتماعي، حتى ينخرطوا في المجتمع.

أولوية

تقول هدى ربيع، اختصاصية التربية الخاصة: على الرغم من أن الحالة الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب فيروس «كورونا»، إلا أن دولة الإمارات لم تقف مكتوفة الأيدي، بل كانت بقدر التحدي، حيث تقدمت على الأمم واحتلت المراتب العالمية في التصدي لتلك الجائحة بقوة، وتمكنت بجميع مؤسساتها، لا سيما وزارة التربية والتعليم، التي تصدت لها بأفضل البرامج وأحدث التقنيات وامتلاك أدوات التكنولوجيا.

ففقدان الحرية

تقول الاختصاصية النفسية لبنى المنصوري، في مدرسة «التفوق» للتعليم الأساسي، إن الجائحة خلقت منعطفات وصعوبات تجاه الحقّ في التّعليم، ففقدان الحرية في التنقل بسبب الانغلاق القسري، الذي كانت له تأثيرات سلبية من أبرزها القلق والحزن والتوتر والانفعال، وربما أكثرها إثارة للقلق، هو أن الأزمة تهدد التعليم لفئات محددة من الطلبة أكثر من غيرهم، وهم ذوو صعوبات التعلم والاحتياجات الخاصة.

متابعة مستمرة

عمر الجنيبي، اختصاصي اجتماعي، يقول: إن أزمة «كورونا» كانت صعبة على الجميع، خاصة على الأسر التي لديها تلاميذ يعانون صعوبات التعلم، وبانتقال التعليم من الواقعي إلى الرقمي، عانى الكثير من الأمهات والآباء، مشكلات تمثلت في كيفية التعامل مع وسائل التقنية الحديثة، إلا أن هؤلاء قدموا تضحيات كبيرة في سبيل أن يتفوق الأبناء في دراستهم عن بُعد.

تعلمنا الكثير

تلفت سارة الحمادي، ولية أمر، إلى أن أزمة «كورونا» لها بُعد إيجابي وتعلمنا اليوم أشياء كثيرة، منها أن الآباء والأمهات بحاجة إلى أن ينخرطوا مع أبنائهم ويتطوعوا في المدارس ويشاركوا المعلمين ما يمتلكون من مهارات في العملية التعليمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"