عادي
شخصيات

نيلِّي بلاي.. أول مراسلة صحفية في أمريكا

22:45 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود
الدهشة والتحدي هما العنوان العريض لسيرة حياة وقصة نضال وكفاح وثق لها الكاتب والصحفي الإيطالي نيكولا أتاديو، من خلال كتاب حمل عنوان «حيثُ تولدُ الرِّيح -سيرة حياة نيلِّي بلاي»، وهو يحكي بطريقة أقرب إلى السرد الروائي والتقصي الصحفي، قصة امرأة مختلفة، عملت أول مراسلة صحفية في الولايات المتحدة الأمريكية، ووصفت بالشجاعة والذكاء، وآمنت أن الكتابة يمكن أن تبقي الناس متحدين وتسهم في تغيير العالم إلى الأفضل، ويغوص الكتاب عميقاً في تلك الحيوات الثرية والمتعددة للصحفية «نيلي بلاي(1864 1922).

1
نيلِّي بلاي

ينفتح الكتاب على مشهد تلك الفتاة الشجاعة التي تجرأت وطلبت أن تعمل كمراسلة صحفية، ففي سبتمبر من عام 1887، قرعت فتاة باب السيد جون كوكريل، مدير صحيفة «ذا نيويورك وورلد» التي يملكها الناشر جوزيف بوليتزر، وطلبتْ منه أن تكون مراسلة صحفية، وكان ذلك الأمر بالنسبة لرئيس التحرير غريباً جداً، ولكنه أعجب بجرأتها، وكان اسم الفتاة هو «إليزابيث كوكران»، وتبلغ من العمر حينها 23 عاماً، والواقع أنه قد كانت للفتاة تجربة صغيرة في كتابة المقال لصحيفة «أنباء بيتسبرغ» تحت الاسم المستعار «نيلِّي بلاي»، ولم يكن أحد قد سمع من قبل بمراسلةٍ صحفية امرأة، ولكن عملها السابق في الكتابة تحت ذاك الاسم المستعار، عن ملجأ شهير للنساء في مدينة نيويورك، أقنعَ كلاً من كوكريل وبوليتزر، بأن تحصل إليزابيث على العمل، وأقبلت على الحياة الصحفية بنهم شديد لدرجة أنها قد أنجزت تقريراً استقصائياً مهماً، وأصبحت فيما بعد كابوساً حقيقياً للسياسيين والمتطرفين، وتسافر حول العالم.

المكانة والشهرة اللتان حققتهما بلاي، كانتا بفضل المواضيع الصحفية التي اختارتها والتي تعبر عن قضايا المهمشين والمقصيين، حيث نجحت بصورة كبيرة في تمثيل الفتاة الأمريكية الفقيرة التي تبحث عن فرصة عادلة في الحياة، وكذلك المرأة التي تصارع بلا كلل ولا ملل من أجل الحصول على حقوقها في أي مكان في العالم، في وقت كان الكثيرون يرون أن المكان الأفضل والأمثل للنساء هو العمل بالبيت، وتلك قضية تعتبر راهنة، لذلك فإن الكتاب يعتبر بلاي، واحدة من الرائدات المرموقات في قضية الحقوق وعمل النساء، وقد ركزت بالفعل على أن تعبر عن حياة النساء العاملات سواء عبر كتاباتها في صحيفة «أنباء بيتسبرغ»، أو عملها كمراسلة في جريدة «ذا نيويورك وورلد»، التي كتبت عبرها سلسلة من التحقيقات ذات الطابع الاستقصائي حول حياة الفتيات في بيئة العمل في المصانع، وقد وجدت تلك الكتابات صدىً كبيراً في ذلك الوقت، وأزعجت أصحاب المصانع بصورة كبيرة، لدرجة أنهم قدموا شكاوى ضدها للصحيفة، التي استجابت وعملت على إعادة تعيين بلاي في الأقسام والصفحات المتخصصة في الموضة.

أصاب قرار الصحيفة بلاي، بالغضب الشديد، لكنه لم يهزم فيها روح التحدي، فقررت أن تشد الرحال إلى المكسيك من أجل أن تواصل مهنتها وهوايتها والعمل كمراسلة أجنبية، وصممت على أن تفعل شيئاً لم تفعله فتاة من قبل، وبالفعل، قضت في المكسيك قرابة نصف العام منهمكة في إعداد تحقيق استقصائي عن حياة وتقاليد الشعب المكسيكي، وهو العمل الذي توجته بمؤلف حمل عنوان «ستة أشهر في المكسيك»، واستطاعت بالفعل أن تحقق الكثير من الإنجازات والنجاحات المهنية خلال تلك الفترة، ولكن المشاكل تأبى أن تبتعد عن بلاي، ففي إحدى التحقيقات التي قامت بإعدادها، احتجت على اعتقال صحفية محلية بسبب انتقادها للحكومة المكسيكية، ولم تكتف بهذا الموقف المتضامن مع زميلتها، بل وسعت من الأمر بأن قامت بانتقاد نظام الحكم الذي كان يقوده بورفيريو دياث، الأمر الذي جلب عليها السخط إلى حد أن هددتها السلطات بالاعتقال إن هي أصرت على السير في هذا الطريق، مما دفعها إلى الفرار من المكسيك.

الكتاب يقدم عصارة تجربة لصحفية وكاتبة استطاعت أن تقدم الكثير للبشر، حيث صارت قصتها نموذجاً للكفاح والصمود، كما يتناول الكتاب الكثير من آراء بلاي في الفكر والسياسة والثقافة، والتي عبرت عنها في عدد من المؤلفات التي كتبتها من وحي عملها في التحقيقات الاستقصائية في أماكن كثيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"