عادي
29 % من سوق القمح العالمي في بؤرة النزاع

أزمة أوكرانيا وتداعيات «سلة الخبز» الأوروبية.. ألمانيا أكبر المتضررين

22:12 مساء
قراءة 5 دقائق
رافعات في ميناء ماريوبول التجاري في الساحل الجنوبي لبحر آزوف شرقي أوكرانيا (أ.ب)

إعداد: هشام مدخنة

من المنتظر أن ترتفع أسعار النفط والغاز بشكل أكبر مع تصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، لكن من المؤكد أن تداعيات قطاع الطاقة لن تكون الوحيدة في ميدان الخلاف الحاصل وارتداداته الدولية. فمن القمح إلى الشعير، مروراً بالنحاس والنيكل، يتوقع محللون أن تتعطل سلاسل التوريد العالمية وسط جنوح الأزمة إلى الأسوأ على ما يبدو. فالبلدان يعدان من كبار الموردين للمعادن والسلع الأخرى.

قال آلان هولاند، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة التكنولوجيا وتعقب المصادر «كيلفار»: «إن أوكرانيا بمثابة سلة خبز أوروبا، وسيؤدي غزوها إلى تضرر سلسلة التوريد الغذائية بشدة».

وكانت التوترات بين روسيا وأوكرانيا قد وصلت إلى ذروتها في الأيام القليلة الماضية؛ حيث أمر الرئيس فلاديمير بوتين، قواته بالانتشار داخل منطقتين انفصاليتين مواليتين لروسيا في شرقي أوكرانيا، دونيتسك ولوغانسك، واعترف الكرملين رسمياً باستقلالهما. ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الثلاثاء تصرفات روسيا بأنها بداية غزو لأوكرانيا.

في خضم التطورات الحاصلة، نستعرض هنا جانباً من الخطر المحدق وتأثيره اقتصادياً؛ إذ ما حدث نزاع عسكري أو فرض عقوبات رادعة.

الأمن الغذائي

تعد أوكرانيا منتجاً خصباً للقمح والشعير وحبوب الجاودار التي تعتمد عليها كثير من دول أوروبا والعالم، كما أنها منتج كبير أيضاً للذرة.

وبحسب هولاند، فإنه على الرغم من أن موسم الحصاد لا يزال بعيداً بضعة أشهر، فإن الصراع المطول من شأنه أن يؤدي إلى نقص الخبز وزيادة الأسعار هذا الخريف.

في الواقع، لن يكون الاتحاد الأوروبي هو المتضرر الوحيد، فالعديد من الدول في الشرق الأوسط وإفريقيا تعتمد أيضاً على القمح والذرة الأوكرانيين، وقد تؤثر الاضطرابات بالإمداد في الأمن الغذائي لتلك المناطق، بحسب دون تيورا، رئيسة مجموعة «سورسينج إندستري».

وقالت تيورا: «تعد الصين أيضاً أحد أهم المستفيدين من الذرة الأوكرانية، خصوصاً بعد أن حلت الأخيرة محل الولايات المتحدة كأكبر مورد للذرة إلى الصين في عام 2021».

وفي السياق، ارتفعت أسعار القمح والذرة بالفعل، وقفزت العقود الآجلة للقمح والمتداولة في شيكاغو بنحو 12% منذ بداية هذا العام، في حين ارتفعت العقود الآجلة للذرة بنسبة 14.5% عن نفس الفترة. كما شهدت معدلات التضخم الغذائي ارتفاعاً قد يتفاقم إذا ما نشب نزاع مسلح.

بدوره قال بير هونج، من شركة الاستشارات «كيرني»: «سيتفاقم ارتفاع أسعار المواد الغذائية عندما يقترن بصدمات أسعار مواد أخرى، خاصة إذا استولى الموالون للروس على المناطق الزراعية الأساسية في أوكرانيا».

وأشار هونج إلى أن روسيا هي أيضاً أكبر مصدر للقمح في العالم. وبأنها، جنباً إلى جنب مع أوكرانيا، تمثل نحو 29% من سوق تصدير القمح العالمي.

علاوة على ذلك، فإن أي اضطرابات في إمدادات الغاز الطبيعي، على اعتبار أن روسيا كانت أكبر مورد للمادة مع النفط إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي، ستؤثر بدورها في دورة إنتاج السلع كثيفة الاستهلاك للطاقة كالأسمدة، وهذا من شأنه أن يلحق الضرر بالقطاع الزراعي أكثر. ولا ننسى أن الأسمدة قد عانت بالفعل من نقص في المعروض العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

المعادن والمواد الخام

زادت أوكرانيا من صادراتها بشكل مطرد على مر السنين، وهي الآن مزود ضخم للمواد الخام والمنتجات الكيماوية وحتى الآلات مثل معدات النقل، إضافة إلى دورها الرئيسي في توريد المعادن والسلع الأخرى إلى العالم. وتسيطر روسيا على حوالي 10% من احتياطيات النحاس العالمية، وهي منتج مهم كذلك للنيكل والبلاتين.

والنيكل هو مادة خام رئيسية تستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية، والنحاس، الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه عامل اقتصادي محوري، يُستخدم هو الآخر بكثافة في تصنيع الإلكترونيات وبناء المنازل.

وتصدر روسيا عدداً من العناصر المهمة في صناعة التكنولوجيا الحديثة والمحركات النفاثة والسيارات والأدوية، كما تعتمد الرقائق الأمريكية اعتماداً كبيراً على مصادر ال«نيون» الأوكرانية، وهو عنصر حاسم في الليزر المستخدم في صناعة أشباه الموصّلات. لكن مع قرع طبول الحرب الأسبوع الماضي، وحشد القوات الروسية فلولها على الحدود، انخفضت قيمة العملة الأوكرانية، مما زاد كلف الصادرات.

التأثير على ألمانيا

في حين أن معظم دول الاتحاد الأوروبي ستتأثر بالأزمة المتصاعدة، فإن ألمانيا ستكون الأكثر تضرراً بشكل خاص.

وكما قال أتول فاشيستا، رئيس مجلس إدارة شركة معلومات مخاطر سلسلة التوريد «سبلاي ويسدوم»، فإن ألمانيا تستمد معظم احتياجاتها من الطاقة للتصنيع وتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي الذي تحصل عليه من روسيا.

أسعار الحبوب تحلّق.. ومخاوف من شلل الإمدادات

قفزت العقود الآجلة للقمح والذرة في الأسواق العالمية يوم الخميس، في حين صعد فول الصويا إلى أعلى مستوى منذ 2012، بعد بدء العمليات العسكرية الروسية داخل الأراضي الأوكرانية. وارتفعت أيضاً أسعار القمح لليوم الثالث محققة أعلى مستوى لها في أكثر من 9 سنوات، بينما صعدت الذرة إلى أعلى مستوى لها في 8 أشهر.

ونظراً لأن روسيا وأوكرانيا تنتجان نحو 29% من صادرات القمح العالمية، و19% من إمدادات الذرة، و80% من صادرات زيت دوار الشمس، كان التجار قلقين من أن أي تحركات عسكرية يمكن أن تؤثر في حركة هذه المحاصيل، وتؤدي إلى تدافع كبير من قبل المستوردين للحصول على الإمدادات في منطقة البحر الأسود.

وتورّد روسيا قمحاً إلى جميع الأطراف الرئيسية في العالم، وتركيا ومصر هما أكبر المستوردين.

ويأتي ذلك في وقت قال فيه مسؤولون وخمسة مصادر في قطاع الحبوب، الخميس، إن روسيا علقت حركة السفن التجارية في بحر آزوف حتى إشعار آخر، لكنها أبقت موانئها في البحر الأسود مفتوحة أمام الملاحة.

وأجاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس، تنفيذ «عملية عسكرية خاصة» في أوكرانيا للقضاء على ما وصفها بالتهديدات الخطرة، قائلاً، إن الهدف نزع سلاح جارة بلاده الجنوبية.

وتشحن روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، حبوبها أساساً من موانئ البحر الأسود.

وقال مصدر في قطاع الحبوب ل«رويترز» مشترطاً عدم نشر هويته: «جميع السفن متوقفة (في بحر آزوف)».

وقال سفير أوكرانيا لدى أنقرة، الخميس، إن بلاده طلبت من تركيا إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل أمام السفن الروسية.

وارتفعت عقود القمح الأكثر نشاطاً في بورصة شيكاجو للتجارة لشهر مايو/أيار بنسبة 5.7% إلى 9.34 دولار ل3/4 البوشل (مكيال للحبوب)، والذي يُعد أعلى سعر منذ يوليو 2012.

وارتفع كذلك سعر الذرة 4.7% إلى 7.13 دولار للبوشل، بعد أن وصل إلى الحد الأعلى عند 7.16 دولار، وهو الأعلى منذ العاشر من يونيو/حزيران، فيما حقق فول الصويا لمايو زيادة بنسبة 1.6%، حيث بلغ سعر البوشل 16.97 دولار، متقدماً للجلسة السادسة.

وكان في وقت سابق قد سجل أعلى مستوياته منذ سبتمبر 2012 عند 17.19 دولار. أما في أقصى الشرق في الصين، فقد ارتفعت العقود الآجلة لطحين الصويا إلى مستوى قياسي، حتى مع خطط الحكومة للتحرير من الاحتياطي نتيجة للمخاوف من نقص الإمدادات.

(وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"