انتخابات على وقع الحرب

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

قبل أقل من شهر على ذهاب الفرنسيين إلى صناديق الاقتراع في العاشر من إبريل/ نيسان المقبل لانتخاب رئيس جديد لهم، في مرحلة أولى تعقبها جولة ثانية في 24 من الشهر نفسه، وجد الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه في مواجهة 11 مرشحاً صادق عليهم المجلس الدستوري بعد أن جمعوا التواقيع اللازمة لخوض الانتخابات.

لكن فرنسا كلها وجدت نفسها، كما هي الحال بالنسبة لأوروبا والغرب عموماً، تعيش تحت ظلال الأزمة الأوكرانية، التي تنعكس بشكل أكثر حدة في فرنسا لتزامنها مع الانتخابات الرئاسية. 

 في ظل هذه الأجواء، انضم ماكرون إلى قائمة المستفيدين من هذه الأزمة، مثل الكثيرين من القادة الأوروبيين، وأبرزهم بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، الذي كان على وشك السقوط جراء الفضائح التي تحيط به، لكنه الآن يقف أمام فرصة قد تمكنه من لعب دور تاريخي باتخاذه المواقف الأكثر تشدداً حيال تلك الأزمة، لنيل رضى البريطانيين ومسامحته على تلك الفضائح.

 بالنسبة لماكرون، فإن الأمر مختلف تماماً، إذ إنه كان حتى قبل اندلاع الحرب الأوكرانية، يطمح لإعادة بناء القوة الأوروبية وتعزيز سيادتها واستقلال قرارها مع توليه رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، وتكريس نفسه زعيماً أوروبياً بامتياز في ظل غياب منافسين حقيقيين خصوصاً بعد «ترجل» المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل. وبالتالي فإن ماكرون الذي يطمح إلى الجمع بين رئاسة فرنسا لولاية ثانية ورئاسته للاتحاد الأوروبي، كان يتصرف بمنطق رجل الدولة والزعيم القادر على مواجهة الأزمات، ولهذا فقد ترك مساحة واسعة للدبلوماسية والحوار، وأبقى قنوات التواصل مفتوحة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

 وعلى الرغم من انضمامه للعقوبات الغربية على روسيا، إلا أنه ظل يحافظ على موقف فرنسي متميز وعلى مسافة معينة من المواقف الأمريكية، ومع ذلك فقد كان له رأي مسموع لدى معظم الزعماء الغربيين. بهذا المعنى يمكن القول أيضاً إن ماكرون واحد من المستفيدين جراء الأزمة الأوكرانية، فقد بقي حتى اللحظات الأخيرة لتقديم أوراق ترشيحه، وقدم نفسه في رسالة للفرنسيين على أنه الرجل الذي يعمل على مواجهة التحديات، متعهداً بتعزيز فرنسا وأوروبا في وجه تراكم الأزمات، وطالباً منهم إعادة انتخابه لولاية ثانية «لكي يستحدث معهم ووسط تحديات هذا القرن، استجابة فرنسية وأوروبية فريدة». وللدلالة على انخراطه في العمل على حل الأزمات توجه للفرنسيين بالقول: «بطبيعة الحال لن أتمكن من تنظيم حملة كما كنت أتمنى بسبب الظروف» في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا. 

 هكذا وجد ماكرون نفسه ضمن 12 مرشحاً للانتخابات الرئاسية، هم 6 رجال و4 نساء، بزيادة مرشح واحد عن انتخابات عام 2017، لكن مساعيه الدبلوماسية النشطة منحته 4 إلى 5 نقاط مئوية في نحو أسبوع، مسجلاً في أحدث استطلاعات الرأي ما نسبته 30.5 % من نوايا التصويت وسط توقعات بأن يتقدم في الدورة الأولى بفارق كبير عن كل منافسيه وأن يفوز في الدورة الثانية المقررة في 24 إبريل/ نيسان المقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"