عادي
طوّره باحثون من جامعة خليفة في أبوظبي

جهاز لتصفية مياه الصرف الصحي مستوحى من خياشيم الأسماك

00:59 صباحا
قراءة 4 دقائق
جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا

أبوظبي: عبد الرحمن سعيد

طوّر فريق بحثي من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي جهازاً جديداً مستوحاة فكرته من خياشيم الأسماك بهدف تصفية مياه الصرف الصحي التي تحتوي على الجزيئات البلاستيكية الدقيقة وقطرات الزيت التي تعد من أكبر التحديات التي تواجه عمليات معالجة مياه الصرف الصحي وضبط تلوث المحيطات، وتم طباعة الهياكل على شكل الخياشيم مباشرة على سطح الغشاء، حيث يضم الجهاز النهائي جميع المكونات الوظيفية للمرشح.

وضم الفريق البحثي كلاً من البروفيسور تيجون تشانج، أستاذ الهندسة الميكانيكية، والدكتورة هونجتشيا لي، زميل أبحاث الدكتوراه، والباحثة الدكتورة أيكيفيا رضا، والدكتور فيصل المزروعي، الأستاذ المساعد في الهندسة الكيميائية، وشاوجون يوان من جامعة سيشوان، ونيكولاس فانج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

الأداء الاستثنائي

وقالت الدكتورة لي: «لقد طورنا جهاز ترشيح للموائع الدقيقة، وعندما اختبرناه ضد المياه الزيتية ومياه الصرف التي تحتوي على الجزيئات البلاستيكية الدقيقة، وجدنا أن الأداء الاستثنائي لمكافحة الأوساخ لغشاء هيكل خياشيم الأسماك يأتي من سلوك التدفق الفريد لفطيرة الزيت والجسيمات البلاستيكية الدقيقة أثناء عملية الترشيح. عندما يقترب الماء الذي يحتوي على القطرة أو الجسيم من أحد الهياكل الخيشومية، تتسبب القوى المؤثرة في الماء بارتداد القطرة أو الجسيم بعيداً، وبالتالي يتم تجنب قطرات الزيت أو اللدائن الدقيقة التي تلوث سطح الغشاء».

وأضافت: وبهذه الطريقة، وعلى الرغم من أن حجم القطرة أو الجسيم أصغر بكثير من الفجوة بين بنيتين خيشوميتين متجاورتين، فإن القطرة أو الجسيم لا يمكنهما المرور عبر الفجوة ويبقيان في التدفق الرئيسي للمياه، وهذا يعني أن الماء النظيف فقط هو الذي يمر عبر الغشاء ولا ينسدّ جهاز الترشيح بالملوثات.

ولفت الباحثون إلى أن الجهاز يعمل بالمحاكاة الحيوية على الرقاقة لتنظيف مياه الصرف الصحي من الجزيئات البلاستيكية الدقيقة وقطرات الزيت، ويعد هذا الجهاز خالياً من المواد الكيميائية ويستخدم طريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد على الغشاء لتطوير جهاز واحد يحاكي الشكل والمساحة السطحية العالية لخياشيم الأسماك على المستوى المجهري.

وأوضح الفريق البحثي أن الترشيح بالغشاء يعد أسلوباً مستخدماً على نطاق واسع وتشمل تطبيقاته قطاع الطب الحيوي والعلوم البيئية وغيرها، وتشهد عملية تنقية المياه بهذه الطريقة مرور المياه النقية عبر الغشاء، بينما يتم إيقاف الملوثات مثل الجزيئات البلاستيكية الدقيقة، وقطرات الزيت، والملوثات الأخرى القابلة للذوبان بوساطة الغشاء، وقد تتراكم بعض الملوثات على سطح الغشاء أو تنحصر فيه، ويشكل هذا الحصر أبرز مشكلة في الترشيح الفعال للمياه، إذ يصبح الغشاء مسدوداً بمرور الوقت بسبب الجزيئات المنفصلة.

وبيّنوا أن معظم الحلول لمشكلة انسداد الغشاء تركز على تطوير مواد جديدة أو تعديل سطح الغشاء باستخدام أكاسيد معدنية ومواد تحفيز ضوئي لصد الملوثات والحفاظ على سلامة الغشاء، وقد تكون مثل هذه الأساليب الكيميائية فعالة وسهلة التنفيذ، ولكنها تثير مخاوف بيئية حول استخدامها في الطبيعة، وتعد المحاكاة الحيوية طريقة التصميم الأمثل التي تتعرف إليها الطبيعة، إذ يدرس الباحثون النماذج الطبيعية المعتادة ويستخدمونها للوصول إلى حلول تلبي احتياجات الإنسان.

وأشاروا إلى أن أنواعاً عديدة من الأسماك تتغذى من خلال تصفية جزيئات الطعام في كميات كبيرة من المياه بدون أن يتسبب ذلك في انسداد مرشحاتها الفموية، حيث تحتوي أفواه الأسماك على هياكل تسمى الخياشيم التي تعمل بنفس طريقة مصفاة «السباغيتي» أو مرشح القهوة، حيث يتم دفع الماء عبر مسام الفلتر وحصر الجسيمات المرغوبة.

نمذجة السطح

وقال البروفيسور تشانج: يمكن أن تؤدي نمذجة السطح وإنشاء الهياكل الطوبولوجية على أسطح الأغشية إلى معالجة الديناميكا المائية المحلية ومنع انسداد الغشاء، وعندما تتوفر هياكل سطحية مصممة بشكل صحيح، يمكن التحكم في تدفق المياه بالقرب من سطح الغشاء لمنع ترسب الجزيئات التي قد تسد الغشاء، لذا فإن هندسة السطح هي مفتاح الحل.
الطباعة ثلاثية الأبعاد سهلت عملية التصنيع

قال البروفيسور تشانج: «أظهرت الهياكل السطحية المختلفة مثل الأخاديد والأشكال الهرمية خصائص مضادة للاتساخ، وتوفر خياشيم الأسماك هذه الهياكل ولكنها معقدة بشكل ملحوظ ولا يمكن محاكاتها إلا من خلال تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، ولقد أدت التطورات الحديثة في الطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام تقنية «ستيريوليثغرافي»، إلى تسهيل عملية تصنيع هياكل معقدة على المستوى المجهري، ولكن لا يزال من الصعب تصنيع هذه الهياكل والأغشية السطحية ذات المسام «النانومترية» في خطوة واحدة، ويتوجب عادةً تصنيع الغشاء النانوي المسام بشكل منفصل، وبفضل تقنية الطباعة المباشرة الجديدة على الغشاء التي يستخدمها فريق الباحثين، يمكن دمج غشاء الترشيح وهياكل الأسطح المعقدة كجهاز متعدد الإمكانات، ما يجعله الأول من نوعه لأغراض الترشيح، وقد تم تسجيل براءة اختراع لهذه التقنية من أجل تسويقها تجارياً».

وتتنوع التطبيقات المحتملة للطباعة على الأغشية، حيث تعد الأغشية على الموائع الدقيقة من أهم هذه التطبيقات، وبفضل تكاملها مع مجموعة واسعة من المواد والتشكيلات وخيارات التصميم، فإن أجهزة أغشية الموائع الدقيقة الجاهزة للاستخدام يمكن تعديلها بسهولة لاستخدامها في تطبيقات ناشئة أخرى في قطاعات الطاقة والكيمياء والهندسة الحيوية والتطبيقات الطبية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"