عادي
توقع تحسن الحسابات الخارجية لدولة الإمارات

«صندوق النقد» يدعو دول المنطقة لتسريع الإصلاحات وتحسين العدالة الضريبية

18:40 مساء
قراءة 8 دقائق
جهاد أزعور خلال الجلسة الصحفية
دبي: أنور داود
أكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، استمرار تعافي المنطقة بسرعات متعددة في عام 2022، مع استمرار استفادة النشاط في البلدان المصدرة للنفط من ارتفاع أسعار الطاقة، بينما تباطأت وتيرة التوسع في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل نظراً لما تواجهه من صدمات عميقة في معدلات التبادل التجاري، وارتفاع في فروق العائد على السندات السيادية، وتآكل فرص الوصول إلى التمويل السوقي.
وتوقع تقرير صندوق النقد الدولي أن يحقق منتجو النفط الخام على وجه الخصوص مكاسب تراكمية غير متوقعة تبلغ نحو تريليون دولار بين عامي 2022 و 2026، والتي يمكن أن توظّفها الدول المصدرة للنفط مثل دولة الإمارات لمواصلة الاستثمار في المشاريع التي تدعم النمو الاقتصادي في المستقبل.
وبحسب التقرير، فإنه من المتوقع أن تتحسن الحسابات الخارجية للدول المصدرة للنفط ومن بينها الإمارات بين عامي 2022-2023 حيث تظل أسعار موارد الطاقة أعلى بكثير من مستوياتها في الفترة بين عامي 2020-2021. ومن المقرر أيضاً أن تتحسن الأرصدة المالية الأولية غير النفطية مع توقع استمرار معظم دول مجلس التعاون الخليجي في الاحتفاظ بحصة كبيرة من عائداتها النفطية.
جاء ذلك خلال فعالية استضافها مركز دبي المالي العالمي، وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي وهو أول حدث يُنظم بحضور شخصي مُباشر منذ ثلاث سنوات، لإطلاق تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لشهر أكتوبر 2022 لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
نمو الناتج في 2022
وكان صندوق النقد الدولي رفع توقعاته لنمو اقتصاد دولة الإمارات للعام الجاري 2022 إلى 5.1% مقارنة بتوقعات شهر إبريل الماضي المقدرة بنحو 4.2%، وتوقعاته للنمو في عام 2023 إلى 4.2%، مقارنة بـ 3.8% في السابق.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2022 في جميع أنحاء المنطقة بنسبة 5%، في زيادة ملحوظة بالمقارنة مع نمو بنسبة 4.1% في عام 2021، إذ استمر التعافي في النصف الأول من العام بوتيرة متغيرة. ومن المتوقع حالياً أن يبلغ النمو في عام 2023 ما نسبته 3.6%.
وفي المقابل، تواجه البلدان المستوردة للنفط صدمة عميقة في أسعار التبادل التجاري، وفروقات كبيرة في العائد على السندات السيادية إضافة إلى تراجع الحضور في السوق. ومع ذلك، تساعد التدفقات القوية من التحويلات وعائدات السياحة المتنامية على تعويض أي تأثيرات معاكسة محتملة في بعض هذه البلدان.
كما يلفت التقرير الانتباه إلى أنه مع وجود العديد من التحديات وأبرزها تباطؤ النمو والمخاطر العالية والتي تزيد من إمكانية استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية وبالتالي زيادة انعدام الأمن الغذائي والأعباء المالية المترتبة على ذلك، حيث إن التضخم يُعد أوسع نطاقاً وأن الحد منه أكثر تكلفة مما هو متوقع، كما أن الظروف المالية المشدّدة ينتج عنها ارتفاع في ديون الخدمة الحكومية وبالتالي تفاقم ديناميكيات الديون.
  • توصيات
ويوصي صندوق النقد الدولي البلدان بالعمل على الحد من أزمة تكلفة المعيشة، وتعزيز المرونة وآفاق النمو، والشروع في تنفيذ مجموعة متنوعة من الإصلاحات الهيكلية. ويشمل ذلك استكمال إصلاحات دعم الطاقة بالتزامن مع تحسين شبكات الأمان الاجتماعي التي ستكون أساسية لبناء القدرة على الصمود في مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية. لقد أصبح من الأهمية بمكان تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية كإزالة الحواجز أمام الشركات الخاصة، وسن وتنفيذ الإصلاحات التي تقلّل من الإجراءات غير الرسمية، وتحسين العدالة الضريبية، والاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية القادرة على التكيف مع التغيرات المناخية، ما من شأنه أن يشكل عوامل مساعدة للحد من التأثيرات السلبية المحتملة في النمو وبالتالي تعزيز مستوى الإنتاجية. علاوة على ذلك، يعد تعزيز الأطر المالية متوسطة الأجل أمراً بالغ الأهمية لترسيخ الثقة في الاستدامة المالية.
  • رؤية مستقبلية
وقالت علياء الزرعوني، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات في سلطة مركز دبي المالي العالمي: «تعتبر شراكة مركز دبي المالي العالمي طويلة الأمد مع صندوق النقد الدولي بشأن تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي بمثابة دافع وحافز على التفكير لتقييم مكامن قوتنا والتحقق من فاعليتها لتمهيد الطريق للعمل معاً بهدف تطوير القطاع والاقتصاد ككل. ولقد ساعد تبني رؤية مستقبلية طموحة لتسريع ممكنات التنوع الاقتصادي في جعل دبي والإمارات نموذجاً يقتدى به في المرونة والوقوف في وجه الأزمات على صعيد المنطقة. ومع مواصلة دولة الإمارات الاستثمار في المشاريع الداعمة لمسيرة النمو الاقتصادي، لا يزال أمامنا الكثير للقيام به في المستقبل للارتقاء بمستقبل القطاع المالي».
  • أولويات
وقال جهاد أزعور: «تتمثل أولويات جميع البلدان على المدى القريب في الحفاظ على استقرار الأسعار أو العمل على تعديلها بهدف حماية الفئات الضعيفة، والاستجابة للأوضاع المالية المشدّدة حول العالم مع ضمان الاستقرار المالي والنقدي، وضمان أمن الغذاء والطاقة. بيد أن المشهد العالمي المتدهور، وسياسات الاقتصاد الكلي المتشددة، ومحدودية الحيز المُتاح على مستوى السياسات في العديد من البلدان تسلّط الضوء على الحاجة المُلحة للمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو الاقتصادي وإضفاء التحوّل في الاقتصادات لتصبح أكثر مرونة واستدامة وتنوعاً وشمولية».
  • دعم
ويواصل صندوق النقد الدولي التزامه تجاه المنطقة، حيث قدم الدعم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتمويل قدره 16.7 مليار دولار منذ عام 2020، وقام بتخصيص حقوق سحب خاصة بقيمة 42 مليار دولار لتعزيز الأصول الاحتياطية في المنطقة. كما قام صندوق النقد الدولي بتكييف مجموعة أدواته لتلبية الاحتياجات الناشئة للأعضاء من خلال تأسيس «الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة» المعني بمساعدة البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل المعرضة للمخاطر على بناء الصلابة اللازمة لمواجهة الصدمات الخارجية والتصدي للتحديات طويلة الأجل، بما في ذلك تغير المناخ. وبهدف المساعدة في معالجة أزمة الغذاء التي تواجه البلدان المعرضة للمخاطر، عزز صندوق النقد الدولي أيضاً تسهيلاته التمويلية الطارئة من خلال إنشاء نافذة جديدة لمواجهة صدمة الغذاء.
  • آفاق الشرق الأوسط
وأضاف جهاد أزعور: يفرض تفاقم الأوضاع العالمية عبئاً على الآفاق المتوقعة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولا يزال النشاط الاقتصادي صامداً حتى الآن، ولكن التضخم ارتفع بصورة مفاجئة على خلاف التوقعات السابقة، والمنطقة تواجه العديد من مواطن عدم اليقين الاستثنائي ومخاطر التطورات السلبية.
وأضاف: استمر تعافي المنطقة بسرعات متعددة في عام 2022، مع استمرار استفادة النشاط في البلدان المصدرة للنفط من ارتفاع أسعار الطاقة، بينما تباطأت وتيرة التوسع في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل نظراً لما تواجهه من صدمات عميقة في معدلات التبادل التجاري، وارتفاع فروق العائد على السندات السيادية، وتآكل فرص الوصول إلى التمويل السوقي.
  • نمو اقتصادات المنطقة
وقال أزعور إنه من المتوقع أن تحقق المنطقة نمواً بمعدل 5% في عام 2022، صعوداً من 4.1% في 2021. غير أن الأوضاع العالمية المتفاقمة ستكون عبئاً على الآفاق المتوقعة لعام 2023، حيث يتباطأ النمو إلى 3.6%. ومن المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في البلدان المصدرة للنفط 5.2% في عام 2022، صعوداً من 4.5 % في 2021. ومن المتوقع أيضاً أن يتباطأ النمو إلى 3.5% في 2023 بعد انحسار أثر خفض الإنتاج الذي قررته بلدان «أوبك بلس»، وانخفاض أسعار النفط، وتباطؤ الطلب العالمي.
وتابع: في ما يخص اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل، نتوقع نمواً بمعدل 4.9% هذا العام، صعوداً من 3.6% في 2021، ثم يتباطأ النمو إلى 3.9% في 2023. وفي الوقت ذاته، تعاني البلدان منخفضة الدخل تحت وطأة أسعار السلع الأولية المرتفعة، والتقدم المحدود في نشر اللقاحات، ومواطن الهشاشة المختلفة في كل بلد. ومن المتوقع أن يظل نموها ضعيفاً بمعدل 0.8% هذا العام.
  • التضخم عند 14.2%
وأوضح: على غرار الوضع في بقية بلدان العالم، استمر ارتفاع التضخم في كثير من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2022 وأصبح واسع النطاق، ما أدى إلى أزمة في تكلفة المعيشة لدى معظم البلدان. ومن المتوقع أن يبلغ التضخم الكلي في المنطقة 14.2% في المتوسط عام 2022 وأن يظل في حدود الرقمين في 2023 للعام الرابع على التوالي.
  • تحديات ومخاطر
وعن ما يواجه بلدان المنطقة من تحديات ومخاطر اقتصادية عالمية، قال أزعور: بعد إصابة الاقتصاد العالمي بصدمات متعددة، أصبح يواجه تحديات استثنائية لم تشعر بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتأثيرها الكامل بعد. والواقع أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل بقية أنحاء العالم، تواجه قدراً استثنائياً من عدم اليقين ومخاطر التطورات المعاكسة. فأسعار السلع الأولية المتشبثة بالارتفاع وانتشار مشكلة نقص الغذاء يزيدان من مخاطر انعدام الأمن الغذائي، والقلاقل الاجتماعية، والضغوط على المالية العامة. وزيادة تشديد الأوضاع المالية عن المستوى المتوقع تهدد بإحداث ضائقة تمويلية في الأسواق الصاعدة بالمنطقة وقد تتسبب في ميل ميزان المخاطر نحو عدم الاستقرار المالي والمديونية الحرجة في البلدان ذات الأوضاع المبدئية الأضعف. ويمثل اتساع نطاق التضخم مصدراً للقلق أيضاً، لأنه قد يتطلب سياسات أعمق لمكافحته، ما قد ينطوي على تكلفة تفوق المستوى المتوقع.
  • تكلفة المعيشة
وأضاف: بالتالي، فإننا في وقت يتطلب التحرك لتخفيف أزمة تكلفة المعيشة، مع الحفاظ على الاستدامة المالية وبناء الصلابة. وهذا هو أكثر الأولويات إلحاحاً على صعيد السياسات في كل بلدان المنطقة. ويستتبع هذا:
(1) استعادة استقرار الأسعار عن طريق تشديد السياسة النقدية في البلدان التي تشهد اتساعاً في نطاق التضخم أو حيث توجد دلائل على انفلات التوقعات التضخمية عن الركيزة المستهدفة.
(2) معالجة انعدام الأمن الغذائي من خلال جهود حاسمة لتعزيز الإنتاج الزراعي في الموسم المقبل عن طريق تأمين الحصول على الأسمدة والاستثمار في الزراعة القادرة على تحمل تغير المناخ.
(3) حماية الفئات الضعيفة مع ضمان الاستدامة المالية، عن طريق توجيه الدعم لمن يحتاجون إليه. وسيسهم هذا في مكافحة التضخم مع دعم التماسك الاجتماعي. ويمكن استخدام دعم الغذاء مؤقتاً في الحالات التي يتعذر فيها استخدام المساعدات الموجهة ويلوح فيها انعدام الأمن الغذائي في الأفق القريب. غير أنه يجب على البلدان أن تتجنب الدعم التنازلي والمكلف لأسعار الطاقة والإعفاءات الضريبية. وسيكون من الضروري إبقاء الدين في حدود مستدامة وقد يتطلب ذلك تسريع وتيرة الضبط المالي في البلدان ذات الحيز المالي المحدود.
  • تعظيم المنافع
وينبغي للبلدان المصدرة للنفط أن تعمل على تعظيم المنافع المتحققة من إيرادات النفط الاستثنائية عن طريق بناء هوامش الأمان وتجنب الإنفاق المساير لاتجاهات الدورة الاقتصادية، والحفاظ على زخم الإصلاح المالي، والتقدم في تنفيذ خططها لتنويع الاقتصاد.
ومع تدهور البيئة العالمية، وتشديد السياسات الاقتصادية الكلية، ومحدودية حيز المناورة من خلال السياسات في عدة بلدان، تزداد الحاجة الماسة للمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية من أجل تعزيز النمو الاقتصادي مع تحويل الاقتصادات لتصبح أكثر صلابة واستدامة وتنوعاً وشمولاً للجميع. وسيكون استكمال الطاقة بالتوازي مع تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي أمراً أساسياً لتحرير الموارد وتوجيهها إصلاحات دعم للتوسع في تغطية الحماية الاجتماعية. وسيساعد الاستثمار في كفاءة استخدام الطاقة على الحد من الاعتماد على استيرادها، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى الحد من التعرض لتقلبات أسعار النفط.
ومن الأولويات الأخرى لتعزيز النمو الاحتوائي والصلب إجراء إصلاحات لتحسين بيئة الأعمال، والحد من النشاط غير الرسمي، وتحسين العدالة الضريبية، والقيام باستثمارات في التكنولوجيا والبنية التحتية القادرين على تحمل آثار تغير المناخ.
  • سياسات مالية حذرة
ويشير التقرير إلى أنه بينما لجأت معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى الدعم المعمم للأسعار كما كان الحال في السابق، فقد فعلت ذلك على نطاق أضيق هذه المرة، ما يعكس محدودية الحيز المالي وتأثير الإصلاح السابق للدعم – وإن لم يتم استكماله بعد.. وإضافة إلى ذلك، فقد واصلت معظم البلدان المصدرة للنفط تطبيق سياساتها المالية الحذرة. وبالنسبة للمستقبل، سيكون من المهم لصناع السياسات في المنطقة أن ينظروا في اتخاذ تدابير تتسم بكفاءة التكلفة لمعالجة الضغوط الناجمة عن أسعار الغذاء والوقود المتزايدة والإصلاحات الداعمة للصلابة المالية، بما في ذلك الحد من الاعتماد على استيراد الوقود، قبل الدورة السلعية المقبلة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycknd552

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"